بازگشت

هزار مرتبه دريا


- سيد ابوالقاسم ميرمحمدي (شهاب)



طلوع فجر اميدي

تو آستانه ي مهري



سرود دلكش باران

تو آفتاب سپهري



شكفت نرگس چشمت

به بوستان شقايق



تويي ستاره ي تابان

به كهكشان حقايق



به دل نشست نگاهت

به گل نشست نگاهم



تويي فروغ فروزان

به شام تار و سياهم





[ صفحه 97]





امام مكتب عقلي

تو، اي يگانه ي دوران!



رسول مذهب عشقي

مدار بينش و برهان



مطهري و منزه

به نصر ايزد منان [1] .



انيس محنت و رنجي

امير بخشش و احسان



تو را، چه نام دهم من

شهيد زنده ي جاويد؟!



هزار مرتبه دريا

هزار مرتبه خورشيد




پاورقي

[1] اشاره به «آيه ي تطهير» در قرآن عزيز.


و من كلام له: في ذم الذين يقذفون الناس بالسباب و الشتم


من لم يبال ما قال و ما قيل فيه فهو شرك شيطان [1] ، و من لم يبال ان يراه الناس نسيا فهو شرك شيطان، و من اغتاب اخاه المؤمن من غير ترة [2] بينهما فهو شرك شيطان، و من شغف بمحبة الحرام و شهوة الزنا فهو شرك شيطان.

ثم قال عليه السلام: ان لولد الزنا علامات: احدها بغضنا



[ صفحه 64]



أهل البيت، و ثانيها ان يحن الي الحرام الذي خلق منه، و ثالثها الاستخفاف بالدين، و رابعها سوء المحضر للناس. و لا يسي ء محضر اخوانه الا من ولد علي غير فراش أبيه أو حملت به امه في حيضها.


پاورقي

[1] روي في الوسائل باسناده الي عمرو بن نعمان الجعفي قال: كان لابي عبدالله عليه السلام صديق لا يكاد يفارقه... الي ان قال: فقال يوما لغلامه: يابن الفاعلة اين كنت؟ قال: فرفع ابوعبدالله عليه السلام يده فصك بها جبهة نفسه ثم قال: سبحان الله تقذف امه قد كنت اري ان لك ورعا، فاذا ليس لك ورع. فقال: جعلت فداك ان امه سندية مشركة. فقال عليه السلام: اما علمت ان لكل امة نكاحا، تنح عني فما رأيته يمشي معه حتي فرق بينهما الموت.

[2] وتر وترا وترة فلانا: اصابه بظلم او مكرو... وتر القوم: جعل شفعهم وترا اي افردهم.


خالد بن نجيح كوفي


از اصحاب حضرت صادق (ع) [1] و حضرت موسي الكاظم [2] عليهماالسلام است، و از آن دو امام روايت كرده است. [3] .

بعضي از بزرگان رجال، او را ضعيف شمرده اند، چون يك بار از قلبش چيزي خطور كرده است:

خالد گويد: وارد شدم بر حضرت صادق (ع) در حالي كه نزد آن جناب جمعي نشسته بودند، و من در گوشه اي قرار گرفتم و در دل خود گفتم: واي بر شما! چه غافليد، نزد چه كسي تكلم مي كنيد؟ نزد رب العالمين و پروردگار جهان! پس از اين خيال، آن حضرت به خطاب به من فرمود: واي بر تواي خالد! سوگند به خدا، كه من بنده و مخلوقم، و از براي من است پروردگاري كه مي ترسم اگر او را نپرستم عذابم نمايد، و مرا به آتش بسوزاند.

آن گاه من گفتم: نه، به خدا قسم، ديگر هرگز نمي گويم در حق تو، مگر آن چه را كه خودت در حق مي گويي. [4] .

خالد بن نجيح گويد: امام صادق (ع) به شخصي فرمود: بدانچه خدا روزي ات كرده قانع باش، و بدانچه در نزد ديگران است چشم مينداز، و آن چه را دسترسي بدان نداري آرزو



[ صفحه 173]



مكن، زيرا هر كس قناعت كند سير گردد، و هر كه قناعت نكند اشباع نگردد؛ و بهره خويش را از آخرت خود برگير.

و فرمود: سودمندترين چيزها براي آدمي آن است كه پيش از ديگران عيب خويش را دريابد، و سخت ترين كارها پنهان كردن مستمندي و نداري است، و بي فايده ترين چيزها نصيحت كردن به پند ناپذير و نيز مجاورت با شخص حريص و آزمند، و آسايش دهنده ترين چيزها نوميدي از مردم است.

و فرمود: ناشكيبا و بد خلق مباش، و نفس خويش را براي تحمل (سخن) كسي كه با (انديشه) تو مخالف است ولي از تو برتر، و بر تو فضيلتي دارد، رام گردان؛ پس تو اعتراف به فضل و برتري او كرده اي آن گاه كه با او سر مخالفت و ستيزه جويي نداشته باشي، و كسي كه براي ديگران فضيلت و برتري قائل نباشد خودسر و خودپسند است.

و به شخصي فرمود: بدان كه عزت ندارد آن كس كه در پيشگاه خدا فروتني نكند و رفعت ندارد آن كس كه براي خداي عز و جل تواضع نكند.

و به مردي فرمود: كار دينت را محكم كن كه اهل دنيا كار دنياشان را محكم مي نمايد؛ زيرا دنيا شاهد و گواهي است كه بدان وسيله آن چه از آخرت نهان است شناخته شود، پس آخرت را بشناس و به دنيا جز از روي عبرت و پندگيري منگر. [5] .



[ صفحه 175]




پاورقي

[1] رجال الطوسي، ص 186.

[2] رجال الطوسي، ص 349.

[3] رجال نجاشي، ص 109.

[4] بصائر الدرجات، جزء 5، باب 10، ح 25، ص 241 - بحارالانوار، ج 47، ص 341.

[5] روضه كافي، ح 337، ص 204 - 203.


مواجهة تيار الغلو


لقد كان موقف الإمام الصادق(عليه السلام) من تيّار الغلوّ وحركة الغلاة حازماً وصارماً، فقال لسدير: «يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء، برئ الله منهم ورسوله ما هؤلاء علي ديني ودين آبائي والله لا يجمعني وايّاهم يوم إلا وهو عليهم ساخط» [1] .

وقال ميسرة: ذكرت أبا الخطّاب عند أبي عبدالله (عليه السلام) وكان متكأً فرفع إصبعه الي السماء ثم قال: «علي أبي الخطّاب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فأشهد بالله أنه كافر فاسق مشرك، وأنه يحشر مع فرعون في أشدّ العذاب غدواً وعشيّاً، ثم قال: والله والله إنّي لأنفس علي أجساد أصيبت معه النار» [2] .

وقال عيسي بن أبي منصور: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول ـ وقد ذكر أبا الخطّاب ـ: «اللّهم العن أبا الخطّاب فإنه خوّفني قائماً وقاعداً وعلي فراشي اللّهم



[ صفحه 111]



أذقه حر الحديد» [3] .

وكان موقفه (عليه السلام) صلباً أمام هذه الطائفة الخطيرة علي الاسلام، وما كان ليستريح طرفة عين حتي أحبط مؤامرتها وما ضمّته من الحقد اليهودي ودسائسه التأريخية علي الاسلام، ولو كان قد تراخي وفتر عنها لحظة لكانت تقصم ظهر التشيع.

ونلمس في الروايتين التاليتين حرقة الامام وألمه الشديد ومخافته من تأثير هذه الدعوة الضالّة علي الاُمّة وشعارها المزيّف بحبّها لأهل البيت(عليهم السلام)، فعن عنبسة بن مصعب قال: قال لي أبو عبدالله (عليه السلام): «أي شيء سمعت من أبي الخطاب؟» قلت: سمعته يقول: انك وضعت يدك علي صدره وقلت له: عه ولا تنس. وأنت تعلم الغيب. وأنك قلت هو عيبة علمنا وموضع سرّنا أمين علي أحيائنا وأمواتنا.

فقال الإمام الصادق: «لا والله ما مسّ شيء من جسدي جسده، وأما قوله أني قلت: إني اعلم الغيب فوالله الذي لا إله إلا هو ما أعلم الغيب [4] ولا آجرني الله في أمواتي ولا بارك لي في أحبّائي إن كنت قلت له! وأمّا قوله إني قلت: هو عيبة علمنا وموضع سرّنا وأمين علي أحيائنا وأمواتنا فلا آجرني الله في أمواتي ولا بارك لي في أحيائي إن كنت قلت له من هذا شيئاً من هذا قط» [5] .

وقال الإمام (عليه السلام) لمرازم: «قل للغالية توبوا الي الله فإنكم فسّاق كفّار مشركون».



[ صفحه 112]



وقال (عليه السلام) له: «اذا قدمت الكوفة فإت بشار الشعيري وقل له: يقول لك جعفر بن محمد: ياكافر يا فاسق أنا بري منك. قال: مرازم فلمّا دخلت الكوفة قلت له: يقول لك جعفر بن محمد: يا كافر يا فاسق يا مشرك أنا بري منك. قال بشار: وقد ذكرني سيدي؟! قلت: نعم ذكرك بهذا. قال: جزاك الله خيراً» [6] .

لاحظ الخبث وطول الأناة وعمق التخطيط حيث يذهب هذا الخبيث ليلتقي بالامام (عليه السلام) بعد كل الذي سمعه. ولما دخل بشار الشعيري علي الإمام (عليه السلام) قال له: «اُخرج عني لعنك الله والله لا يظلّني وإيّاك سقف أبداً». فلمّا خرج، قال(عليه السلام): «ويله ما صغر الله أحداً تصغير هذا الفاجر، إنّه شيطان خرج ليغوي أصحابي وشيعتي فاحذروه، وليبلّغ الشاهدُ الغائب إني عبدالله وابن أمته ضمّتني الأصلاب والأرحام وإنّي لميّت ومبعوث ثم مسؤول» [7] .


پاورقي

[1] اُصول الكافي: 1 / 269.

[2] اختيار معرفة الرجال للكشي: 269 ح 524.

[3] اختيار معرفة الرجل: 290 ح 509 وعنه في عوالم العلوم والمعارف: 20 / 2 ح 1151.

[4] والإمام(عليه السلام) هنا في مقام نفي العلم بالغيب الاستقلالي الذي يدّعيه الغلاة، لا العلم بالغيب الممنوح للنبي(صلي الله عليه وآله) ولهم منه سبحانه.

[5] اختيار معرفة الرجال للكشي: 292 ح 515 وعنه في الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: 2 / 375.

[6] اختيار معرفة الرجال للكشي: 398 ح 744 وعنه في الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: 2 / 375.

[7] المصدر السابق: 400 ح 746 وعنه في الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: 1 / 235.


لا تكن حائكا


10- عن أبي اسماعيل الصيقل الرازي، قال: دخلت علي أبي عبدالله (عليه السلام) و معي ثوبان فقال لي: يا أبااسماعيل تجيئني من قبلكم أثواب كثيرة و ليس يجيئني مثل هذين الثوبين اللذين تحملهما أنت.

فقلت: جعلت فداك تغزلهما ام اسماعيل و أنسجهما أنا.

فقال لي: حائك؟

قلت: نعم.

قال: لا تكن حائكا.

قلت: فما أكون؟

قال: كن صيقلا [1] .و كانت معي مائتا درهم فاشتريت بها سيوفا و مرايا عتقاء [2] و قدمت بها الري و بعتها بربح كثير [3] .


پاورقي

[1] صقل السيف صقلا و صقالا أي جلاه، و يقال لمن يعمل ذلك: الصيقل. (الصحاح).

[2] عتقاء: جمع عتيقة، و مرايا جمع مرآة و المقصود: اشتريت مرايا عتيقة قد زال عنها الزيبق، فصقلتها بالزيبق، و قدمت الي الري.

[3] التهذيب: ج 6 ص 363 ح 1042.


برادران ديني و حقوق آنها


دوستان و برادران ديني موافق زياد پيدا كنيد زيرا هر مؤمني وجودش داراي اثر است و از دوستي با مؤمنان



[ صفحه 223]



و صفاي بين آنها بايد استفاده كرد و آنها در نزد خدا مقرب هستند و در قيامت به آنها توجه مي شود

و فرمود اگر شخص بخواهد حتما با كساني معاشرت كند كه از عيب بري باشند دوست پيدا نخواهد كرد

از كار مردم تفتيش نكنيد زيرا بدون دوست خواهيد ماند

و فرمود از انصاف دور است كه انسان از برادران و دوستان خود توقع انصاف داشته باشد

اگر كسي از دوست خود در وقتي راضي شود كه او را بر خود مقدم بدارد او هميشه در خشم خواهد بود و هر كس زياد از مردم گله كند دوستانش كم مي شوند

و هر كس بر هر خطا و گناهي ملامت كند بايد هميشه ملامتگزار باشد

آسان ترين حق دوستان بر شخص اين است كه آنچه را براي خود بخواهد براي او هم بخواهد و هر چه را براي خود بد مي داند براي او هم بد بداند و مراقبت كند كه از او خشمگين نشود و مطابق ميل او عمل كند و امرش را اطاعت نمايد و راهنما و آئينه ي او باشد و اگر گرسنه است سيرش كند و اگر تشنه است سيرابش نمايد و اگر برهنه است خود پوشيده نباشد و بايد از هر جهت در جان و مال و زبان كمك و ياور او باشد و دعوت او را بپذيرد و بيمار او را عيادت بنمايد و در جنازه اش حاضر شود و هرگاه حاجتي دارد به سرعت در مقام قضاي حاجت او برآيد و رفتارش با او طوري نباشد كه او ناچار شود به او اظهار حاجت كند

اگر با برادر ديني و دوست خود چنين بودي دوست او بوده و او هم دوست تو خواهد بود



[ صفحه 224]



اينها كه گفتيم حقوقي است كه بنا به فرمايش امام صادق عليه السلام برادران ديني بر يكديگر دارند


الشوري و العناية بالعامة


في بداية العهد إلي الأشتر أمران؛ الأول: خاص بالأشتر، و الثاني: خاص بالعامة و الخاصة.

و الأمران عصريان في كل عصر، و مطلوبان في كل مكان، و من كل الحكام:

أما الأول، ففيه قوله له: «إن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، و يقولون فيك ما كنت تقول فيهم. و إنما يستدل علي الصالحين بما يجري بهم علي ألسنة عباده... فاملك هواك، و شح بنفسك عما لا يحل لك... و أشعر



[ صفحه 311]



قلبك الرحمة للرعية و المحبة لهم و اللطف بهم. و لا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم. فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين و إما نظير لك في الخلق... يفرط منهم الزلل و تعرض لهم العلل، و يؤتي علي أيديهم في العمد و الخطأ. فأعطهم من عفوك و صفحك مثل الذي تحب و ترضي أن يعطيك الله...». [1] .

و قوله: «و إذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إلي عظم ملك الله فوقك... فطن الله يذل كل جبار و يهين كل مختال. أنصف الله و أنصف الناس من نفسك و من خاصة أهلك و ممن لك فيه هوي. و ليس شي ء أدعي إلي تغيير نعمة الله و تعجيل نقمته من إقامة علي ظلم...».

و يقول عن الشوري: «و لا تدخلن في مشورتك من يعدل بك عن الفضل و يعدك الفقر. و لا جبانا يضعفك عن الأمور و لا حريصا يزين لك الشر، بالجور، فإن البخل و الجبن غرائز شتي يجمعها سوء الظن بالله... و الصق بأهل الورع و الصدق... ثم رضهم علي أن لا يطروك... و لا تنقص سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة...».

و أما الثاني، ففيه قوله: «وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق. و أعمها في العدل و أجمعهالرضي الرعية. فإن سخط العامة يجحف برضي الخاصة. و إن سخط الخاصة يغتفر مع رضي العامة. و ليس أحد من الرعية أثقل علي الوالي مؤنة في الرخاء، و أقل معونة في البلاء، و أكره للإنصاف، و أسأل بالإلحاف، و أقل شكرا عند الإعطاء، و أبطأ عذرا عند المنع، و أخف صبرا عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة.

و إنما عماد الدين و جماع المسلمين، و العدة للأعداء، العامة من الأمة. فليكن صغوك لهم و ميلك معهم».

بأبي أنت و أمي يا أميرالمؤمنين! إن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)يقول: «اطلعت في الجنة



[ صفحه 312]



فوجدت أكثر أهلها الفقراء» و أنت في طليعة أهل الجنة. تحب أكثر أهلها عددا في الحياة الدنيا؛ و من أجل ذلك تكرم العامة، و هم كثرة الأمة، و تؤثر منها الفقراء.

و لقد كنت دائما قدوة. و أردت الخاصة علي أن تكون قدوة، و حذرتها من مطامعها و مزالقها. ولو حذرت، للزمت الجادة، و صلح أمر هذه الأمة.

إن من يضع دستورا في العصر الحديث خليق بأن يرتوي من عهدك و يروي الأمة من ينابيعك، في تطبيع الشريعة، و سيادة القانون، و استقلال القضاء، و أمانة الولاة، و نزاهة الإدارة، و احترام العامة، و إلزام الخاصة أن تكون قدوة في الأمة.

يقول ابن المقفع في شأن الخاصة بعد مائة عام، في كتابه لأبي جعفر: «و قد علمنا علما لا يخالطه الشك أن عامة قط لم تصلح من قبل نفسها. و لم يأتها الصلاح إلا من قبل إمامها... و حاجة الخواص إلي الإمام الذي يصلحهم الله به كحاجة العامة إلي خواصهم و أعظم من ذلك».

و يتصدي الإمام زين العابدين في «رسالة الحقوق» بالشرح الشامل، و التفصيل الطويل، لسلوك الجماعات و الأفراد و ما يجب لها شرحا و تفصيلا تقتضيهما حالة الناس و ظروف الزمان في النصف الثاني من القرن، عصر كربلاء و الحرة و ضرب الكعبة و الدولة الهرقلية و تغير الناس.

و استقصاء السجاد فيها للأحكام مظهر لتحمله مسؤولية تعليم المسلمين أمور دينهم و شؤون دنياهم؛ فهي تبدأ بحقوق الله عزوجل... و أكبرها ما أوجبه الله تعالي من حقه. فجعل للجوارح حقوقا و لأفعالها حقوقا:

«ثم تخرج الحقوق منك إلي غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك، و أوجبها عليك حق أئمتك ثم حقوق رعيتك ثم حقوق رحمك. فهذه حقوق يتشعب منها حقوق. فحقوق أئمتك ثلاثة... و حقوق رعيتك ثلاثة... و حقوق رحمك كثيرة متصلة...



[ صفحه 313]



فأوجبها عليك حق أمك ثم حق أبيك... ثم حق مولاك المنعم عليك ثم...». [2] .

و تطرقت رسالة الحقوق للعلاقات الحكومية و القضائية و الاجتماعية التي تنظم الجماعة الإسلامية، فنظمت آدابها و التزاماتها و الخليقة و القانونية بالتفصيل.

و ربما أجزأ في تقريب منهاجها إلي الألباب مثل ننقله منها عن معاملة السلاطين حيث يقول: «و أما حق سائسك بالسلطان فأن تعلم أنك جعلت له فتنة. و أنه مبتلي فيك بما جعله الله له عليك من السلطان. فعليك أن تخلص له في النصيحة. و لا تماحكه و قد بسطت يده عليك. فتكون سبب هلاك نفسك و هلاكه... و تلطف لعطائه مايكفه عنك دون أن يضر بدينه. و تستعين عليه في ذلك بالله فلا تعانده... فإنك إن فعلت ذلك عققته و عققت نفسك و عرضتها للمكروه».


پاورقي

[1] و لما عهد لمحمد بن أبي بكر كان مما جاء في عهده له قوله: «اعلم يا محمد بن أبي بكر أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي، أهل مصر، و أنتم يا أهل مصر فليصدق قولكم فعلكم و سركم علانيتكم، و لا تخالف ألسنتكم قلوبكم».

[2] فأما حق الله الأكبر عليك فأن تعبده و لا تشرك به شيئا. فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك علي نفسه أن يكفيك أمر الدنيا و الآخرة... و أما حق نفسك عليك... و أما حق اللسان و أما حق السمع... و أما حق بصرك... و أما حق رجليك... و أما حق يدك... و أما حق بطنك... و أما حق فرجك...

ثم حقوق الأفعال: و حق الصلاة... و حق الحج... و أما حق الصوم... و أما حق الصدقة... و أما حق الهدي - ثم حق الأئمة... فأما حق سائسك بالسطان... و أما حق سائسك بالعلم... و أما حق سائسك بالملك.

ثم حقوق الرعية... فأما حقوق رعيتك بالسلطان... و العلم... بملك النكاح... بملك اليمين.

و أما حق الرحم... و أما حق أمتك... و أما حق ولدك... و أما حق أخيك... و أما حق المنعم عليك... و أما حق مولاك الجارية نعمته عليك... و أما حق ذي المعروف عليك... و أما حق المؤذن... و أما حق إمامك في الصلواتك... و أما حق الجليس... و أما حق الجار... و أما حق الصاحب... و أما حق الشريك... و أما حق المال... و أما حق الغريم المطالب لك... و أما حق الخليط و أما حق الخصم المدعي عليك... و أما حق المستنصح... و أما حق الناصح... و أما حق الكبير... و أما حق الصغير... و أما حق السائل... و أما حق المسؤول... و أما حق من سرك الله به و علي يديه... و أما حق من ساءك القضاء عليه... و أما حق أهل ملتك عامة و أما حق... و أما حق...


اثر دعا


تنوخي از عالمان قرن چهارم مي نويسد: «جعفر بن محمد قصد حج كرد، ولي منصور حضرت را از حج بازداشت. پس حضرت دعايي خواند و در آخر فرمود:

بار خدايا! شر منصور را از من دور كن و خود حامي من باش و از دست او به من خير برسان و آزار او را از من برگردان. اي كسي كه خدايي جز تو نيست و صاحب عرش عظيم هستي! بر محمد و آل او درود فراوان بفرست.

پس منصور به حضرت اجازه داد تا به حج مشرف شود و ديگر مانع نشد». [1] .


پاورقي

[1] القاضي ابن علي تنوخي، الفرج بعد الشدة، تحقيق: عبود شالچي، بيروت، دارالصادر، 1398 ه. ق، ص 180.


همگام با مردم


در زندگي امام صادق عليه السلام سوژه ها و رفتارهاي الگو بسيار به چشم مي خورد. آنان در انديشه و رفتار اسوه بر همگانند. از جانب ديگر زندگي مردم همراه با تفاوت هاي فراوان است؛ هيچ گاه زندگي همه اقشار جامعه يكسان نمي باشد.

امامان در عين برخورداري از نعمت هاي الهي در دنيا همواره در زندگي از نعمت هاي الهي در «سطح عموم مردم» بهره مند بوده و چه بسا از سطح زندگي مردم نيز به مراتب فروتر بودند.

در همين راستا امام همام، صادق آل محمد عليه السلام مي فرمايد: برترين زندگي، زندگي همسان با مردم و در هزينه هايي همچون مسكن، مركب، مطعم و ملبس و... همراه ديگران بودن است. شخص نبايد فراتر از ديگران باشد، فخير لباس كل زمان لباس أهله. [1] .



[ صفحه 98]



رويكرد ديگر اين سخن آن است كه در شرايطي كه مردم از وفور نعمت بهره مند هستند و سطح زندگي آنان از تنگناها عبور كرده است و از زندگي با گشايش و نعمت بهره ورند، همگام با مردم بودن عترت، هيچ گونه چالشي با شؤون عترت كه ميزان زهد و تقوا مي باشد، ندارد. اين پيام امام صادق عليه السلام نيز در چنين فضايي از امام صادر شده است. هنگامي كه لباس نو بر تن امام مشاهده مي كنند بر آنان انگيزه سؤال است كه اميرالمؤمنين عليه السلام از اين لباس ها بهره نمي گرفت شما چگونه بهره وريد! امام در پاسخ اين شبهه، تفاوت زمان ها را گوشزد نموده آنگاه مي فرمايد: بهترين لباس، لباس همگون با مردم است، فخير لباس كل زمان لباس أهله. [2] بر اين اساس روي كرد صحيح از اين گفتار و رفتار امام كه هر دو صحيح و ميزان الگوي رفتار براي همگان در شرايط متفاوت مي باشند، بدست مي آيد.


پاورقي

[1] كافي، ج 6، ص 444، بحار، ج 47، ص 54.

[2] همان.


بخل منصور


در محضر امام صادق عليه السلام صحبت از منصور دوانيقي شد، مي گفتند از وقتي كه منصور به حكومت رسيده است لباسهاي خوب نمي پوشد غذاهاي لذيذ نمي خورد.

امام صادق عليه السلام فرمود: با وجود حكومت و سلطنت و جمع اموال چنين رفتاري دارد؟ گفتند: آري اين از بخل اوست كه مي خواهد اموال را جمع كند.

امام صادق عليه السلام فرمود: شكر خدا را كه حرام گردانيده او را از استفاده از لذات دنيا كه نه دين دارد و نه دنيا.


حجاج و كشتار شيعيان


علاوه بر عده ي زيادي كه حجاج آن ها را در زندان شكنجه و آزار مي داد تا پايه هاي حكومت مستبدانه ي اموي را استحكام بخشد ولي سرانجام به زوال و نابودي آنان انجاميد، كشتار بيرحمانه و خونريزي هاي بيش از حد وي در دوران حكومتش بود. حجاج تشنه ي خون مخالفان بود. به گفته ي خودش بهترين



[ صفحه 94]



اوقات او لحظه اي بود كه محكومي را جلوي چشمش به فجيع ترين وضع مي كشتند و او از جان دادن و دست و پا زدن محكوم بيگناه لذت مي برد [1] .

حجاج نسبت به شيعيان علي بن ابي طالب عليه السلام كينه ي خاصي داشت و براي صدور اجازه ي قتل، تهمت شيعه بودن كافي بود. در عصر حجاج اگر به كسي مي گفتند كافر هستي بهتر دوست مي داشت تا اينكه بگويند شيعه ي علي هستي [2] .

دو نفر از دوستان و شيعيان حضرت علي عليه السلام را نزد حجاج آوردند. به يكي گفت: از علي بيزاري بجوي!

گفت: علي چه كرده است كه از او بيزاري بجويم؟

حجاج گفت: خدا مرا بكشد اگر تو را نكشم. بگو مي خواهي دست هايت را قطع كنم يا پاهايت را؟

گفت: آن عذابي را كه مايلي در روز قيامت بچشي اكنون براي من اختيار كن، زيرا خداوند روز قيامت به من حق قصاص مي دهد.

حجاج از روي مسخره پرسيد: خداي تو كجا است؟

گفت: در كمين ستمگران است.

حجاج دستور داد دست و پاي او را قطع كردند و به دارش آويختند. بعد به ديگري گفت: تو چه مي گويي؟

گفت: من هم در عقيده و گفتار مانند دوست خود هستم كه او را به قتل رساندي.

دستور داد او را گردن زدند و به دارش آويختند [3] .

جرجي زيدان مي نويسد: خلفاي بني اميه و مأموران آن ها بسياري از فرزندان علي را كشتند، دار زدند، مثله كردند و عده ي زيادي از تابعين را كه



[ صفحه 95]



مخالف آنان بودند به قتل رساندند و بيش از همه حجاج بن يوسف ثقفي والي عراق در اين خونريزي ها دست داشته است [4] .

حجاج افراد زيادي از شيعيان حضرت علي عليه السلام را به شهادت رسانيد [5] كه تنها به ذكر يك مورد بسنده مي كنيم و او سعيد بن جبير است.


پاورقي

[1] سفينة البحار، ج 1، ص 224؛ شذرات الذهب، ج 1، ص 107.

[2] سفينة البحار، ج 1، ص 223.

[3] سفينة البحار، ج 1، ص 224.

[4] تاريخ تمدن اسلام، ص 723.

[5] مانند كميل بن زياد نخعي و قنبر غلام اميرالمؤمنين عليه السلام و....


اركان ايمان


يك مسأله مهم اين است كه ايمان داراي چند ركن است؟ در يك جمله مي توان گفت: پذيرفتن آنچه را كه پيغمبر اكرم صلي الله عليه و آله و سلم فرموده اند، از اركان ايمان است. البته پيامبر صلي الله عليه و آله و سلم موارد بسياري را بيان فرموده اند كه از مهم ترين آنها همان اصول دين، يعني توحيد و نبوت و معاد است. اما بقيه ي آنها چيست؟ آيا مثلا اگر كسي علم دارد به اين كه پيغمبر صلي الله عليه و آله و سلم از طرف خدا، حضرت علي عليه السلام را به خلافت منصوب كرده است - مثلا در غدير حضور داشته و يا در طول زندگي پيامبر اكرم صلي الله عليه و آله و سلم اين مطلب را از آن حضرت شنيده است - اما از روي حسد، كينه، بغض و انتقام جويي، به انكار آن پرداخته و ولايت اميرالمؤمنين عليه السلام را نپذيرد، با ايمان است؟

كسي با ايمان است كه همه ي آنچه را پيامبر صلي الله عليه و آله و سلم از طرف خدا آورده است، قبول داشته باشد. پس اگر كسي از روي عناد، ولايت اهل بيت عليهم السلام را انكار كند و مثلا بگويد، چون



[ صفحه 90]



علي عليه السلام پدرم را در جنگ بدر كشته است، زير بار ولايت او نمي روم، و يا از روي حسد به انكار آن بپردازد، قطعا جهنمي است: أم يحسدون الناس علي ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب و الحكمة و آتيناهم ملكا عظيما؛ [1] آيا حسد مي ورزند با مردم به جهت آن كه آنها را خدا از فضل خود برخوردار نمود [كه] البته ما بر آل ابراهيم كتاب و حكمت فرستاديم و به آنها ملك و سلطنتي بزرگ عطا كرديم.

اين كه فقها مي فرمايند اگر كسي ضروريات دين را انكار كند در واقع رسالت پيامبر صلي الله عليه و آله و سلم را انكار كرده است، به همين مسأله باز مي گردد. البته اين مسأله اختصاص به اعتقاد به امامت و يا حتي ضروريات ندارد، بلكه اگر حتي چيزي از ضروريات نباشد، اما پيامبر صلي الله عليه و آله و سلم آن را گفته باشد، و كسي از روي عناد آن را انكار كند، در واقع رسالت پيامبر را انكار كرده است.

انكار رسالت، به يك معنا بازگشتش به انكار ربوبيت تشريعي خدا است؛ يعني حكم خدا را قبول ندارم، خدا را به حاكميت قبول ندارم. البته اين مسأله گاهي ممكن است به زبان گفته شود و گاهي هم ممكن است فقط در دل باشد. كسي كه يقين دارد حكمي جزو اسلام است - مانند احكام مربوط به حدود، تعزيرات، اختلاف حقوق زن و مرد و... - اما ته دلش آن را قبول نداشته باشد، اگر چه در ظاهر مسلمان است، اما در باطن كافر است؛ يعني با اين كه طهارتش ثابت است و با او معامله مسلمان مي شود، اما به بهشت نمي رود؛ زيرا شرط ورود به بهشت ايمان مطلق است. اين جا است كه تفاوت بين اسلام و ايمان مشخص مي شود.

بنابراين ايمان واقعي كه موجب دخول در بهشت و سعادت ابدي مي شود، پذيرفتن هر چيزي است كه پيامبر اكرم صلي الله عليه و آله و سلم از طرف خدا آورده است.


پاورقي

[1] نساء (4)،54.


امام صادق، مظهر اميد صادق


اوضاع و احوال مساعد و نيز زمينه هايي كه كار امام پيشين فراهم آورده بود، موجب مي شد كه با توجه به راه دراز و پرمشقت نهضت تشيع، امام صادق عليه السلام مظهر همان اميد صادقي باشد كه شيعه سالها انتظار آن را كشيده است؛ همان «قائم» ي كه مجاهدات طولاني اسلاف خود را به ثمر خواهد رسانيد و انقلاب شيعي را در سطح وسيع جهان اسلام بر خواهد افروخت. اشاره ها و گاه حتي تصريح امام باقر عليه السلام نيز در پرورش نهال اين آرزو مؤثر بوده است.



[ صفحه 54]



جابر بن يزيد مي گويد: كسي از امام عليه السلام درباره ي قيام كننده ي بعد از او پرسيد؛ امام با دست بر شانه ي ابي عبدالله (جعفر صادق) كوفت و گفت: اين است به خدا قيام كننده ي آل محمد. [1] .


پاورقي

[1] بحار، ج 47، ص 131.


مرحله دوم از تاريخ حرم ائمه بقيع


در مرحله اول از تاريخ حرم ائمه بقيع (عليهم السلام). اين مطالب به دست آمد:

1 ـ حرم شريف ائمه بقيع (عليهم السلام) قبل از دفنِ پيكر اين امامان، در خارج از بقيع، و در خانه اي متعلق به عقيل بن ابي طالب قرار گرفته بود و با توسعه بقيع به آن منضم شده است.

2 ـ اين خانه مورد توجه خاص رسول خدا (صلي الله عليه وآله) و محل دعا و مناجات آن حضرت بوده و اين عمل پيامبر بزرگوار اسلام گوياي عظمت و نشانگر قداست و معرفي معنويت اين خانه بود كه در آينده نه چندان دور، ستارگاني از آسمان ولايت در اين مكان شريف افول و چهار تن از اوصياي آن حضرت در اين خانه به خاك سپرده خواهند شد.

3 ـ توجه عميق صحابه و افراد سرشناس و اصرار آنان بر دفن شدن در نزديكترين نقطه به اين خانه، قرينه و شاهدي بر اين حقيقت است كه آنان علاوه بر معرفي عملي رسول خدا (صلي الله عليه وآله) از زبان آن حضرت مستقيماً مطلبي صريح نسبت به آينده اين خانه، دريافته بودند كه اين مطلب و اين گفتار بر ما نقل نگرديده است.

و اينك در مرحله دوم از بررسي تاريخ حرم شريف ائمه قرار گرفته ايم و اين مرحله تغيير شكل خانه عقيل و تحول آن به صورت يك زيارتگاه عمومي (حرم) مي باشد.

گرچه نمي توان بطور دقيق تاريخ تحول مدفن ائمه بقيع را، از شكل مسكوني به يك زيارتگاه عمومي، مشخص نمود، ولي اولين و قديمي ترين مدينه شناس؛ «عبدالعزيز ابن زباله» ـ زنده در سال 199 ـ در مورد اين حرم شريف و همچنين در مورد حرم حضرت حمزه (عليه السلام) مطلبي دارد كه گوياي تاريخِ تقريبيِ تغيير وتحول در هر دو حرم شريف مي باشد.



[ صفحه 82]



ابن شبه متن گفتار ابن زباله را در مورد اين دو حرم به ترتيب چنين نقل مي كند:

1 ـ قال عبدالعزيز: «دفن العباسُ بن عبدالمطلب عند قبر فاطمة بنت اسدبن هاشم في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل ويقال ان ذلك المسجد بني قبالة قبره...». [1] .

عباس بن عبدالمطلب در اول مقابر بني هاشم و در كنار قبر فاطمه بنت اسد ـ كه در خانه عقيل قرار گرفته ـ دفن شده است و مي گويند اين مسجد «حرم» در مقابل قبر عقيل بنا شده است.

2 ـ قال عبدالعزيز: «والغالب عندنا انَ مصعب بن عمير و عبدالله بن جحش دفنا تحت المسجد الذي بني علي قبر حمزة و انه ليس مع حمزة أحدٌ في القبر». [2] .

غالب علماي ما (دانشمندان مدينه) بر اين باورند كه مصعب بن عمير و عبدالله بن جحش در زير مسجدي كه در روي قبر حمزه ساخته شده، مدفون گرديده اند و اما در داخل قبر حمزه بجز خود او، كسي دفن نشده است.

از اين گفتار ابن زباله، دو مطلب زير به دست مي آيد:

الف ـ اينكه در قرنهاي اول اسلام به حرمها و ساختمانهايي كه در روي قبور شخصيتهاي مذهبي بنا مي گرديد (مسجد) گفته مي شد و كلمه ي حرم، مزار و مشهد از اصطلاحاتي است كه در قرنهاي پنجم و ششم بوجود آمده و لذا احمد مقدسي كه از علماي قرن چهارم و از جهانگردان و جغرافي دانان اسلامي است، در مورد حرم حضرت حمزه ـ مانند ابن زباله ـ همان تعبير (مسجد) را بكار برده است و مي گويد:

«احد كوهي است در سه ميلي مدينه كه در دامنه آن، قبر حمزه در داخل مسجد است و جلو آن يك چاه است.» [3] .

به نظر مي رسد كه اين تعبير از قرآن مجيد گرفته شده است؛ زيرا كه قرآن از ساختماني كه در روي قبور اصحاب كهف بنا شده، مسجد نام برده است. [4] .



[ صفحه 83]



ب ـ ابن زباله در صدد بيان تاريخ اجماليِ ساختمانِ اين دو حرم شريف و اين دو زيارتگاه عمومي است كه در حال حيات وي و در اواخر قرن دوم وجود داشته است و حرم ائمه بقيع در اين تاريخ، نه به شكل يك خانه، بلكه به صورت حرم و زيارتگاه عمومي بوده است.

اما قرائن و شواهد تاريخي ديگر، بيانگر اين است كه اين تحول و تغيير وضع، در دهه سوم از قرن دوم هجري؛ يعني دوران خلافت ابوالعباس سفاح 136 ـ 132 و حداكثر در سالهاي اول خلافت ابوجعفر منصور 149 ـ 137 بوقوع پيوسته است.


پاورقي

[1] تاريخ المدينه، ج 1، ص 127.

[2] تاريخ المدينه، ص126.

[3] احسن التقاسيم، به ترجمه علي النقي منزوي، ج1، ص118.

[4] قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً، كهف: 21.


اقتباس الحكمة


و دعا الامام عليه السلام الي اقتباس الحكمة، ولو صدرت من منافق لأنها من مصادر الفكر و الوعي الذي يحرص الاسلام علي تطوره، قال عليه السلام: «لا تحتقر اللؤلوة النفيسة أن تجلبها من الكبا [1] الخسيسة، فان أبي حدثني، قال: سمعت أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: ان الكلمة من الحكمة لتلجلج في صدر المنافق نزاعا الي فطانها، حتي يلفظ بها فيسمعها المؤمن فيكون أحق بها و أهلها فيلقفها...» [2] .


پاورقي

[1] الكبا: الكناسة.

[2] البحار 1 / 95 الطبعة الأولي.


حرق الجثمان العظيم


و بقي جثمان زيد مرفوعا علي أعواد المشانق، و هو يضي ء للناس طريق الحرية و الكرامة، و يدفعهم الي التمرد علي الذل و الخنوع، و يبعث في نفوسهم روح الثورة علي الظلم و الجور، و قد وضعت عليه السلطة الحرس، و عددهم اربعمائة، و جعلت الرقابة في كل ليلة لمائة رجل، و بنيت للحرس حول الجذع بناية خوفا من ان يختلس الجثمان العظيم، و يواري في التراب [1] .

و لما هلك الطاغية هشام، و ولي الحكم من بعده الوليد بن يزيد فاجر بني أمية كتب الي حاكم الكوفة يوسف بن عمر كتابا يأمره بأن ينزل الجثمان المقدس من الخشبة و يحرقه بالنار [2] و قام السفاك بتنفيذ ما عهد اليه، فأحرق الجسد الطاهر الذي ثار ليطهر الارض من الظالمين و يعيد للأنسان كرامته، و حقه في الحياة.

و بعدما أحرق الجثمان العظيم عمد الباغي يوسف بن عمر فذره في الفرات و هو يقول «و الله يا أهل الكوفة لادعنكم تأكلونه في طعامكم، و تشربونه في مائكم..» [3] .

لقد كان جزاء النبي (ص) الذي حرر أمته من حياة التيه في الصحراء، أن عمد الامويون الي قتل ذريته و عترته، و التمثيل بهم تمثيلا آثما لامبرر له سوي انهم كانوا يطالبون بحقوق الأمة، و امنها و رخائها.



[ صفحه 85]




پاورقي

[1] انساب الاشراف 3 / 256.

[2] مقاتل الطالبيين (ص 147).

[3] تأريخ اليعقوبي 2 / 391.


عروس متقين


حضرت امام جعفر صادق عليه السلام فرمودند:

قيامت عروس (يا عروسي) تقواپيشگان است. [1] .



[ صفحه 65]




پاورقي

[1] بحار: 70 / 288 / 18، همان، همان 22441.


استجابت سريع دعا


شخصي براي بنده با آب و تاب چگونگي برآورده شدن حاجتش را تعريف مي كرد. مي گفت: روزي حاجتي داشتم و توسلي انجام دادم، فورا حاجتم برآورده شد. او از اين ماجرا كه سال ها پيش اتفاق افتاده بود ابراز خوشحالي مي كرد. زود برآورده شدن حاجت بسيار خوب است. ولي بسياري از بزرگان، ترس اين را داشتند كه مبادا استجابت سريع دعايشان به معني استدراج باشد. ذكر حكايتي در اين باب خالي از لطف نيست.

يكي از اصحاب امام صادق عليه السلام، خدمت آن حضرت رسيد و عرض كرد: يابن رسول الله، دعا كردم كه خدا به من خانه اي بدهد، فورا خانه دار شدم؛ دعا كردم خدا به من هزار درهم بدهد، هزار درهم به دستم رسيد (هزار درهم در آن روزگار پول هنگفتي بوده و ارزش آن معادل پنج حج نيابتي بوده است. يك حج نيابتي دويست درهم بوده است)؛ دعا كردم، خدا به من خادم بدهد صاحب خادم و عبد شدم. عرض كرد: يابن رسول الله، مي ترسم اين چيزها را كه خداوند به من داده است از باب استدراج باشد. در عربي به پله «درج» مي گويند. در روايات آمده است كه اگر خدا كسي را دوست نداشته باشد و نخواهد در آخرت او را با اوليا و صالحان هم نشين نمايد، او را استدراج مي كند؛ يعني پله پله او را به بدي مي رساند. البته نه اين كه اجبارا او را بد كند، بلكه اسباب آن را در اختيارش قرار مي دهد، و آن شخص آهسته آهسته بد مي شود.

از اين رو اولياي الهي وقتي حاجاتشان برآورده مي شد مي ترسيدند كه مبادا خداوند آنها را به استدراج مبتلا كرده باشد.

حضرت امام صادق عليه السلام به آن شخص فرمودند: حال كه مي ترسي مستدرج باشي چه كار مي كني؟ عرض كرد: يابن رسول الله، خدا را شكر مي كنم كه محتاج كسي نيستم و مشكلي ندارم. حضرت فرمودند: آن خانه و پول كوچك تر از اين «الحمدلله» است كه تو



[ صفحه 123]



مي گويي انسان در زندگي بايد هميشه به فكر آن چيزهايي باشد كه دارد، نه چيزهايي كه ندارد. هميشه با خودش بگويد: «الحمدلله» كه من نعمت هاي فراواني در اختيار دارم، نه اين كه به فكر آن باشد كه فلاني چيزي دارد كه من ندارم؛ چرا كه حاجات اخروي بسيار بيشتر از حاجات دنيايي است. به راستي اگر اقوال و افعال معصومين عليهم السلام، نبود، انسان راه به جايي نمي برد. سرنخ تمام خوبي ها گفتار و كردار ائمه عليهم السلام است و همه خوبي ها نيز از آنها سرچشمه مي گيرد.


پارسايي


اگر آدمي در دنيا حرص نورزد و خود را زياد آلوده و گرفتار نكند و به واسطه ي تقوي و پارسايي از اقدام در معاملات و كارهاي غير مشروع خودداري كند، زندگيش ساده، فكرش راحت، آسايشش بيشتر و خدا از او خشنود خواهد بود. در روز قيامت نيز عذابي از ناحيه ي تلاشها و كارهاي حرام دامنگير او نخواهد شد.

اما چه كسي اين حسابها را مي كند؟ چه كسي است كه فكر حلال و حرام بكند، خير دنيا و آخرت را در نظر بگيرد، احتياط كار باشد، دست به هر عملي نزند، ولو براي آرامش وجدان خودش شده هر مسؤوليتي را به گردن نگيرد و تن زير بار وزر و وبال ندهد؟ تا آنجا كه ما اطلاع داريم اين نوع اشخاص اندك اند. بكوشيد تا شما نيز از همين اشخاص اندك باشيد!

جعل الخير كله في بيت، و جعل مفتاحه الزهد في الدنيا. [1] .

همه ي خوبيها، در خانه اي گذارده شده و كليد آن، زهد (پارسايي و اجتناب از حرام و بي ميلي به توسعه طلبي) در دنيا قرار داده شده است.



[ صفحه 54]




پاورقي

[1] اصول كافي. ج 2، ص 128.


نگرشي در روايت فوق


################

پاورقي

################

تأسف امام صادق


هنگامي كه منصور در (ربذه) بود در پي امام صادق (ع) فرستاد كه نزد او بيايد، امام صادق (ع) به ابن عم خود علي بن زين العابدين گفت: همراه من بيا.



[ صفحه 265]



علي نيز سخن او را پذيرفت و با او به ربذه رفت. پس امام صادق نزد منصور رفت اما علي از ورود به مجلس او خودداري كرد و در پشت در خانه منصور منتظر ايستاد سپس امام صادق (ع) در حالي كه اشك در چشمانش ديده مي شد از مجلس بيرون آمد پس به علي گفت: به ملاقات (ابن خبيثه) نيامدي، علي پاسخ داد و گفت: خداوند بيامرزد دو فرزند هند را [1] .

زيرا آنها بسيار صبور و بزرگوار بودند. به خدا سوگند آنها گذشتند و هرگز كوچكترين صدمه و آسيبي از آنها به كسي نرسيد و من چيزي كه از آنها خواستم همين بود كه مرا واگذارند و از من نخواهند كه با آنها در نبرد و انقلاب شركت جويم.

امام صادق (ع) درباره ملاقات خود با منصور گويد پس از كشته شدن محمد بن عبدالله بن حسن كه منصور مرا خواست و نزد او رفتم. با من تندي كرد و با كلمات درشت



[ صفحه 266]



و ناروا با من به سخن پرداخت و گفت: اي جعفر مي داني كه چگونه با محمد بن عبدالله كه او را نفس زكيه مي خواندند رفتار كرديم و چه به سر او آمد و اكنون نيز منتظرم يكي از شما كوچكترين حركت و جنبشي از خود نشان دهد همان عمل را درباره او تكرار كنم و كوچك را به بزرگ ملحق سازم. امام جعفر (ع) گويد: پس من خطاب به او گفتم: محمد بن علي از پدر خود و او از جدش حديث كرده كه رسول خدا (ص) فرمود: كسي كه صله رحم به جا آورد و سه سال از عمر او باقي باشد خداوند عمر او را به سي و سه سال افزايش مي دهد. و كسي كه قطع رحم كند و از عمرش سي و سه سال باقي مانده باشد خداي تعالي به سه سال تقليل مي دهد آنگاه منصور گفت: آيا شما خود از پدرتان حديث را شنيديد؟

گفتم: به خدا سوگند من خود آن را شنيدم و منصور سه بار اين سخن را تكرار كرد. پس گفت: شما [2] مي توانيد برويد!



[ صفحه 267]




پاورقي

[1] مادر محمد و ابراهيم اولاد عبدالله محض هند دختر ابوعبيدة بن عبدالله بن زمعة بن اسود از اولاد عبدالعزي بود. غاية الاختصار ص 24 ،12.

[2] مقاتل الطالبيين ص 252- نور الابصار ص 147.


ايجاد شكاف ميان علماء باب قياس و استحان


منصور با اين رويه بي باكانه بين دانشمندان اسلامي شكاف ايجاد كرد. دو نفر از شاگردان حضرت را يكي موسوم به ابي حنيفه و ديگري به نام مالك ابن انس بر ضد حضرت برانگيخت تا روحانيت خاندان پيغمبر صلي الله عليه و آله و سلم را از بين ببرد.

چون شهر كوفه دور از مركز علمي (مدينه) بود و از تابعين و اصحاب كمتر كسي در آنجا وجود داشت و دسترسي به احاديث معتبر را نداشتند لذا بين علماي خودخواه كوفه در مقام عمل به احكام باب قياس و امتحان شروع شد.



[ صفحه 92]



در كتاب الامام جعفر بن صادق و مذاهب اربعه تأليف استاد اسدحيدر آمده است كه حماد (عمل كردن به) قياس و رأي در مسايل ديني از ابراهيم نخعي و ابوحنيفه اخذ نمود و دانشمندان علم حديث بر دانشمندان رأي و قياس اشكالات و ايراداتي گرفتند.

دانشمندان كوفه در باب عمل به قياس و تطبيق مسايل به اوج علمي رسيدند كه چه بسا اوقات قياس را در نظر خود بر خبر واحد مقدم مي داشتند.

نظر علماي كوفه بر اين بود كه هر حكم شرعي داراي مصلحت مقصوده است و شريعت نيز براي مراعات اين مصالح جعل شده است. و همين مصالح عقلي ناقص خود را ملاك احكام قرار مي دادند. هر گاه در مسئله ديني از آيات قرآن نمي ديدند يا به روايتي دسترسي نداشتند به مناط عقلي خود در آن مسئله حكم مي دادند. در مقابل علماي كوفه همه دانشمندان اهل مدينه عموما و خصوصا اهل بيت پيغمبر در باب احكام دين بر قياس و رأي هيچ گونه اعتباري قائل نبودند بلكه رأي و قياس را اضمحلال كننده دين اسلام و ريشه كن كننده احكام آن مي دانستند. [1] همين اختلاف عقيده منشأ اختلافات سياسي و تعصبي گرديد و بين مسلمين شكاف عميقي ايجاد كرد و در بحبوحه اين اختلافات منصور دوانقي بر تحكيم سياست و سلطنت خود استفاده هاي شاياني به دست آورد و كار به جايي رسيد كه نتيجه آن را در اين مجموعه خواهيد خواند.



[ صفحه 93]




پاورقي

[1] دانشمندان كوفه آنان را به منزله اهل كتاب مي انگاشتند.


خانه امام جعفرصادق


از خصايص ائمه ما اين بود كه كاخي نساختند و بنائي ننهادند و خشتي بر خشتي يا آجري بر آجري بالا نبردند - در حالي كه هر شاهزاده اي در عالم مي توانست قبل از هر چيز براي خود كاخ رفيعي تهيه كند چنانچه سيره و سنت سلاطين و زمامداران اين بود كه فرزندان آنها از مقام و منصب پدر استفاده مي كردند و موجبات آسايش و آرامش و رفاه خود را فراهم مي كردند و اگر رشد سياسي و شم اداره كشور و زمامداري نداشتند از نظر زندگي وسايل آن را مهيا مي ساختند و به عيش و نوش



[ صفحه 74]



مي پرداختند ائمه معصومين ما كه شاهزاده واقعي و داراي مقام و منصب آسماني بودند به دنيا دل نبستند و با آنكه آنها شايسته تر براي تأمين زندگي خود از راه هدايا و تحف مردم بودند و هم از جهت صدقات موقوفات مشروع آباء و اجداد خود ملك حلال و مسلم آنها بود مي توانند هر يك كاخي و منزلي مجلل و با تجمل كامل فراهم نمايند ولي سرحلقه اولياء اميرالمؤمنين عليه السلام شخصا پنجاه سال خود بدون تعلل و تسامح به غرس نخلها و حفر قنوات و تربيت باغها و نخلستان ها پرداخت و آخر فرمود صدقات من تمام قريش را بي نياز مي كند و در سالهاي اواخر شهادت آن حضرت كه سال چهلم اتفاق افتاد بالغ بر هفتاد تا هشتاد هزار دينار درآمد داشت كه بين قريش و آل ابيطالب تقسيم مي شد.

درباره خانه امام جعفرصادق عليه السلام حكاياتي نقل كرده اند كه به نظر خوانندگان مي رسد.

در سرگذشت الحاكم بامر الله سال 375 تا سال 411 خليفه فاطمي مصر مي نويسد:

«و يقال انه حج البيت و فتح حجرة الصادق رضي الله عنه و تسلم آلاته و كتبه كلها و ما استودع فيها من السلاح راجعان (؟) العلوم وعاد في مدة عشرين يوما حيث لم يعلم مه احد من الناس.» [1] .

ابن جوزي مي نويسد: «و في هذه السنه (400) ورد الخبر بان الحاكم انفذ الي» «دار جعفر بن محمدالصادق بالمدينه من فتحها و اخذ مصحفا و آلات كانت فيها و لم يتعرض» «لهذه الدار احد منذوفات جعفر و كان الحاكم قدانفذ في هذه السنه رجلا و معه رسوم» «الحسنيين و الحسينيين و زادهم فيها و رسم له ان يحضرهم و يعلمهم اشارة لفتح الدار و النظر» «الي ما فيها من آثار جعفر و حمل ذلك الي حضرتة ليراه و يرده الي مكانه و وعدهم عني» «ذلك الزياده في البر فاجابوه ففتحت فوجد فيها مصحف وقعب من خشب فطوق بحديده» «و درقة خيزران و سرير فجمع و حمل و مضي معه جماعة من العلويين فلما وصلوا اطلق» «النفقات القريبه ورد عليهم السرير و اخذ الباقي و قال انا احق به فانصرفوا ذامين له» «و اصناف الناس هذا الي ما كان يفعله من الامور التي خرق بها العادات». [2] .

ابن اثير در كتاب الكامل خود مي نويسد: «في هذا السنه (400) ارسال الحاكم بامر



[ صفحه 75]



الله من مصر الي المدينه ففتح بيت جعفرالصادق و اخرج منه مصحف و سيف و كساء و قعب و سرير». [3] .

ابن تغري مروي اتابكي مي نويسد: «و فيها»400«ارسل الحاكم الي المدينه الي» «دار جعفرالصادق من فتحها و اخذ منها ما كان فيها و كان فيها مصحف و سرير و آلات و كان الذي» «فتحها ختكين العضدي الداعي و حمل معه رسوم الاشراف و عاد الي مصر بما وجد في» «الدار و خرج معه من شيوخ العلويين جماعة فلما وصلوا الي الحاكم اطلق لهم نفقات» «قليله ورد عليهم السرير و اخذ الباقي و قال انا احق به فانصرفوا داعين عليه» [4] .

در همين كتاب مي نويسد: در محرابهاي مصلائي كه الامر به احكام الله 524 و 490 خليفه فاطمي براي خطبه نماز عيد بدانجا مي رفته است سه سجاده مي گذاردند و روي آنها سجاده لطيفي بود كه آن را گرامي مي داشتند و آن پاره بوريائي بود كه مي گفته اند از آن جعفرصادق عليه السلام بود و حاكم آن را در هنگامي كه در خانه بگشود يافته اند.

از گفتار محشي النجوم آنكه بر كتاب النجوم الزاهره حاشيه نوشته برمي آيد كه در مرآة الزمان سبط ابن الجوزي متوفي 654 در تاريخ اسلام ذهبي متوفي 748 و عقد الجمان في تاريخ اهل الزمان بدرالدين محمود بن احمد عيني متوفي سال 855 اين حكايت نقل شده است.

در كتاب جامع التواريخ رشيدالدين فضل الله و مجمع التواريخ حافظ ابرو و در تاريخ اسماعيلياني و نزاريان نيز اين حكايت ذكر شده است بدين ترتيب:

و در سنه اربع و تسعين و ثلثمائه 394 حاكم از مصر به مدينه رسول صلي الله عليه و آله و سلم معتمدي فرستاد تا در خانه امام جعفرصادق عليه السلام كه از زمان وفات او تاكنون مغلوق بود باز كردند و در آنجا مصحفي يافتند نهاده و شمشيري و گليمي و كاسه اي چوبين يافتند و سريري از سعف خرما به خدمت حاكم آوردند.

از مجموع اين اخبار چنان برمي آيد كه حاكم به امر الله در سال 14 فرمانروائي خود كه سال 400 هجري بود به حج رفته و ابومنصور ختكين داعي قائد را كه به دستور او در سال 392 فرمانروائي در دمشق داشته به مدينه فرستاد تا در خانه امام جعفرصادق (ع)



[ صفحه 76]



كه از زمان مرگ او تا آن هنگام بسته بود و كسي به آن دست نيافته بود باز كردند.

ختكين كه معتمد حاكم بود با خود رسوم اشراف حسني و حسيني را بدانجا برده بلكه اين بار رسوم بيشتري براي آنها برده و بر رسوم (مقرري) سالهاي پيش افزوده بود.

حاكم بختكين بفرمود كه آنان را نزد خود بخواند و باز كردن درب خانه امام صادق عليه السلام را به آنها بگويد تا آثار خانه او را به چشم سر ببينند فرمود آن آثار را نزد وي ببرند و خود او هم آنها را ببيند و سپس آنها را به جاي خود برگردانيد و وعده داد كه اگر اين كار انجام گيرد بيشتر به آنها نيكي خواهد كرد.

آنها پذيرفتند و ختكين چون در را باز كرد در خانه امام مصحف «قرآن» و گنجينه هاي علم كتابخانه و شمشير و سپري از چوب خيزران كه گردن آهن گرفته شده بود و عبا يا گليم و كاسه اي چوبين و تختي از شاخه خرما و بوريائي يافت.

آنها همراه ختكين با همه اين آثار نزد حاكم رفتند و او به آنها اندك كمكي كرد و پاداشي ناچيز بدانها داد و تنها همان سرير يا تخت را به آنها برگردانيد و چيزهاي ديگر را خود بگرفت و گفت كه من به آنها سزاوارترم.

آنها نوميد بازگشتند و از او نكوهش مي كردند و بدو نفرين مي فرستادند.

همان بوريا حصير سجاده خانه امام بود كه در زمان آمر آرايش محراب مصلي مي شده است.

مردم اين كار حاكم را در شمار كارهاي شگفت انگيز ديگر او مي آوردند چنانچه ديديم كهن ترين مدرك ما در اين حكايت همان دستور المنجمين است سپس گفته ابن جوزي آنگاه سبط ابن جوزي و ابن اثير سپس ذهبي آنگاه عيني و ابن تغري مروي نقل كرده اند. [5] .

در كتابهاي اماميه اين واقعه نقل نشده فقط اهل سنت نيز نوشته اند - و يك ابهامي براي ما موجود است كه چگونه خانه امام جعفرصادق عليه السلام از سال 184 تا سال 400 يعني در 216 سال تمام كسي درب آن را نگشوده در حالي كه بر حسب عقيده شيعه اماميه امام ودايع امامت را به امام پس از خود مي سپارد مگر آنكه بگوئيم اين آثار از ودايع امامت نبوده است يا اينكه بگوئيم چون امام ششم شهيد گرديد و امام هفتم را تبعيد و زنداني كردند خانه بسته



[ صفحه 77]



شده بود و امام هشتم هم به طوس آمد و فرزندان آنها را هم به بغداد و به سامرا انتقال دادند و خانه به حالت خود باقي مانده باشد.

اما نكته سياسي ديگري هم هست كه آن مي تواند علت اين واقعه در صورت حقيقت باشد يا اين حكايت را به جهت آن منظور ساخته باشند و آن نسب خلفاي فاطمي مصر است كه خلفاي عباسي در رقابت آنها را از سيادت طرد كردند و فاطميين مصر خواستند سيادت خود را با داشتن آثاري منسوب به امام جعفرصادق عليه السلام ابراز نمايند و اين جنگ سرد و سياست نسبي به صورت مبارزه از زمان ابوالفضل جعفر مقتدي بالله عباسي سال 320 - 295 شروع شد. [6] و مؤيد اين مطلب مبارزه نسبي خلفاي عباسي با عضدالله فنا خسرو ديلمي بود كه در سال 367 - 372 از شيعيان جانب داري مي كردند و خلفاي عباسي از ترس آنكه مبادا به كمك خلفاي فاطمي مصر عليه آنها بشورند و خلافت عباسي را منقرض كنند آنها را نيز از سيادت طرد كردند.

در جامع التواريخ مي نويسد القادر بالله اعلاميه «محضري» در مدح سادات علوي طبرستان بساخت در سال 402 كه بسياري امضاء كردند ولي وزير خليفه نگذاشت منتشر شود ترسيد به مصر برسد آنها همچنين اعلاميه اي عليه سيادت خلفاي بني عباس بسازند و منتشر نمايند.


پاورقي

[1] دستور المنجمين اسماعيليه نسخه خطي كتابخانه ملي پاريس.

[2] منتظم ابن جوزي متوفي 597 ص 2460 - 7.

[3] كامل ابن اثير متوفي سال 630 در وقايع سال 400.

[4] كتاب النجوم الزاهره تأليف اتابكي متوفي 874 ص 222 - 4.

[5] جهانگشاي جويني از دستور المنجمين نقل كرده ولي رشيدالدين حافظ ابرو اين واقعه را سال 394 دانسته و از نويدهاي بي جاي حاكم به سادات حسني و حسيني سخت انتقاد نموده.

[6] الاتعاظ ص 39 تا 45 - ابن خلدون ص 360 - ص 442 ج 2 - ابوالفداء ص 142 ج 2 - ابن اثير ص 205 ج 8 المنتظم ابن جوزي - عقد الجمان مرآت الجنان يافعي ص 413 تاريخ الاسلامي ذهبي - ابن كثير ص 346 ج 11 شذرات الذهب ص 162 ج 3 - النجوم الزاهره ص 229 ج 4 اصول الاسماعيليه ص 143 - الحاكم بامر الله ص 32 - جهانگشاي جويني ص 173 ج 3.


اختلاف تشيع با مذاهب اربعه


اختلافي كه بين مذهب اماميه با مذاهب اربعه هست زياد نيست نهايت اختلاف اساسي است كه بازگشت به امر خلافت منصوص



[ صفحه 59]



مي نمايد و مقدسي در احسن التقاسيم اختلافات مذاهب اربعه را نقل كرده است چنين مي گويد:

اعلم ان الناس قد عدلوا عن مذهب ابي حنيفة في اربع، صلوة العيدين الابز بيد و صدقة النخيل و توجيه الميت عند الموت و التزام الاضحيه.

مذهب ابوحنيفه موارد اختلاف و لغزش خيلي داشت كه پيروان اين چهار عدول كردند درباره اين چهار چيز كه نماز عيدين و صدقه نخلها و روبرو نمودن مرده و التزام كشتار باشد. و باز مي گويد:

و عدلوا عن مذهب مالك في اربع الصلوة قدام الامام الا بالمغرب و يوم الجمعه بمصر و في اكل لحوم الكلاب الا بمدينتين بالمغرب تباع جهرا تطرح في عرائس مصر و يثرب سرا و في الخروج من الصلوة بتسليمة واحده

پيروان مالك هم از قوانين او عدول كردند نماز مقدم بر امام مگر در نماز مغرب و روز جمعه به مصر و خوردن گوشت سگها در مغرب آشكارا و در دو مدينه سرا و در خروج از نماز به يك سلام دادن.

و عدلوا عن مذهب الشافعي في اربع الجهر بالبسمله الا بالمشرق في مساجد اصحابه و كذلك القنوت بالفجر و في احتضار النيه في تكبيرة افتتاح و في ترك القنوت في الوتر.

پيروان شافعي هم در بلند گفتن بسم الله و قنوت نماز صبح و احتضار نيت در تكبيرة الاحرام و ترك قنوت نماز وتر انحراف جستند.

و عدلوا عن مذهب داود في اربع تزويج ما فوق الاربع و اعطاء الاثنين النصف و لا صلوة لجار المسجد في المسجد و في مسئلة العول

پيروان داود هم در چهار چيز عدول نمودند زن بيش از چهار گرفتن و نصف ارث به زن دادن و نماز براي كساني كه همسايه مسجد هستند بايد در مسجد بخوانند و در مسئله عول كه از مسائل ارث است.

و عدلوا عن اصحاب الحديث في اربع المتعه في الحج و المسح علي العمامه و ترك التيمم في الرمل و انتفاء الوضوء في القهقهه

و پيروان اصحاب حديث و اخباريين هم در باب متعه و حج و مسح بر عمامه و ترك



[ صفحه 60]



تيمم در شن و بطلان وضوء در قهقهه از احكام ادعدول كرده اند

و عدلوا عن مذهب الشيعه في اربعه المتعه و وقوع طلاق الثلاث واحده و المسح علي الرجلين و الحيله في الاذان.

مسلمين از پيروان مذهب امام در متعه و سه طلاق در محل واحد و مسح بر پاها و تغيير كلمه حي علي خيرالعمل انحراف يافتند بعدا شرح خواهيم داد.


علم جبر و مقابله


از اين علم استخراج مجهولات عددي مي شود به طوري كه مابين معادلات مخصوصي از اعداد معلوم اعداد مجهول به دست مي آيد - معني جبر در رياضيات اين است كه معادل بندند و اعداد را كسر كنند آن قدر كه عدد صحيح به دست آيد يعني در شكستن اعداد جبران نقص بشود و عدد صحيح به دست آيد.

معني مقابله اين است كه در يك طرف معادله اجناس متماثله نقص شود اگر در نقص هر دو كسر شد مقابله است و اگر يكي بود جبر است.


باطل كردن مدعاي افراد با استفاده از ادعاي خود آنها


انبياي الهي استدلال هاي خود را براي باطل نمودن ادعاي دشمنانشان بر مبناي ادعاي خود آنها قرار مي دادند. به اين صورت كه اگر طرف مناظره آنها سخني را مي گفت كه حكم خاصي از آن اثبات مي شد، ولي وي هدف ديگري را از بيان آن دنبال مي كرد، پيامبر خدا با هوشياري و با



[ صفحه 126]



استفاده از همان سخن، دشمنان خود را محكوم مي كرد.

حضرت ابراهيم عليه السلام در مناظره با نمرود آنجا كه وي ادعاي خدايي مي كند، مي فرمايد:

فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب [1] .

همانا خداوند خورشيد را از مشرق بر مي آورد پس تو آن را از مغرب بياور.

حضرت مبناي اين حجت را بر ادعايي كه نمرود در حجت قبلي كرده بود قرار داد. به اين صورت كه فرمود: اگر تو ادعا كردي كه پروردگار من هستي! شأن پروردگار من اين است كه در نظام عالم و تدبير جهان تصرف كند. پس خورشيد را از مغرب بر آور.

علت اين كه ابراهيم پايه اين دليل را بر ادعاي سابق نمرود قرار داد، اين است كه كسي خيال نكند كه بحث سابق به نفع نمرود تمام شده و مدعاي او به ثبوت رسيده است. [2] .

حضرت موسي عليه السلام نيز در برخورد با ساحران از اين شيوه استفاده كرد.

قالوا يا موسي اما أن تلقي و اما أن نكون أول من ألقي [3] .

ساحران گفتند: اي موسي تو مي افكني يا ما اول كسي باشيم كه بيفكنيم؟

وقتي ساحران طنابها و چوب دستي هاي خود را انداختند و هر چه داشتند به كار گرفتند، خداوند به حضرت موسي عليه السلام فرمود:



[ صفحه 127]



لا تخف انك أنت الأعلي [4] .

مترس كه تو خود برتري.

حضرت نيز عصايش را انداخت و آنچه را كه ساخته بودند بلعيد و به اين صورت ادعاي آنها را باطل كرد تا اين كه:

فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون و موسي [5] .

آن گاه ساحران به سجده افتادند و گفتند: به پروردگار هارون و موسي ايمان آورديم. [6] .

قرآن همچنين مي فرمايد:

فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا ان هذا لسحر مبين [7] .

و چون حق از جانب ما به سوي آنان آمد، گفتند: بي گمان اين سحر و جادويي آشكار است.

حضرت موسي وقتي گفتار فرعونيان را شنيد و ملاحظه كرد كه به «حق»، نسبت «سحر مبين» مي دهند، در مقام رد و انكار گفتار آنان به صورت استفهام، انكار را تكرار كرده و دوباره مي پرسد: آيا اين سحر است؟

... أ سحر هذا و لا يفلح الساحرون [8] .

آيا اين سحر است و حال آن كه ساحران را هرگز پيروزي نخواهد بود؟ [9] .


پاورقي

[1] بقره / 258.

[2] الميزان في تفسير القرآن، ج 2، ص 375-367.

[3] طه / 65.

[4] همان / 68.

[5] همان / 70.

[6] ترجمه الميزان في تفسير القرآن، ج 27، ص 207-201.

[7] يونس / 76.

[8] همان / 77؛ الميزان في تفسير القرآن، ج 10، ص 111 و 112.

[9] الميزان في تفسير القرآن، ج 10، ص 111 و 112.


ميهمان ارجمندتر از ميزبان


من اطعم اخاه في الله كان له من الاجر مثل من اطعم فئاماً من الناس. [1] .

هر كه بخاطر خدا برادر ديني اش را اطعام دهد، پاداش اطعام صد هزار از مردم براي اوست. [2] .

امام صادق عليه السلام

روزي حسين بن نعيم نزد امام صادق عليه السلام آمد و سخن از محبت به مؤمنان پيش آمد و حضرت عليه السلام پرسيد:

«آيا به برادران ديني خود محبت مي ورزي؟»

وقتي او جواب مثبت داد، امام صادق عليه السلام پرسيد:

آيا از فقرا و تنگدستانشان دستگيري مي نمايي؟»

او جواب مثبت داد و امام عليه السلام فرمود:

«توجه داشته باش كه بر تو واجب و لازم است آنكه را خدا دوست دارد، دوست بداري. [3] آگاه باش! قسم به خدا، به يكي از ايشان نفعي



[ صفحه 159]



نمي رساني مگر اينكه او را دوست داشته باشي. [4] آيا آنها را منزل خود دعوت مي كني؟»

او جواب داد:

«هيچ گاه غذا نمي خورم مگر اينكه دو يا سه نفر از برادران ايماني ام مهمان من هستند.»

حضرت صادق عليه السلام فرمود:

«فضيلت آنها بر تو بيشتر از فضيلت تو بر آنهاست.»

حسين بن نعيم گفت:

«فدايت شوم من آنها را ميهماني مي كنم و در منزل خود از ايشان پذيرايي مي نمايم، باز فضيلت آنها بيشتر است؟!»

امام صادق عليه السلام فرمود:

«بلي هنگاميكه وارد منزل تو مي شوند با آمرزش تو و خانواده ات وارد مي شوند و هنگام بيرون رفتن شان از منزلت، گناهان تو و خانواده ات را نيز بيرون مي برند.» [5] .



[ صفحه 160]




پاورقي

[1] الكافي 2 / 202.

[2] الكافي 2 / 202 حديث 12.

[3] فرموده ي حضرت «ان تحب من يحب الله» است. عبارت متن بنابر رفع لفظ جلاله است و ليكن بنابر نصب آن، آنكه خدا را دوست دارد معنا مي شود.

[4] اما والله لا تنفع منهم احداً حتي تحبه.

[5] كلمه ي طيبه /245 و بحارالانوار 71 / 362 «باب اطعام المؤمن.».


صفات مؤمن


- مولاي من! حضرت عالي كه مظهر تقوي و پارسايي و مجسمه ي زهد و پرهيزكاري و درياي علم و حكمت و داراي نفوذ كلام و قدرت بيان هستيد، همه را مجذوب كلام خود مي سازيد و همچنين در حلم و حسن خلق و تحمل و بردباري در برابر ناملايمات و مصائب روزگار چون كوهي آهنين استوار و پابرجا هستيد، خطاب به پيروانتان (زمان گرفتاريها) چه مي فرمائيد؟

مي گويم: المؤمن عند الهزايز وقور، (مؤمن در حوادث شكننده با وقار است).


الحسد


الحسد كراهة نعمة الآخرين وحب زوالها، وإن الحاسد لم يزل يتطلع إلي نعم الله جل جلاله علي عباده فلا يهنأ له حال. وما ألطف ما وصف الحساد أبو الحسن التهامي بقوله:



إني لأرحـم حاسـدي لشر ما

ضمـت صدورهم من الاوغار



نظروا صنيع الله بي فعـيونهم

في جنـة وقلوبهم فـي نـار



وهو داء في النفس أشد من داء البخل، لأن البخيل يضن بماله علي غيره أما الحسود فانه يضن بمال الله ونعمه علي عباده، ويتألم من وصولها إلي غيره فهو العدو بلا سبب وطالب زوال النعمة عن غيره وإن لم تصل إليه، ولقد قال رسول الله (ص): إن لنعم الله أعداء، قيل له ومن هم يا رسول الله؟ قال (ص):



[ صفحه 85]



الذين يحسدون الناس علي ما آتاهم الله من فضله.

وهذا الداء النفساني لم يحدث إلا عن خبث في الروح وإنطراء النفس علي الشر فاذا ما تمكن من إمريء أفسد أخلاقه، وساقه إلي القبائح والجرائم، وأوقع صاحبه في أشد الآلام النفسية والاسقام البدنية كما قيل:



أفسـدت نفسـك بالحسد

وهدمــت أركـان الجسـد



فاذا حصل في أمة أوقعها في الشقاق والنفاق ثم الدمار، وإذا أستولي علي أحد أرجع عذابه علي صحابه، لأن الحسود دائم العذاب مستمر الألم، ولذا قال «ع»: لا يطمع لحسود في راحة القلب [1] .

وقال «ع»: ليس الحسود غني [2] .

وقال «ع»: الحسود ذو نفس دائم وقلب هائم وحزن لازم، وإنه لكثير الحسرات متضاعف السيئات، دائم الغم وإن كان صحيح البدن.

وقال «ع»: إن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب [3] .


پاورقي

[1] الخصال باب العشرة.

[2] الحادي عشر.

[3] الكافي في باب الحسد.


المضطر


سئل الامام الصادق عليه السلام عن الرجل يجنب في الثوب، أو يصيبه بول، و ليس معه ثوب غيره؟ قال: يصلي فيه اذا اضطر اليه.

و سئل ولده الامام الكاظم عليه السلام عن رجل عريان، و حضرت الصلاة، فأصاب ثوبا نصفه دم، أو كله دم، يصلي فيه، أو يصلي عريانا؟ قال: ان وجد ماء غسله، و ان لم يجد ماء صلي فيه، و لم يصل عريانا.

اذا كان عند المصلي ثوب نجس لا يملك سواه، و لا يستطيع تطهيره، و لا نزعه عن البرد، صلي فيه و صحت صلاته، و لا يجب عليه الاعادة لا قضاء و لا اداء اذا ارتفع العذر، كما هو ظاهر الرواية الأولي.

و اذا لم يستطع تطهيره، و لكنه يستطيع ان ينزعه، و يصلي عاريا، صلي بالنجس و صحت الصلاة، كما هو ظاهر الرواية الثانية، و علي هذا صاحب عروة الوثقي، و السيد الحكيم، و السيد الخوئي.


الفقهاء 02


هذه الرواية متفق علي العمل بها، و هي أوضح من كلمات الفقهاء، و هذا مثال واحد منها: «للبقر نصابان: ثلاثون، و فيها تبيع أو تبيعة، و فيه مسنة، و هكذا دائما».

و من أحب زيادة في التوضيح قلنا:

يؤخذ من البقر من كل ثلاثين واحد دخل في السنة الثانية، و لا شي ء فيما دونها، فلو افترض ان انسانا يملك ثلاثين بقرة الا ربعا، أو الا قيراطا فلا شي ء عليه، و لا عليها. و من كل أربعين واحد دخل في السنة الثالثة، و من الستين تبيعان، و من السبعين مسنة عن أربعين، و تبيع عن ثلاثين، و من الثمانين مسنتان، عن كل أربعين منها مسنة، و من التسعين ثلاثة تبيعات، عن كل ثلاثين تبيع، و من



[ صفحه 64]



المائة مسنة عن أربعين، و تبيعان عن ستين، و من المائة و عشرة مسنتان عن ثمانين، و تبيع عن ثلاثين، و من المائة و العشرين يتخير المالك بين ثلاث مسنات أي عن كل أربعين مسنة، و بين أربع تبيعات، عن كل ثلاثين تبيع. و هكذا، و ليس بين الفريضتين شي ء.

و الجاموس كالبقر، و حكمهما واحد، لأنهما من فصيلة واحدة، و قد سئل الامام الباقر عليه السلام عن الجواميس، هل فيها شي ء؟ قال: مثل ما في البقر.


النائم و اخوته


لا أثر للايجاب أو القبول اذا صدر من الناسي، أو النائم، أو المغمي عليه، أو السكران، أو من استولي الغضب علي عقله، لعدم القصد من الاساس، و كذلك اذا قصد الاخبار أو الاستفهام، دون الانشاء، أما قصد الانشاء من الهازل فلا يعتد



[ صفحه 67]



به ما دام لم يتجه اتجاها جديا لآثار العقد، و الأخذ بها، و مثله تماما العقد الصوري الذي بني علي التواطؤ.


رجوع الضامن علي المضمون عنه


يرجع الضامن علي المضمون عنه بما اداه للمضمون له اذا كان قد ضمن باذن المضمون عنه، و الا فلا يحق له الرجوع عليه، لأنه متبرع قال صاحب الجواهر: «الا جماع علي ذلك».

و اذا أبرأ المضمون له الضامن من الدين بري ء هو و المضمون عنه، و لا يحق للضامن الرجوع علي المضمون عنه، لأن استحقاق الرجوع عليه انما يكون مع الاداء عنه و الضمان باذنه، فان ضمن بغير اذنه، أو لم يؤد اطلاقا فلا حق له عليه.

و اذا أبرأ المضمون له ذمة المضمون عنه فلا تبرأ ذمة الضامن، لأن المفروض ان المضمون عنه اجنبي عن المضمون له بعد الضمان، فلا يؤثر ابراؤه شيئا الا أن يفهم منه أنه أراد الابراء من أصل الدين الذي كان علي المضمون عنه، و عليه تبرأ ذمة الضامن من غير شك.

و اتفقوا كلمة واحدة علي أن الضامن لا يجوز لا يجوز له الرجوع علي المضمون عنه و المطالبة بشي ء الا بعد ان يؤدي الي المضمون له، لأن ذمة المضمون عنه لا تشتغل بشي ء الا بعد الاداء، علي أن يكون الضمان باذن من المضمون عنه. و أيضا اتفقوا علي أنه لا يرجع عليه الا بمقدار ما أداه للمضمون له، علي شريطة أن لا يزيد علي أصل الدين، و اذا أبرأ المضمون له الضامن من الدين فلا يرجع هذا علي المضمون علي بشي ء، و اذا أبرأه من البعض، و أخذ منه البعض رجع عليه بما أدي فقط، و مما استدلوا به علي ذلك أن الامام الصادق عليه السلام سئل عن رجل ضمن عن آخر ضمانا، ثم صالح عليه؟ قال: ليس للضامن الا الذي صالح عليه.

و اذا دفع الضامن للمضمون له عروضا رجع الضامن علي المضمون عنه بقيمة العروض ان كانت بمقدار الدين، أو أقل، و ان زادت عنه رجل بالحق الذي



[ صفحه 55]



ثبت في ذمته للمضمون له.


اذا أهمل الأرض بعد الاحياء


من أحيا أرضا ثم تركها، حتي عادت مواتا كما كانت، فهل يجوز لغيره احياؤها؟

قال جماعة من الفقهاء: لا يجوز، لأن الأول قد ملكها بالاحياء، و الأصل



[ صفحه 46]



بقاء الملك، حتي يثبت السبب الناقل، و ليس الخراب من الأسباب الناقلة.

و قال آخرون: يجوز للثاني احياؤها، لأن الأول لم يملك رقبة الأرض بالاحياء، و انما يملك التصرف، و يكون أولي بها من غيره، و استدلوا بما جاء عن الامام الباقر أبو الامام جعفر الصادق عن جده أميرالمؤمنين عليهم السلام: «أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، و العاقبة للمتقين.. فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها الي الامام من أهل بيتي، و له من أكل منها، فان تركها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و أحياها فهو احق بها».

قال الشهيد الثاني في المسالك: «لأن هذه الأرض أصلها مباح، فاذا تركها، حتي رجعت الي ما كانت عليه صارت مباحة.. لأن العلة في تملك هذه الأرض الاحياء و العمارة، فاذا زالت العلة زال المعلول، و هو الملك، فاذا أحياها الثاني فقد أوجد سبب الملك، فيثبت الملك له، تماما كما لو التقط شيئا، ثم سقط منه، و ضاع عنه فلقطه غيره، فان الثاني يكون أحق به».


اقوال الفقهاء


قال ابن الجنيد: اذا تجدد عجز الزوج عن الانفاق جاز للزوجة أن تفسخ الزواج، أي تطلب من الحاكم أن يفسخ كما يفهم من كلامه الذي نقله عنه الشهيد



[ صفحه 52]



الثاني في المسالك ج 1 باب الزواج مسألة الكفاءة، قال ما نصه بالحرف:

«اذا تجدد عجز الزوج عن النفقة ففي تسلط الزوجة علي الفسخ قولان: أحدهما، و به قال ابن الجنيد، ان لها الخيار، لقول الامام الصادق عليه السلام: ان أنفق عليها ما يقيم حياتها مع كسوة و الا فرق بينهما، و لقوله تعالي: (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) و الامساك بلا نفقة خلاف المعروف فيتعين التسريح، فاذا تعذر صدوره من الزوج فسخ الحاكم لأنه ولي». يريد بفسخ الحاكم طلاقه بعد طلبها هي، و الا اذا رضيت فلا كلام في عدم جواز الطلاق.

فابن الجنيد يخص جواز الطلاق فيما اذا تجدد عجز الزوج عن الانفاق و وافقه علي ذلك صاحب الرياض، و البهبهاني، فقد نقل صاحب روضات الجنات في الجزء الرابع أن له رسالة في حكم النكاح مع الاعسار سماها مظهر المختار «و ذهب فيها الي جواز فسخ المرأة نكاحها في صورة حضور الزوج و امتناعه من الانفاق و الطلاق، وان كان من جهة الفقر و الاملاق».

و قال صاحب الجواهر و صاحب الحدائق في باب الزواج - مسألة الكفاءة، و السيد أبوالحسن الأصفهاني في «الوسيلة الكبري» تحت عنوان «القول في الكفر» قالو: يجوز للحاكم أن يطلق عن الزوج اذا امتنع عن الانفاق مع يساره و قدرته، و لا يطلق اذا كان معسرا.

أما السيد الحكيم فقد أجاز الطلاق للحاكم عن العاجز عن النفقة. و عن القادر الممتنع عنها، قال في منهاج الصالحين ج 2 ص 161 طبعة 1381: «لا يبعد أن يجوز لها - أي لزوجة العاجز عن النفقة - أن ترفع أمرها الي حاكم الشرعي، فيأمر زوجها بالطلاق، فان امتنع طلقها الحاكم الشرعي، و كذا ان امتنع القادر عن الانفاق جاز لها أن ترفع أمرها الي الحاكم الشرعي، فيلزمه بأحد



[ صفحه 53]



الأمرين من الانفاق أو الطلاق، فان امتنع عن الأمرين، و لم يمكن الانفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها، و لا فرق بين الحاضر و الغائب».

و قال السيد اليزدي في ملحقات العروة ص 70 طبعة 1344 ه: «لا يبعد جواز طلاقها للحاكم الشرعي مع مطالبتها، وعدم صبرها، بل و كذا في المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر، بل و في غير المفقود ممن علم أنه محبوس في مكان لا يمكن مجيئه أبدا، و كذا في الحاضر المعسر الذي لا يتمكن من الانفاق مع عدم صبر زوجته علي هذه الحالة، ففي جميع هذه الصور و اشباهها - كما لو امتنع عن النفقة مع القدرة عليها - و ان كان ظاهر كلمات الفقهاء عدم جواز فكها و اطلاقها للحاكم الا أنه يمكن أن يقال بجوازه، لقاعدة: نفي الضرر، و خصوصا اذا كانت شابة، و استلزم صبرها طول عمرها وقوعها في المشقة الشديدة».


لي حوض ما بين بصري الي صنعاء


الحسن بن أحمد، عن سلمة، عن الحسن بن علي ابن بقاح، عن ابن جبلة، عن عبدالله بن سنان قال: سألت أباعبدالله عليه السلام فقال: لي حوض ما بين بصري الي صنعاء، أتحب أن تراه؟

قلت: نعم جعلت فداك.

قال: فأخذ بيدي و أخرجني الي ظهر المدينة، ثم ضرب برجله، فنظرت الي نهر يجري لا ندرك حافتيه الا الموضع الذي أنا فيه قائم، فانه شبيه بالجزيرة، فكنت أنا و هو وقوفا، فنظرت الي نهر يجري جانبه ماء أبيض من الثلج، و من جانبه هذا لبن أبيض من الثلج، و في وسطه خمر أحسن من الياقوت، فما رأيت شيئا أحسن من تلك الخمر بين اللبن و الماء.

فقلت له: جعلت فداك من أين يخرج هذا و مجراه؟

فقال: هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنة، عين من ماء، و عين من لبن، و عين من خمر، تجري في هذا النهر، و رأيت حافتيه عليهما شجر، فيهن حور معلقات، برؤوسهن شعر ما رأيت شيئا أحسن منهن، و بأيديهن آنية ما رأيت آنية أحسن منها ليست من آنية الدنيا، فدنا من احداهن فأومأ بيده لتسقيه، فنظرت اليها، و قد مالت لتغرف من النهر، فمالت الشجرة معها، فاغترفت ثم ناولته فشرب ثم ناولها، و أومأ اليها، فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها ثم ناولته فناولني فشربت، فما رأيت شرابا كان



[ صفحه 104]



ألين منه، و لا ألذ منه، و كانت رائحته رائحة المسك، فنظرت في الكأس فاذا فيه ثلاثون ألوان من الشراب.

فقلت له: جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط، و لا كنت أري أن الامر هكذا.

فقال لي: هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا، ان المؤمن اذا توفي صارت روحه الي هذا النهر، ورعت في رياضه، و شربت من شرابه، و ان عدونا اذا توفي صارت روحه الي وادي برهوت فاخلدت في عذابه و اطعمت من زقومه، و اسقيت من حميمه، فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي [1] .



[ صفحه 105]




پاورقي

[1] الاختصاص: ص 321. بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 118.


شذرات من حياة الصادق


حيدر صالح المرجاني، نجف، مطبعة النعمان، 1375 ق، رقعي، 96 ص.


مروحة الفؤاد


من جعل الرئة مروحة الفؤاد لا تفتر و لا تختل لكيلا تتحير الحرارة في الفؤاد، فتؤدي إلي التلف؟



[ صفحه 81]




الخلود لماذا؟


علل الشرائع 2 / 523، ب 299، ح 1، أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، قال: حدثنا القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود الشاذكوني، عن أحمد بن يونس،...

عن أبي هاشم قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الخلود في الجنة و النار، فقال:

انما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، و انما خلد أهل الجنة في الجنة، لأن نياتهم كانت في الدنيا لو بقوا أن يطيعوا الله أبدا ما بقوا، فالنيات تخلد هؤلاء و هؤلاء، ثم تلا قوله تعالي: (قل كل يعمل علي شاكلته) [1] قال: علي نيته.


پاورقي

[1] سورة الاسراء، الآية: 84.


معالجة المرأة


[دعائم الاسلام 2 / 144 ح 502:...]

عن جعفر بن محمد عليه السلام: أنه سئل عن المرأة تصيبها العلة في جسدها، أيصلح أن يعالجها الرجل؟ قال عليه السلام:

اذا اضطرت الي ذلك فلا بأس.


في العشر الأواخر


اقبال الأعمال 199-198: روينا باسنادنا الي أبي محمد هارون بن موسي - رضي الله عنه - باسناده الي محمد بن أبي عيمر، عن مرازم، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه كان يقول في كل ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان...

اللهم انك قلت في كتابك المنزل: شهر رمضان، الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس و بينات من الهدي و الفرقان، فعظمت حرمة شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن، و خصصته بليلة القدر، و جعلتها خيرا من ألف شهر، اللهم و هذه أيام شهر رمضان قد انقضت و لياليه قد تصرمت، و قد صرت يا الهي منه الي ما أنت أعلم به مني، و أحصي لعدده من الخلق أجمعين، فأسألك بما سألك به ملائكتك المقربون و أنبياؤك المرسلون، و عبادك الصالحون، أن تصلي علي محمد و آل محمد و أن تفك رقبتي من النار، و تدخلني الجنة برحمتك، و أن تتفضل علي بعفوك و كرمك، و تتقبل تقربي، و تستجيب دعائي، و تمن علي بالأمن يومن الخوف من كل هول أعددته ليوم القيامة، الهي و أعوذ بوجهك الكريم و بجلالك العظيم، أن تنقضي أيام شهر رمضان و لياليه و لك قبلي تبعة أو ذنب تؤاخذني به أو خطيئة تريد أن تقتصها مني لم تغفرها لي.

سيدي سيدي سيدي أسألك يا لا اله الا أنت، اذ لا اله الا أنت، ان كنت رضيت عني في هذا الشهر فازدد عني رضي، و ان لم تكن رضيت عني فمن الآن فارض عني يا أرحم الراحمين، يا الله يا أحد يا صمد يا من لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد.

و أكثر أن تقول: (يا ملين الحديد لداود عليه السلام، يا كاشف الضر و الكرب العظام عن أيوب عليه السلام، أي مفرج هم يعقوب عليه السلام، أي منفس غم



[ صفحه 31]



يوسف عليه السلام صل علي محمد و آل محمد كما أنت أهل أن تصلي عليهم أجمعين، و افعال بي ما أنت أهله و لا تفعل بي ما أنا أهله.


عوامل استمرار المدرسة و بقائها


و ليس من السهل أن يبقي لمدرسة الامام الصادق بناء ثابت و كيان حي، أمام اصرار علي تمزيقها و بعثرتها و وضعها في حصار من العنف و الاضطهاد.. من أجل خلق حاجز نفسي رهيب، يفصلها عن أجواء الأمة، و عندما نبحث عن العوامل



[ صفحه 292]



التي أعطتها قوة الصمود و الاستمرار أمام ذلك الاصرار المعاكس نجدها:

1- قوة الشخصية التي كان يتمتع بها الامام في أوساط الرأي العام المسلم و سموها، بما تحمل من ملكات فكرية و روحية و انسانية أصيلة، تستمد عطاءها من ثمرات النبوة، و كنوزها الغنية بعوائد الايمان و أسرار المعرفة..

2- الانفتاح العلمي و الفكري الواسع الذي أوجده الامام في أجواء الأمة، و الذي موج حركة الفكر، و أعطاها قوة الدفع، بعد أن جمدتها الأهواء و المصالح الخاصة، التي اقتضتها طبيعة بعض الظروف السياسية، و ساعده علي ذلك الفرجة السياسية الممتدة بين فترة انحطاط الحكم الأموي، و بدء فترة استقرار الحكم العباسي.. و قد أعطي هذا الانجاز الفكري الرائع لشخصية الامام جاذبية روحية فريدة.. يجسدها ذلك الالتفاف الواسع من حوله، و الانكفاء الفريد علي مدرسته، من جهابذة العلم و أقطاب الفكر، حتي كان الانتماء لمدرسته و التخرج عليه، سمة اعتزاز و فخر لكل من تخرج عليها..

3- انتشار تلاميذه و خريجي مدرسته، في شتي أنحاء المجموعة الاسلامية، و الذين لم يكتموا انتماءهم فيما يحملون من علم و معرفة لمدرسة الامام، فكان كل واحد منهم مدرسة



[ صفحه 293]



تحمل طابع الامام، و تستمد عطاءها من فيضه، و لئن تمكن الحكم من حبس الامام في بعض الفترات، عن ممارسة العمل برسالته.. ولكنه لن يتمكن من حبس الآلاف من تلامذته الذين امتلأت بهم حواضر العالم الاسلامي، و الذين كانوا رسل علم و معرفة، و دعاة خير و ايمان، أعدهم الامام لحمل مسؤولية الرسالة، من أجل بناء الأمة بناءا روحيا صالحا.. و هم بذلك يؤلفون في انتشارهم الواسع، جامعة الامام الكبري، علي مستوي الأمة في شتي منطلقاتها..

4- الاضطهاد الذي كان يمارسه الحكم ضد الامام مما أعطي للامام نفوذا أكبر، و تعلقا به من جانب الأمة بنحو أشد، و كان هذا الاضطهاد المستمر من أفضل العوامل التي روجت لمدرسة الامام.. باعتبار أن الاضطهاد من جانب الحكم لجهة معينة، بذاته يخلق اصرارا عفويا في الرأي العام علي التزام الجهة المضطهدة، و الالتفات اليها باهتمام، و لم يكن للحكم أي مبرر - في نظر الأمة - في ممارسة تلك السلبية ازاء الامام، الا محاولة الحد من التأثيرات النفسية لتعاليمه، التي ربما لا تنعكس علي واقع الحكم و أوضاعه السياسية القائمة، و الا فان الأمة ليست في معزل عن الواقع السياسي العام.. فهي تدرك أن المبررات التي يفتعلها الحكم لاضفاء صفة الشرعية علي اضطهاده للامام، لم تكن مبررات واقعية، بل هي أسلوب



[ صفحه 294]



سياسي ماكر، يراد به خداع الرأي العام و التلبيس عليه..

5- و مدرسة الامام لم تكن لترتبط بمكان محدد.. بل هي ترتبط بشخص الامام ذاته، فهي في حله و ترحاله، تمارس نشاطها بقوة، و تبذل عطاءها بسخاء، فهو في المدينة مدرسة و في مكة مدرسة، و في الكوفة مدرسة، و في الحيرة مدرسة، و بعيدا عن رقابة الحكم مدرسة، و قريبا منها مدرسة، و قد مر كيف كان انكفاء الناس عليه في الحيرة، عندما استدعاه السفاح الي هناك ليكون قريبا من نظارة الحكم و رقابته و شعور السفاح بالخيبة عندما وجد اهتمام الناس بالامام و التفافهم من حوله لأخذ العلم منه، و التزود من معارفه، متجاوزين رعاية جانب الحكم في رغبته بالابتعاد عن الامام، ثم منع السفاح من الدخول عليه، و احتيال البعض للوصول اليه بأساليب طريفة.. تتحدي الحكم في رقابته و منعه..

بقوة هذه العوامل و غيرها بقيت مدرسة الامام صامدة أمام الأحداث و تجاوزات الظالمين.. و استمر عطاؤها ينفح الأمة بألوان من روائع العلم و كنوز المعرفة، و كانت فتحا رساليا عظميا في تاريخ الفكر الاسلامي و الانساني، و حجر الزاوية في بناء الحياة العلمية الرائدة في المجتمع الاسلامي، رغم تقولات المغرضين، و افتراءات الحاسدين..



[ صفحه 295]




مناظراته مع المعتزلة


شكل أهل الاعتزال في عصر الامام عليه السلام خطا فكريا مميزا تجاه المدارس الفكرية الأخري فكان للامام جولات متعددة و مناقشات دقيقة نذكر منها:

- جاء في كتاب الاحتجاج عن عبدالكريم بن عتبة الهاشمي قال: «كنت عند أبي عبدالله عليه السلام بمكة اذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد و واصل بن عطاء و حفص بن سالم، و أناس من رؤسائهم، و ذلك أنه حين قتل الوليد، و اختلف أهل الشام بينهم، فتكلموا فأكثروا و خطبوا فأطالوا فقال لهم أبو عبدالله:»انكم قد أكثرتم علي فأطلتم فاسندوا أمركم الي رجل منكم، فليتكم بحجتكم و ليوجز».

فأسندوا أمرهم الي عمرو بن عبيد فأبلغ و أطال، فكان فيما قال: قتل أهل الشام خليفتهم، و ضرب الله بعضهم ببعض، و تشتت أمرهم، فنظرنا فوجدنا رجلا



[ صفحه 101]



له دين و عقل و مروة، و معدن للخلافة و هو محمد بن عبدالله بن الحسن فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ثم نظهر أمرنا معه، و ندعو الناس اليه، فمن بايعه كنا معه و كان منا، و من اعتزلنا كففنا عنه، و من نصب لنا جاهدناه، و نصبنا له علي بغيه، و نرده الي الحق و أهله، و قد أحببنا أن نعرض ذلك عليك، فانه لا غني بنا عن مثلك، لفضلك، و لكثرة شيعتك فلما فرغ قال أبو عبدالله عليه السلام أكلكم علي مثل ما قال عمرو؟.

قالوا: نعم، فحمدالله و أثني عليه و صلي علي النبي ثم قال: انما نسخط اذا عصي الله فاذا أطيع الله رضينا أخبرني يا عمرو لو أن الأمة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال و لا مؤونة فقيل لك: و لها من شئت من كنت تولي؟.

قال: كنت أجعلها شوري بين المسلمين، قال: بين كلهم؟ قال: نعم فقال: بين فقهائهم و خيارهم؟ قال: نعم.

قال: قريش و غيرهم؟ قال: العرب و العجم.

قال: فأخبرني يا عمرو أتتولي أبابكر و عمر أو تتبرأ منهما؟.

قال: أتولاهما.

قال: يا عمرو ان كنت رجلا تتبرأ منهما، فانه يجوز لك الخلاف عليهما، و ان كنت تتولاهما فقد خالفتهما، قد عهد عمر الي أبي بكر فبايعه و لم يشاور أحدا، ثم ردها أبوبكر عليه و لم يشاور أحدا ثم جعلها عمر شوري بين ستة، فخرج منها الأنصار غير اولئك الستة من قريش، ثم أوصي الناس فيهم بشي ء ما أراك ترضي أنت و لا أصحابك قال: و ما صنع؟.

قال: أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام و أن يتشاور أولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم الا ابن عمر و يشاورونه و ليس له من الأمر شي ء و أوصي من كان بحضرته من المهاجرين و الأنصار ان مضت ثلاثة أيام و لم يفرغوا و يبايعوا أحدهم أن يضرب أعناق الستة جميعا، و ان اجتمع أربعة قبل أن يمضي ثلاثة أيام و خالف اثنان أن يضرب أعناق الاثنين، أفترضون بهذا فيما تجعلون من الشوري في المسلمين؟.

قالوا: لا.



[ صفحه 102]



قال: يا عمرو دع ذا، أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو اليه، ثم اجتمعت لكم الأمة و لم يختلف عليكم منها رجلان فأفضيتم الي المشركين الذين لم يسلموا و لم يؤدوا الجزية، كان عندكم و عند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيهم بسيرة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المشركين في الجزية؟.

قالوا: نعم.

قال: فتصنعون ماذا؟ قالوا: ندعوهم الي الاسلام فان أبوا دعوناهم الي الجزية؟

قال: فان كانوا مجوسا و أهل كتاب و عبدة النيران و البهائم و ليسوا بأهل كتاب؟ قالوا: سواء.

قال: فأخبرني عن القرآن أتقرؤونه؟ قال: نعم.

قال: اقرأ: «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون» [1] .

قال: فاستثني الله عزوجل، و اشترط من الذين أوتوا الكتاب فهم و الذين لم يؤتوا الكتاب سواء قال: نعم.

قال عليه السلام: عمن أخذت هذا؟ قال: سمعت الناس يقولونه.

قال: فدع ذا، فانهم ان أبوا الجزية فقاتلتهم فظهرت عليهم كيف تصنع بالغنيمة؟ قال: أخرج الخمس و أقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليها.

قال: تقسمه بين جميع من قاتل عليها؟ قال: نعم.

قال: فقد خالفت رسول الله في فعله و في سيرته، و بيني و بينك فقهاء أهل المدينة و مشيختهم، فسلهم فانهم لا يختلفون و لا يتنازون في أن رسول الله انما صالح الأعراب علي أن يدعهم في ديارهم و أن لا يهاجروا، علي أنه ان دهمه من عدوه دهم فيستفزهم فيقاتل بهم، و ليس لهم من الغنيمة نصيب، و أنت تقول بين



[ صفحه 103]



جميعهم، فقد خالفت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في سيرته في المشركين.

دع ذا ماذا تقول في الصدقة؟.

قال: فقرأ عليه هذه الآية: «انما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها...» [2] الي آخرها. قال: نعم، فكيف تقسم بينهم؟ قال: أقسمها علي ثمانية أجزاء فأعطي كل جزء من الثمانية جزءا.

فقال عليه السلام: ان كان صنف منهم عشرة آلاف و صنف رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟.

قال: نعم.

قال عليه السلام و ما تصنع بين صدقات أهل الحضر و أهل البوادي فتجعلهم فيها سواء؟ قال: نعم.

قال عليه السلام: فخالفت رسول الله في كل ما أتي به، كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقسم صدقة البوادي في أهل البوادي، و صدقة الحضر في أهل الحضر، و لا يقسم بينهم بالسوية انما يقسمه قدر ما يحضره منهم، و علي قدر ما يحضره. فان كان في نفسك شي ء مما قلت لك فان فقهاء أهل المدينة و مشيختهم كلهم لا يختلفون في أن رسول الله كذا كان يصنع. ثم أقبل علي عمر و قال: اتق الله يا عمر و أنتم أيضا الرهط فاتقوا الله، فان أبي حدثني و كان خير أهل الأرض و أعلمهم بكتاب الله و سنة رسوله: أن رسول الله قال: «من ضرب الناس بسيفه، و دعاهم الي نفسه و في المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضال متكلف» [3] :



[ صفحه 105]




پاورقي

[1] التوبة الآية 29.

[2] التوبة الآية 60.

[3] الاحتجاج لأبي منصور الطبرسي ص 362.


آيا علم و مشيت مختلف اند؟


بكير بن اعين گويد: به امام صادق - عليه السلام - گفتم: آيا علم خدا و مشيت خدا دو چيز است يا يك چيز؟

حضرت فرمودند: علم مشيت نيست، مگر نه اينكه تو مي گوئي: من اين كار را خواهم كرد اگر خدا بخواهد. ونمي گوئي: اين كار را خواهم كرد اگر خدا بداند.

پس گفته ي تو: اگر خدا بخواهد، دليل بر اين است خدا نخواسته است، و اگر



[ صفحه 53]



بخواهد آنچه خواست - به طوري كه خواست - واقع مي شود، و علم خدا سابق بر مشيت او است. [1] .


پاورقي

[1] بحارالأنوار: ج 4 ص 144 ح 15.


عبدلله افطح


پس از اسماعيل بزرگترين اولاد حضرت صادق عليه السلام عبدالله افطح است كه برخي به سبب بزرگترين بودن او را امام دانسته و پيروان او را افطحيه گويند و حضرت صادق مردم را خبر داده از امامت حضرت موسي الكاظم و كذب ادعاي عبدالله [1] .


پاورقي

[1] مناقب و الكشي ص 165.


حديث 053


3 شنبه

الحكمة ضالة المؤمن.

حكمت، گمشده ي مؤمن است.

كافي، ج 8، ص 167


مقابر زنان مشهور در بقيع


1/چ: امّ البنين

دختر حزام بن خالد بود كه به همسري عليّ بن ابي طالب درآمد و چهار پسر از او به دنيا آورد كه: عبّاس، جعفر، عثمان و عبدالله بودند و و همگي آنان با حسين بن علي (عليه السلام) در واقعه كربلا كشته شدند.

گفته اند كه وي را در كنار مقابر عمّات پيامبر: صفيّه و عاتكه دفن كردند.



[ صفحه 528]



2/چ: امّ رومان

دختر عامر بن عويمر، همسر ابوبكر و مادر عايشه همسر پيامبر بود. وفات وي در سال ششم هجري به زمان حيات پيامبر رخ داد و پيامبر در مراسم خاكسپاري او شركت جست.

3/چ: حليمه

از قبيله «بنوسعد بن بكر» و دختر «ابي ذؤيب عبدالله بن حارث» بود. وي مادر رضاعي پيامبر بود. علي بن موسي در رساله اش ضمن توصيف بُقاع و مراقد بقيع در سال 1303 هـ. ق. مي نويسد:

«در سمت شمالي قبر عثمان بن عفّان گنبد و بارگاهي بنا شده كه: «فيها مرقد السّيّدة حليمة السعديّة مرضعة سيّدّنا النّبيّ».

4/چ: اروي بنت كرير

مادر «عثمان بن عفّان» بود و ابن سعد مي نويسد:

«فدفناها بالبقيع.»


معرفته الجن


محمد بن الحسن الصفار: قال: حدثني محمد بن اسماعيل، عن علي ابن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة قال: كنت مع أبي عبدالله عليه السلام فيما بين مكة و المدينة، اذا التفت عن يساره فاذا كلب أسود، فقال: ما لك قبحك الله؟ ما أشد مسارعتك؟ و اذا هو شبيه بالطائر، فقلت: ما هذا جعلت فداك، فقال: هذا عثم بريد الجن، مات هشام الساعة فهو يطير ينعاه في كل بلدة [1] .

أبوجعفر محمد بن جرير الطبري: قال: روي محمد بن اسماعيل، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة قال: كنت مع أبي عبدالله عليه السلام فيما بين مكة و المدينة، فالتفت عن يساره فاذا كلب أسود، فقال: ما لك قبحك الله ما أشد مسارعتك؟ و اذا هو شبيه الطائر، فقلت: ما



[ صفحه 79]



هذا جعلني الله فداك؟ فقال: هذا عثم بريد الجن، مات هشام الساعة، و مر يطير ينعاه في كل بلدة [2] .

و رواه الراوندي في الخرائج: عن أبي حمزة قال: كنت مع أبي عبدالله عليه السلام فيما بين مكة و المدينة و ذكر الحديث [3] .


پاورقي

[1] بصائر الدرجات ص 104 ج 2 باب 18 ح 4.

[2] دلائل الامامة: ص 132.

[3] الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 855 ح 71.


ديدار از خانواده به يك چشم بر هم زدن


حضرت امام صادق عليه السلام فرمود: كسي كه مي خواهد با نداشتن خويش و قوم، عزيز و محترم باشد، با نداشتن ثروت، غني و بي نياز باشد، با نداشتن مقام شامخ اجتماعي داراي ابهت و عظمت باشد، بايد خويشتن را از ذلت گناه و ناپاكي به محيط با عزت اطاعت الهي منتقل كند.

معلي بن حنينس روايت مي كند كه روزي در خدمت امام جعفرصادق عليه السلام نشسته بودم كه فرمود: يا معلي چگونه است كه تو را اندوهناك مي بينم؟ گفتم: اي حضرت شنيده ام كه در عراق وبائي آمده، براي خانواده ام نگرانم. حضرت فرمود: مي خواهي ايشان را ببيني؟ گفتم: آري. فرمود: صورتت را برگردان، صورت خود را گردانيدم، آن گاه فرمود: به اين طرف نگاه كن. وقتي نگاه كردم خانه خودم را پيش چشمم ديدم.

پس حضرت فرمود: اكنون وارد خانه خود شو و اهل بيت خودت را ببين و زود بازگرد. من داخل خانه خود شدم، اهل خانواده ام را از كوچك و بزرگ صحيح و سالم يافتم و هر چه در خانه ما بود، ديدم. آن گاه بيرون آمدم و به خدمت آن حضرت رسيدم. حضرت فرمود: صورتت را برگردان، چون صورتم را برگرداندم هيچ نديدم.



[ صفحه 124]




كتابه إلي علي بن أبي حمزة في الإحرام


أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن إسماعيل، عن صفوان، عن عليّ بن أبي حمزة [1] قال: كتبت إلي أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجل جعل للَّه عليه أن يحرم من الكوفة؟ قال: يُحرِمُ مِنَ الكوفَةِ. [2] .



[ صفحه 52]




پاورقي

[1] راجع في ترجمته: الكتاب الحادي والسّتّون.

[2] تهذيب الأحكام: ج5 ص54 ح163، الاستبصار: ج2 ص163 ح9، وسائل الشيعة:ج11 ص327 ح 14929.


ختامه مسك


قال مولانا الصادق عليه السلام: في معني الصراط...

هو الطريق الي معرفة الله عزوجل، و هما صراطان: صراط في الدنيا، و صراط في الآخرة، و أما الصراط في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة، من عرفه (في) الدنيا و اقتدي بهداه مر علي الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخره [1] .

امام صادق عليه السلام (در معناي صراط) فرمود: صراط راهي براي معرفت خدا است. صراط دوتاست؛ صراط دنيا و صراط آخرت. اما صراط دنيا، امام واجب الاطاعه (معصومين عليهم السلام) مي باشد؛ هر كس در دنيا معرفت به امام پيدا كرد، به او اقتدا نمود و به واسطه ي او هدايت گرديد، روي صراط آخرت كه پلي روي جهنم است به راحتي و با سرعت) عبور خواهد كرد.

سعادت دنيا و آخرت در اطاعت از جانشينان بر حق خاتم انبياء صلي الله عليه و اله يعني امامان معصوم - كه اول آنان حضرت اميرالمؤمنين علي عليه السلام و آخر آن ها حضرت حجت بن الحسن عج) است - مي باشد.



[ صفحه 101]




پاورقي

[1] معاني الاخبار، ص 32، باب معني الصراط، ح 1.


ما يعتبر أجسام الانس من ثقل الحركة و المشي لو لم يصبها ألم


لم صارت أجسام الانس خاصة تثقل عن الحركة و المشي، و تجفو عن الصناعات اللطيفة، الا لتعظيم المؤنة فيما يحتاج اليه الناس للملبس و المضجع و التكفين و غير ذلك، لو كان الانسان لا يصيبه ألم و لا وجع، بم كان يرتدع



[ صفحه 62]



عن الفواحش، و يتواضع لله، و يتعطف علي الناس... أما تري الانسان اذا عرض له وجع خضع و استكان و رغب الي ربه في العافية، و بسط يده بالصدقة، و لو كان لا يألم من الضرب بم كان السلطان يعاقب الدعار - الخبثاء - و يذل العصاة المردة، و بم كان الصبيان يتعلمون العلوم و الصناعات، و بم كان العبيد يذلون لأربابهم، و يذعنون لطاعتهم. أفليس هذا توبيخ (ابن أبي العوجاء) و ذويه الذين جحدوا التدبير.

(و المانوية) الذين انكروا الوجع و الألم.


بندگي و خلوص


او قبل از هر چيز عبد خدا بود و همواره در پيشگاه خدا و در نهايت تواضع به سر مي برد. ارتباط و پيوندش با خدا چنان تنگاتنگ بود كه همواره سجده هاي طولاني انجام مي داد و به ياد خدا مي بود. مكرر با حالي ملكوتي و چشمي پر از اشك مي فرمود:

«رب لا تكلني الي نفسي طرفة عين ابدا، لا اقل من ذلك و لا اكثر». [1] .

پروردگارا! مرا به اندازه ي يك چشم به هم زدن و نه كمتر و نه زيادتر، به خويش وامگذار.

يكي از شاگردانش به نام ابن ابي يعفور مي گويد: آن حضرت را ديدم دست به سوي آسمان بلند كرده و اين دعا را مي خواند و اشك مي ريزد، سپس رو به من نموده و فرمود: خداوند به اندازه كمتر از يك چشم بر هم زدن، يونس پيامبر را به خويش واگذار كرد و آن گناه را (ترك اولي، دوري از قومش) مرتكب شد.

پرسيدم: آيا كارش به حد كافران رسيد؟ فرمود: نه، ولي هر كس در چنين حالي (بي توبه) بميرد، هلاك شده است. [2] آن حضرت در نقش انگشترش چنين نوشته بود:



[ صفحه 81]



«انت ثقتي فاعصمني من خلقك»

خدايا! تو تكيه گاه محكم و مورد اطمينان من هستي، مرا از گزند مخلوقاتت حفظ كن.

و نيز نوشته بود:

«الله خالق كل شي ء»

خداوند آفريدگار هر چيز است.

و در نگين انگشتر ديگرش نوشته بود:

«يا ثقتي قني شر خلقك» [3] .

اي خداي مورد اطمينان من! مرا از گزند اشرار مخلوقات حفظ كن.

حفض بن غياث مي گويد: روزي امام صادق عليه السلام را در كنار درخت خرمايي ديدم، در آنجا وضو گرفت و مشغول نماز شد و به سجده رفت. پانصد بار در سجده گفت: «سبحان الله». سپس بر تنه آن درخت تكيه داد و به راز و نياز و مناجات با خدا پرداخت. [4] .


پاورقي

[1] الصحيفة الصادقية الجامعة، ص 167.

[2] الكافي، ج 2، ص 581.

[3] جنات الخلود، ص 13.

[4] بحارالأنوار، ج 47، ص 37.


مروان بن محمد


مروان بن محمد بن مروان بن الحكم و امه ام ولد من الاكراد اسمها لبابة، ولي الحكم في صفر سنة 127 ه إلي ان قتل ببوصير من أرض مصر لثلاث عشر ليلة خلت من ربيع سنة 132 ه. و به انتهي الحكم الاموي و انتقل الامر الي بني العباس.



[ صفحه 132]



و تفرق الامويون في البلاد، و كانوا طعمة للسيف و زالت دولتهم بعد أن حكمت البلاد احدي و تسعين سنة، و تسعة اشهر.

و قامت علي انقاضها الدولة العباسية، بعد حروب طاحنة دامت مدة من الزمن، و كانت دعوة بني العباس إلي أهل البيت.

و أول من ولي الحكم منهم هو: أبوالعباس السفاح عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس، بويع في ربيع الآخر سنة 132 ه. و مات في ذي الحجة سنة 136 ه.

و قام من بعده أخوه أبوجعفر المنصور و اسمه عبدالله بن محمد بن علي ابن عبدالله بن العباس.

بويع إذ مات أخوه السفاح، و بقي واليا إلي أن مات سنة 158 ه في ذي الحجة، و في عهده استشهد الامام الصادق عليه السلام بالسم دسه إليه المنصور سنه 148 ه في الخامس و العشرين من شهر شوال و دفن بالبقيع مع أبيه و جده و الحسن السبط صلوات الله عليهم أجمعين.

و قد تجرع من المنصور كؤوس الاذي و المحن، و تحمل في سبيل اداء رسالته انواع الآلام كما تقدم.


حديث الخزانة


و حديثها شجون، فقد احتفظ المنصور بخزانة ادخرها (ليوم لا ينفع فيه مال و لا بنون) ادخرها (ليوم الفصل)، (يوم يعض الظالم علي يديه) أجل ما هذه الخزانة التي احتفظ بها في حياته، و أوصي بها المهدي بعد وفاته و دفع مفتاحها إلي ريطة زوجة المهدي، و أوصاها أن لا تدفعها إلا بيده عندما يصح لها موت المنصور؟ و لما مات المنصور و آن لريطة أن تنفذ وصيته بفتح تلك الخزانة، و لعلها كانت تأمل أنها تحتوي علي نفائس من الجوهر تحلي بها جيدها، فوق ما وهبتها الكف الظالمة، كما حظت ببغيتها من الخزائن الأخري.

فجاءت مع المهدي و لا ثالت معهما إلا عين الله الذي لا تخفي عليه خافية في الأرض و لا في السماء. فاستبقا بكل بهجة و سرور لفتح تلك الخزانة العظيمة فوجدوا هناك أشلاء مطرحة، وجثثا هامدة، و اليك حديثها: حدث الطبري في تاريخه قال:

لما عزم المنصور علي الحج دعا ريطة بنت أبي العباس امرأة المهدي. و كان المهدي بالري قبل شخوص أبي جعفر. فأوصاها بما أراد و عهد اليها و دفع اليها مفاتيح الخزائن، و تقدم اليها و أحلفها و وكد الإيمان أن لا تفتح بعض تلك الخزائن و لا تطلع عليها أحدا إلا المهدي. و لا هي إلا أن يصح عندها موته، فاذا صح ذلك اجتمعت هي و المهدي و ليس معهما ثالث حتي يفتحا الخزانة.

فلما قدم المهدي من الري إلي مدينة السلام دفعت اليه المفاتيح، و أخبرته عن المنصور انه تقدم اليها فيه ألا يفتحه و لا يطلع عليه أحدا حتي يصح عندها موته، فلما انتهي إلي المهدي موت المنصور و ولي الخلافة فتح الباب و معه ريطة، فاذا أزج كبير فيه جماعة من قتلي الطالبيين، و في آذانهم رقاع فيها أنسابهم، و إذا فيهم أطفال و رجال، شباب و مشايخ عدة كثيرة، فما رأي ذلك المهدي ارتاع لما رأي، و أمر فحفرت لهم حفيرة فدفنوا فيها، و عمل



[ صفحه 478]



عليها دكانا. [1] و لا حاجة بنا إلي بيان أكثر من هذا مما استعمله المنصور مع أهل البيت.


پاورقي

[1] تاريخ الطبري ج 6 ص 344.


الخوارج


نشأت هذه الفرقة بصفين، عندما طلب معاوية التحكيم من علي عليه السلام، و هي خدعة حربية استعملها معاوية و دله عليها ابن العاص عندما أحس بالهزيمة و لمس الضعف في جيشه، و عرف تفوق علي بحقه، و ان الحق مع علي عليه السلام و قد انضم لجيشه رجال مخلصون قد رسخ الايمان في قلوبهم.

أراد معاوية أن يوقع الشك، و يحدث الفرقة في صفوف جيش علي عليه السلام و قد وقع ما أراد معاوية، فقد نفرت طائفة لم يتركز الايمان في قلوبهم و مرقوا



[ صفحه 114]



من الدين، و لم يقبلوا تحكيم أحد في كتاب الله و رأوا أن التحكيم خطأ، لأن حكم الله في الأمر واضح جلي، و التحكيم يتضمن شك كل فريق من المحاربين أيهما المحق؟ و ليس يصح هذا الشك، لأنهم و قتلاهم انما حاربوا و هم مؤمنون.

هذه المعاني المختلجة في نفوسهم صاغها أحدهم في الجملة الآتية: «لا حكم الا لله» فسرت هذه الجملة سير البرق الي من يعتنق هذا الرأي، و تجاوبتها الأنجاء فأصبحت شعار هذه الطائفة (الخوارج).

و علي أي حال، فقد تكونت هذه الفرقة من عناصر مختلفة، و ظهرت منهم مخالفة علي عليه السلام و تجرءوا علي مقامه. و نسبوا اليه ما لا يليق بشأنه.

و قد نظموا أمورهم، و قاموا بأمر لم يكن وليد وقته و انما هو أمر مدبر من ذي قبل، فكانت حرب النهروان و قضي علي عليه السلام علي زعمائهم.

و استمروا علي اعتقادهم و حماسهم، و كانوا يظنون أنهم أشد فرق المسلمين دفاعا عنه، و أظهروا غضبهم علي كثير من الخلفاء، و استعملوا ألفاظا معسولة في الدعوة الي مبادئهم، و تظاهروا بالهدف الي العدل و المساواة، و لكنهم تلبسوا بالظلم الي أبعد حد، و أباحوا دماء جميع المسلمين، و خضبوا البلاد الاسلامية بالدماء. و كانوا يتهورون في دعوتهم، و يتشددون في عقيدتهم، و يرون اباحة دماء المسلمين الذين يخالفون عقيدتهم، فالمسلم المخالف لهم لاعصمة لدمه.

و من طريف أخبارهم: أنهم أصابوا مسلما و نصرانيا فقتلوا، المسلم و أوصوا بالنصراني، و قالوا: احفظوا ذمة نبيكم فيه. و قتلوا عبدالله بن خباب و في عنقه مصحف، و قالوا: ان الذي في عنقك يأمرنا أن نقتلك، فقربوه الي شاطي ء النهر فذبحوه و بقروا بطن زوجته.

و ساوموا نصرانيا نخلة له، فقال: هي لكم، فقالوا: و الله ما كنا لنأخذها الا بثمن، فقال لهم النصراني: ما أعجب هذا؟

أتقتلون مثل عبدالله بن خباب و لا تقبلوا منا ثمن نخلة؟!


التوحيد في أجوبة الامام للمفضل بن عمر


و هو جوابه للمفضل بن عمر [1] حينما سمع كلام ابن أبي العوجاء و انكاره للصانع فناظره المفضل ثم بادر الي الصادق عليه السلام و طلب منه أن يملي عليه ما يقوي به علي مناظرة الزنادقة، فأجابه بتلك الدروس القيمة، و الحكم النافعة، التي تحتوي علي دلائل التوحيد، و محكم البراهين علي وجود الصانع الحكيم، من بيان هيئة العالم، و تأليف أجزائه، مما يفرض علي الكل أن يرفضوا فكرة المصادفة في تجمع هذه الكائنات، و فكرة خلود المادة التي يقول بها الدهرية و الملحدون.

و بعد ذلك ذكر كيفية خلق الانسان و تكوينه، و كيفية ولادته و تغذيته، و غرائزه، و طبائعه و بيان الدماغ و عظمته، و ما فيه من سائر الاعضاء من عجيب الصنع، و عظيم القدرة، الي آخر ما يتعلق بالحلقة الأولي من حديثه، و هو المجلس الأول.

و في الحلقة الثانية تحدث عن الحيوان و أنواعه، و الحكمة في خلقه مفصلا موضحا، مفندا أقوال الخصوم، ثم ربط تفصيله الخصائص الكائنات الحية، أنواعها و طبقاتها بفكرة الله و وجود الخالق و المخلوق.

و في اليوم الثالث بدأ يملي حلقته الثالثة فتحدث مطولا عن نظام الكواكب العجيب، و عقلانية تنظيم الأجواء، و علاقة الانسان بهذه و تلك، رابطا هذا كله أيضا بفكرة الوجود الالهي و وحدانية الله.

و في اليوم الرابع تحدث عن الأوبئة و الأمراض، و الآفات المختلفة التي تصيب الانسان، و الحيوان و النبات، و عقلانية علاقتها بخالق الوجود و وحدانيته أيضا.

و نري من اللازم الاشارة لذلك اختصارا اذ لا سبيل لنقل النصوص كاملة كما وردت لطولها و لذلك نكتفي بذكر البعض.



[ صفحه 422]




پاورقي

[1] هو أبو عبدالله المفضل بن عمر الجعفي الكوفي، ولد في الكوفة في نهاية القرن الأول أيام الامام الباقر (ع)، و توفي في أواخر القرن الثاني عن عمر يناهز الثمانين سنة، و قد أدرك أربعة من أئمة أهل البيت، و هم الباقر، و الصادق، و الكاظم، و الرضا عليهم السلام، و لم يرو عن الباقر لأنه كان صغيرا في ايامه، و اتصل بالامام الصادق اتصالا وثيقا، و كان من ثقاة أصحابه و كان وكيلا علي أمواله بعد موت عبدالله بن أبي يعفور.


تنبيهات


1 - اننا لم نتعرض لترجمة هؤلاء الفقهاء بالتفصيل حذرا من الاطالة في الموضوع، و ان ذلك يجرنا الي البحث حول سعيد بن المسيب و الاختلاف في نزعته، فقد ورد في بعض الروايات أنه كان من حواريي الامام زين العابدين، و أخص تلامذته كرواية علي بن أسباط عن أبي الحسن.

و كان يظهر المعارضة للأمويين، و ينقم علي معاوية ما خالف فيه أحكام



[ صفحه 121]



الاسلام، كالحاقه زياد بن سمية بأبي سفيان و قد ولد من الزنا علي فراش أبي عبيد، و خالف بذلك الحديث المشهور (الولد للفراش و للعاهر الحجر).

و يستدل بعضهم بهذه المعارضة أنه كان علي صلة تامة بأهل البيت، و ان هناك روايات تدل علي ابتعاده عنهم، و الأمر يدعو الي مزيد من البيان و لا يمكن ذلك بهذه العجالة و اعطاء الرأي الصحيح فيه.

2 - اننا تركنا التعرض لترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر اكتفاء بما سبق.

3 - ان قول المؤلف أبوزهرة في أول ذكره للفقهاء السبعة: انهم كانوا من أبرز أساتذة الامام الصادق، لم يكن مبنيا علي حجة و لا مستندا الي دليل بل هو قول يفرضه، و رأي يرتئيه و لا يقره التتبع، و ما أكثر ما يفترضه الأستاذ و ما يتخيله و لا يثبت ذلك أمام الحقائق.

و الخلاصة أن هؤلاء الفقهاء السبعة لم يكن الامام الصادق راويا عن واحد منهم، و لم يأخذ العلم عنهم بل كان أكثر هؤلاء رواة الحديث أبيه و جده و من تلامذتهما، و قد ذكرنا في الجزء الثالث من هذا الكتاب رد قول من يزعم ان الامام الصادق كان يروي عن عروة بن الزبير.

و علي كل حال: فان القول بأخذ الامام الصادق عن هؤلاء انما هو من باب التخمين و الافتراض، و ذلك لا يثبت حقيقة و لا يدل علي واقع.

4 - ان حصر الفقه في هؤلاء السبعة أمر يدعو الي الاستغراب و التساؤل، فهل كان ذلك أمرا واقعيا بحيث أن هؤلاء هم المبرزون في عصرهم و المجمع علي فقاهتهم؟

و هل أقر لهم أقرانهم بذلك، و شهد لهم أساتذتهم به؟

نحن لا نعرف لهذا أسبابا واقعية، و انما يغلب علي الظن و يتبادر الي الذهن أنها فكرة سياسية لاستخدام التشريع الاسلامي في اغراض الولاة، تأييدا للدولة و كسبا لرضا الأمة الناقمة علي وضع النظام القائم، لانحرافه عن نظم الاسلام، و ابتعاد رجال السلطة عن العمل به.

فكان لجوؤهم الي تعيين رجال يؤخذ العلم عنهم، و أحكام التشريع منهم، أمرا يأملون به رد المواخذات، و صرف الناس عن الالتقاء بمن هو خصم لهم، و لا يحبون أن يظهر أمره أو ينتشر ذكره.

و اذا أردنا أن نلقي نظرة فاحصة عن أسباب الاختصاص بهؤلاء دون سواهم فانا نجد ذلك يرجع الي صفات يتحلي بها هؤلاء أكثر من غيرهم.

فسعيد بن المسيب مثلا كان جل روايته عن صهره أبي هريرة الدوسي،



[ صفحه 122]



و كان يأخذ بقضاء عمر و فقهه حتي قيل انه راوية عمر و حامل علمه، و كل ذلك لا يعارض أهداف السلطة الحاكمة، لأنها تهتم اذا ما ذكر علي عليه السلام و نشر علمه، أو كان لأهل بيته ذكر في المجتمع العلمي.

و عروة بن الزبير هو راوية أم المؤمنين خالته عائشة، و كان يتألف الناس بالرواية عنها، و هو من أعوان الدولة الأموية، و السائرين في ركابها و قد روي عن أم المؤمنين عائشة أشياء لا يقبلها العقل.

و أما القاسم بن محمد فهو حفيد أبي بكر الصديق و له منزلة علمية، و مكانة لا تجهل، و اشادة الدولة بذكره يعود عليها بالنفع، و ان لم يرتض ذلك او يقبله هو، فالسياسة تهدف الي منافعها قبل كل شي ء و هكذا بقية الجماعة من الفقهاء السبعة.

و الغرض أن هذا الحصر كان أمرا مقصودا و شيئا مدبرا، و ربما يلمح له شعر عبيدالله بن عبدالله السابق الذكر في استشهاده بهؤلاء الجماعة اذ يتجلي منه أنه أمر مقرر، و شي ء مشهور.

كما ان ابتعاد الناس عن الفتوي في ذلك الزمان و دفع السائل الي أحد هؤلاء يستنتج منه الالزام و التعين.

قال أبواسحق: كنت أري الرجل في ذلك الزمان و انه ليدخل يسأل عن الشي ء فيدفعه الناس من مجلس الي مجلس، حتي يدفع الي مجلس سعيد بن المسيب كراهية للفتيا [1] .

5 - عقب الأستاذ أبوزهرة هذا الموضوع بأشياء لا نتعرض لها و كل ذلك يدور حول أخذ الامام الصادق عن غير أهل بيته، و لكنه لم يهتد للطريق و لم يصل الي الهدف.

6 - اننا لم نتعرض في ابداء الملاحظات حول موضوع الرأي و الحديث الذي جاء بعد هذا الموضوع، لأننا قد أشرنا اليه في الجزء الأول فلا نحب الاعادة و الاطالة.



[ صفحه 125]




پاورقي

[1] اعلام الموقعين ج 1 ص 18.


مقدمة الكتاب


و لنقتطف هنا من مقدمة الكتاب بعض ما جاء فيها مما يدلنا بوضوح علي منهجه في بحثه، و خطته التي سار عليها بعنوان أنه أديب:

يقول: يرجع الفي الي هذا النوع من الأدب السياسي الي السنة الثانية من سني دراستي في كلية اللغة العربية، حينما كنت مكلفا في دراسة الأدب الأموي، و الوقوف علي قديمه و جديده، فاذا أنا أمام ثروة مشرقة من آدابنا الحزبية، تظاهرت علي انضاجها عقول صقلها الاسلام، و هذبها كتابه، و أقامتها حياة اجتماعية و سياسية...

و يقول: ثم كانت دعوة كريمة، ناشدت أبناء الأزهر و علماءه أن يدرسوا الأحزاب الاسلامية، و يقفوا علي طريق الجدل و الحجاج فيها، و ناشدتهم - بوجه خاص - أن تكون دراستهم لنشدان الحق، و وجه العلم بعيدة عن التعصب و الهوي...

أما لماذا اخترت أدب الشيعة موضعا لرسالتي؛ فلأنه - أولا - أدب يمجد آل الرسول - صلي الله عليه و سلم - و ينتصر لحقهم، و يبكي مصارع قتلاهم و لأنه - ثانيا - أدب يصور العاطفة المتأججة، و الحب الصادق، و الأدب اذ تظاهرات علي ابرازه: عاطفة و احساس، و عقيدة... كان في عرف المتأدبين جديرا بالبحث و حقيقا بالحياة...

و بعد ذلك يبين منهجه في البحث ثم يقول: و خصصت فصلا ثالثا للعقائد الشيعية و أثرها في الأدب.

و هنا غلبتني أزهريتي فوقفت قليلا عند جمهرة من هذه العقائد أناقشها



[ صفحه 439]



و استدل لها، و عليها، و هنا كذلك و ضحت الفكرة الشيعية و استبانت أطوارها فأوجزتها في كلمات قدمت بها رسالتي.

أما قسم الأدب، فله منهج في البحث، و سبيل جديد عمدت الي أدب الشيعة فنثرته بين يدي متوخيا عصوره، مستقصيا مناهجه و أصوله، فاذا أنا أمام أدب يتدرج في حجاجه و مناحيه، تدرج الفكرة الشيعية في سذاجتها و عمقها، فهو عربي صريح أيام أن كانت الفكرة الشيعية عربية صريحة، و هو عنيف، ثائر، في الوقت الذي تغلغلت فيه الفكرة الشيعية، و أبرزتها الفواجع العلوية في صور من العقائد، فاستقل لتبيان ذلك الفصل الرابع... الخ

هذا بعض ما اقتطفناه من مقدمة الكتاب لنستنتج منه بعض ما لا بد من ايضاحه قبل الدخول في صميم الموضوع، و هنا أمور يدركها القراء:

1 - ان الأدب الأموي تظاهرت علي انضاجه عقول صقلها الاسلام، و هذبها كتابه. 2 - و الي جانب الأدب الأموي الأدب الشيعي، أو بعبارة أصح الأدب العلوي فهو في نظر الاستاذ لم يكتسب تلك الدرجة، و لم تصبغه تلك الصبغة الاسلامية من حيث الصقل و الانضاج - كما اتصف الأدب الأموي - فالأدب الشيعي أدب عاطفة متأججة، و حب صادق يتدرج تدرج الفكرة الشيعية في سذاجتها... الخ

3 - ان الأستاذ في دراسته هذه ينشد الحق لذات الحق و وجه العلم و هذا هو أمنية كل مسلم، و هدف كل منصف، و سنري فيما بعد هل تحقق عند المؤلف ما كان ينشده؟ أم أن ذلك لا يعدو الا القول دون العمل؟ أو أنه حبر علي ورق؟.


التجربة و الاستخلاص


«أما اذا خرجت من الانكار الي منزلة الشك، فاني أرجو أن تخرج الي المعرفة» [1] .

(جعفر الصادق)

«لو أتيح لي الأمر لحرقت كتب أرسطو كلها، لأن دراستها يمكن أن تؤدي الي ضياع الوقت، و احداث الخطأ، و نشر الجهالة».

(روجير بيكون 129 ميلادية)

«لم يكن روجير بيكون في الحقيقة الا واحدا من رسل العلم الاسلامي و المنهج الاسلامي الي أوربة المسيحية».

(روبر بريفو)

أتيحت للامام الصادق حقبة طويلة للتعليم، يتلقاه أو يلقيه، فلم يحبس كمثل ما حبس الكثيرون من أهل بيته. أو يقتل كما قتل عظماؤهم.

و لم يصطدم مذهبه الفقهي بمذهب فقهي للسلطان، فبنو أمية و بنو العباس حتي عهده لم يكن لهم مذهب فقهي، اذ لم تظهر المذاهب «رسميا» الا في أخريات القرن الثاني للهجرة، عندما صير أبويوسف مذهب أبي حنيفة مذهب السلطان [2] ، و استعصمت المدينة بفقهها [3] ، ثم



[ صفحه 360]



ظهر الشافعي في أواخر القرن الثاني [4] .

و لم يصطدم الامام بمذهب سياسي للخليفة، اذ لم يظهر اعتناق الدولة للاعتزال الا في عصر المأمون، في فاتحة القرن الثالث.

و كان الجهميون [5] و القدريون [6] مستضعفين، و لم يكن لمناقشات أصحاب الملل و النحل شأن يستلفت النظر.

بهذا أتيح للامام في مجلسه العلمي، و اقتداره الذي يسلم به الجميع، أن يرسي في أمنة واطمئنان قواعد «منهج علمي» ما يزال يعبر القرون، باعتباره فتحا من الفتوح التي فتحها الله علي البشر.

و فحوي المنهج: أن العلم «مشاهدة» و «نزاهة فكرية» في «استخلاص» النتائج، لا يقبل الله سواها من عالم أو متعلم.

في هذا الفحوي قول الامام: «اطلبوا العلم، فانه السبب بينكم و بين الله» [7] ، و السبب الي الله لا يقوي الا بقلب خاشع، و من ثم وجب اخلاص النية فيه، و صدق الهمة في تلقيه، و قبول حقائقه دون تلويثها بشوائب الهوي أو الغرض أو المقررات السابقة، أو العوامل الخارجية.

و بهذه الخصائص تصبح «النزاهة العلمية» سمتا للعبادة، و شأوا للسيادة، يقول الامام: «الملوك حكام علي الناس، و العلم حاكم عليهم... حسبك من العلم أن تخشي الله، و حسبك من الجهل أن تعجب بعلمك» [8] .





[ صفحه 361]



و لتحقيق ذلك يأمر الامام طالب العلم - من بدء أمره - بالتحلي بخصال، و ينهاه عن نقيضها، يقول: «لا تطلب العلم لثلاث: لترائي به، و لا لتباهي به، و لا لتماري به. و لا تدعه لثلاث: رغبة في الجهل، و زهادة في العلم، و استحياء من الناس» [9] و ما المراء أو الاصرار علي عدم المعرفة أو تحقير العلم أو خوف النقد، الا خروق واسعة تتساقط منها كنوز العلماء، و مواهب المتعلمين، و واجب الفرد في أن يتعلم، في أمة فرض رسولها العلم علي كل مسلم و مسلمة [10] ، فالعلم في الاسلام طريق للبقاء و التقدم.

و يقول لمحمد بن النعمان (مؤمن الطاق)، و هو المناضل الجدل: «يا ابن النعمان، اياك و المراء فانه يحبط عملك، و اياك والجدل فانه يوبقك، و اياك و كثرة الخصومات فانها تبعدك من الله. و ان من قبلكم كانوا يتعلمون الصمت و أنتم تتعلمون الكلام...، انما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء... ان أبغضهم الي المترئسون، المشاؤون بالنمائم، الحسدة لاخوانهم، و انما أوليائي الذين سلموا لأمرنا، و اتبعوا آثارنا. و ليست البلاغة بحدة اللسان، و لا بكثرة الهذيان، و لكنها اصابة المعني و قصد الحجة».

و يضيف: «يا ابن النعمان، ان أردت أن يصفو لك ود أخيك فلا تمازحنه و لا تجارينه و لا تباهينه، لا تطلع صديقك من سرك الا علي مالو اطلع عليه عدوك لم يضرك، فان الصديق قد يكون عدوك يوما...» [11] .

و من أدوات المنهج: طمأنينة المعلم و المتعلم بالاستغناء عن الناس، فالامام يحث تلاميذه علي العمل للرزق، و يمدهم بالمال ليتجروا، و يستغنوا عن الناس؛ ليستمع اليهم



[ صفحه 362]



الناس، و ليقدروا علي الاستمرار في التلقي و في الالقاء.

و من أدواته: التعمق و التخصص، «فالعلم لا يعطيك بعضه الا أن تعطيه كلك» [12] كما يقول أبويوسف.

فأبان بن تغلب وزرارة بن أعين متخصصان للفقه، يفتيان الناس في مسجد الرسول، و حمران بن أعين حجة في علوم القرآن، و مؤمن الطاق للكلام - علم التوحيد - و هشام بن الحكم للكلام في العقائد و في الامامة، و أبان بن عثمان للكلام في الاستطاعة و ما اليها.

و المنهج شامل: يسأل الامام عن قوله تعالي: (و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) [13] فيقول: «الحكمة هي المعرفة و التفقه في الدين» [14] .

و لما جمع للحكمة: المعرفة و التفقه في الدين، كان يعلم الناس أن الفقه وحده ليس الحكمة، و انما هو درجة فيها [15] و هو القائل: «تفقهوا في الدين، فان من لم يتفقه منكم فهو أعرابي» [16] .



[ صفحه 363]



و لما جعل مطلق المعرفة بعض الحكمة، فتح الباب لكل أنواع العلوم، فليست المعرفة قاصرة علي العلم الديني، فهذا ينفيه نصه علي التفقه في الدين معها.

وانما قصد الامام العلم عموما، و منه العلوم التطبيقية، و الفلسفات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية التي كان لها في مجالس الامام الصادق مكان، هو أول مكان تلقاه في حلقة امام للدين في مدارس الاسلام؛ كمكان جابر بن حيان. و هذه التفرقة بين ألوان المعرفة يوجبها المنهج العلمي علي الدارسين، و هذا الجمع لشتي العلوم ايذان بتطبيق المنهج الاسلامي في فنون العلم العالمي، كما سنري بعد.

و للمنهج - بعد - شعار من حب رسول الله، و تقدير أصحابه (محمد رسول الله والذين معه) [17] ، فلا يقبل العلم من رجل، أو يقبل العلم علي رجل، قصر ايمانه عن صيانتهم، يقول الامام لجابر الجفي: «أبلغ أهل الكوفة أني برئ ممن يتبرأ من أبي بكر و عمر رضي الله عنهما و أرضاهما» [18] .

فهذا العلم دين، و المجلس العلمي كمجالس العابدين، والشيخان و ان خالفتهما نظريات الشيعة، محل اجلال المسلمين.

و كمثل الشيخين في حفظ الكرامة: عثمان بن عفان، و هم جميعا كعلي بن أبي طالب، أصحاب بل أصهار لصاحب الشريعة، و تعليم الشريعة أول أعمال الامام، و الامام سيد عصره، لا تسقط من حضار مجلسه كلمة نابية.

بهذه النزاهة الفعلية و الفكرية، و بالاخلاص للمعرفة، و التزام قيم الاسلام، استعمل الامام الصادق «العقل» أصلا من الأصول، الي جوار القرآن و السنة و الاجماع.

و النص علي العقل و استعماله مستمد من القرآن الذي طالما خاطب فطرة البشر «لتعتبر» بما تدركه الحواس من آيات الله [19] و تتدبرها، و تستصحبها، لتري آلاءه علي عباده، و تشهد



[ صفحه 364]



تقديره و تدبيره، فتقنعهم بوجوده و وحدانية و قدرته، فتصبح الدليل ما بعده دليل [20] .

و كما استعمل الصادق «العقل»، استعمل «الحرية» التي منحها القرآن للانسان: لا يكره الناس علي أن يكونوا مؤمنين [21] ، و لا يستعمل في جدالهم الا التي هي أحسن، و لا في وعظهم الا الموعظة الحسنة، حتي ثبوت الألوهية لا يرضاه الله باكراه.

و العقل لا يعمل الا حرا، و اذا أكره تعطل أو انحرف، والجدال بعنف تعسف، و للعقل كرامة، و الكرامة هي الحرية.

و الاعتبار بالآثار و الأشياء المحيطة بالناس، بالمشاهدة و الاستخلاص، ثم الحرية والأمانة في التفكير و التقدير، أي النزاهة الفكرية، هما صميم المنهج.

و هو لا يتجلي قدر ما يتجلي في الدلالة علي الله جل ثناؤه.

اليك مثلا من زنديق تحداه بقوله: كيف يعبد الله الخلق و لم يروه؟ قال الصادق: «رأته القلوب بنور الايمان، و أثبتته العقول بيقظتها اثبات العيان، و أبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب و احكام التأليف، ثم الرسل و آياتها، و الكتب و محكماتها، و اقتصر العلماء علي ما رأوه من عظمته دون رؤيته» [22] .

فلنلاحظ أنه يبدأ بآثار الله التي يراها الناس في نور الايمان، و يثبتها العقل و البصر، ثم يثني بالرسل اللافتين أنظار الناس الي آيات الله، و بالنصوص المحكمة التي جاءوا بها، و أخيرا يذكر ما يحصله العلم المحدود بما يراه العلماء من آثار ذلك. لكن الزنديق يستمر: أليس هو قادرا أن يظهر لهم، فيعرفوه، فيعبد علي يقين؟ قال الصادق: «ليس للمحال جواب»، قال الزنديق: فمن أين أثبت أنبياء و رسلا؟ قال الصادق: «انا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكيما، لم يجز أن يشاهده خلقه أو يلامسوه...، ثبت أن له سفراء في خلقه و عباده يدلونهم علي مصالحهم...» [23] .



[ صفحه 365]



و مثلا مما يروي محمد بن سنان: حدثني المفضل بن عمر قال: كنت ذات يوم بين القبر و المنبر - قبر الرسول بالمدينة - و أنا أفكر فيما خص به الله تعالي سيدنا محمدا صلي الله عليه و سلم...، اذ جاء ابن أبي العوجاء فجلس بحيث أسمع كلامه، فخرجت من المجلس محزونا متفكرا فيما بلي به الاسلام و أهله من كفر هذه العصابة و تعطيلها، فدخلت علي مولاي عليه السلام منكسرا، فقال: مالك؟ فأخبرته، فقال: بكر علي غدا...، فلما أصبحت غدوت، فاستؤذن لي، فجلست و قمت بين يديه فقال: «ان الشكاك جهلوا الأسباب و المعاني في الخلقة، و قصرت أفهامهم عن تأمل الصواب و الحكمة، فخرجوا بقصر علومهم الي الجحود...، فهم في ضلالهم و تجبرهم بمنزلة عميان دخلوا دارا قد بنيت أتقن بناء، و فرشت بأحسن الفرش...، و وضع كل شي ء من ذلك موضعه...، فجعلوا يترددون فيها يمينا و شمالا...، محجوبة أبصارهم عنها...، و الانسان كالمالك لهذا البيت...، ففي هذا دلالة علي أن العالم مخلوق بتقدير و حكمة، و نظام و ملاءمة، و أن الخالق له واحد...» [24] .

و هو هنا يدلل بما تلمسه الحواس علي لزوم وجود مالا تلمسه، فهو يستعمل العقل و الواقع معا.

ويروي ابن بابويه القمي (381): كان ابن أبي العوجاء و ابن المقفع يلاحظان الجمع الذي كان يطوف بالكعبة، فقال ابن المقفع لأصحابه: لا واحد من هؤلاء يستحق اسم الانسانية الا هذا الشيخ الجالس - و أشار الي جعفر بن محمد - فقام ابن أبي العوجاء الي الشيخ، و تحدث معه، ثم رجع الي صاحبه و قال: ما هذا ببشر، ان كان في الدنيا روحاني يتجسد اذا شاء ظاهرا، أو يتروح اذا شاء باطنا، فهو هذا!... ظل يحصي لي قدرة الله التي في نفسي، و التي لم أستطع رفضها، حتي ظننت أن الله قد نزل بيني و بينه [25] .

و نزول الله بين الامام و بين ملحد، باعتراف الملحد، آية باقتدار المنهج علي بلوغ غرضه،



[ صفحه 366]



و قدرة مجادل جمع الآيات الربانية حججا بين يدي منكر أخذته حجة الأمر الواقع فأبلس.

فاذا تصدي الامام لأصحاب الأغلوطات أزري بالسفسطات، و بدههم - كدأبه - بالواقع فبهتتهم - كأن لم يشهدوها قبل - حقائق الأمر الواقع.

طلب واحد من تلاميذه بيانا عن قول أبي شاكر الديصاني رئيس الطائفة الديصانية [26] - و هي طائفة ملحدة تنعم بحرية العقيدة في بلدان الاسلام -: ان في القرآن ما يدل علي أن الاله ليس واحدا: ففيه (و هو الذي في السماء اله و في الأرض اله) [27] فأجاب الامام بقوله: «قل له: ما اسمك في الكوفة؟ فيقول: فلان، فقل له: ما اسمك في البصرة؟ فيقول: فلان، فقل له: فكذلك ربنا في السماء اله، و في الأرض له، و في البحار اله، و في كل مكان اله» [28] .

و في كتاب الاهليلجة المروي عن طريق المفضل بن عمر، يستعمل الجدل العلمي في تنبيه الشكاك علي أنهم في بداية الطريق نحو المعرفة، يقول: «.. أخبرني هل رقيت الي الجهات كلها و بلغت منتهاها؟... فهل رقيت الي السماء التي تري أو انحدرت الي الأرض السفلي فجلت في أقطارها؟... فما يدريك لعل الذي أنكره قلبك هو بعض مالم تدركه حواسك و لم يحط به علمك... أما اذ خرجت من الانكار الي منزلة الشك فاني أرجو أن تخرج الي المعرفة» [29] .

فلنلاحظ أنه يجادل الرجل بأن يرتفع من الادراك المادي الي حيث يفكر، و أنه يرفع المفكر الي حيث يستيقن، فيطالب الشاك بمزيد من التجربة المحسوبة الملموسة، ليصل من الشك الي المعرفة، و هي مراحل العلم الذي يصل اليه الناس بوسائل مأمونة و مجربة.

و هذا المنهج «الواقعي» القائم علي النزاهة الفكرية و الحرية العقلية هو الآن منهج عالمي، يدين به الجميع للقرآن و أصول الفكر الاسلامي علي ما سنري بعد [30] .



[ صفحه 367]



ففي حين استخلص علماء العالم القديم من اليونان «نظريات» عمموها ليخضعوا لها نتائج الاستنباط، و فرضت سيادة الفكر الارستطاليسي علي العقل في أوربة منطق النظريات و العمومات، و قاومت الكنيسة في تاريخها القديم حرية التفكير، نري القرآن ينبه «العقل» علي الاعتبار بالمحسوس الذي يتمثل في «الواقع»، و أن يرفض الاستسلام للعمومات التي تحكم مقدما أي أمر واقع، ويرشد الانسان الي استعمال فكره بحرية من أي قيد.

بل نري الامام الصادق يعتبر «التقليد» مذلة عقلية «و استعبادا للنفس»، و يحاجج في ذلك حجاج القرآن، و يفسره تفسيره الرائع.

عن أبي بصير، عن أبي عبدالله الصادق في معني (اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله) [31] قال: «أما والله ما دعوهم الي عبادة، ولو دعوهم ما أجابوهم، و لكن أحلوا لهم حراما و حرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون» [32] .

و في تعبير آخر يقول: عن أبي بصير، عن أبي عبدالله الصادق: (اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله) قال: «والله ما صاموا لهم و لا صلوا، لكن أحلوا لهم حراما و حرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم» [33] فالاتباع دون فهم، في الحلال و الحرام أو غيرهما، ترك لزمام النفس في قبضة الغير، و اهدار لحريتها و قدرتها، و تلك عبادة لغير الله، و ليس بعد ذلك



[ صفحه 368]



كفر.

و ليس أبلغ من هذه العبارات في الدعوة للحرية الفكرية، والحث علي الاجتهاد و استعمال العقل.

يقول الشافعي عن مكانة علي في علوم الاسلام: «كان علي كرم الله وجهه قد خص بعلم القرآن و الفقه؛ لأن النبي صلي الله عليه و سلم دعا له، و أمره أن يقضي بين الناس، و كانت قضاياه ترفع الي النبي صلي الله عليه و سلم فيمضيها» [34] .

و لقد آلي علي نفسه بعد الفراغ من تجهيز الرسول صلي الله عليه و سلم ألا يرتدي الا للصلاة أو يجمع القرآن - كما أسلفنا - فجمعه مهتما بأمور «أصولية» في الشريعة و فقهها، تتعلق بالمحكم والمتشابه، أي بما لا يحتمل الاجتهاد وما يحتمله، و بالنصوص التي نسخت و التي هي واجبة التطبيق، و بالمطلق منها والذي يحتمل التخصيص، و العزائم والرخص، و بالفروض و المندوبات، و فيها المحرم و المكروه [35] ، و ما هو تهذيب للأمة من فضائل و آداب [36] .

و في «نهج البلاغة» طائفة من أصول الفقه التي ينبه عليها أميرالمؤمنين رضي الله عنه، و هذه و تلك أساسيات في أصول الفقه.



[ صفحه 369]



و الأصول أدلة في طريق أو نهج، و لا امامة الا بمنهج.

والفقه السني يعتبر الشافعي أول من اتجه الي تجلية أصول الفقه في كتابه «الرسالة» و قد وضعه والناس يتحلقون حوله، في جوار الكعبة بعد سنة 184.

و ليس غريبا أن نجد النبوغ الشافعي يتلاقي و أمورا أساسية أهمت من بادئ الأمر علي بن أبي طالب، أو نجد أفكارا «علوية» أو آراء «شيعية» تظهر بقوة في مذهب الشافعي و آرائه. والشافعي من أبناء عمومة النبي و علي [37] ، يباهي بحب أهل البيت و يتحدي به، و هو امام في اللسان العربي، له لغة خاصة تعلنها قواميس اللغة، طوعت له امامته فيها أن يفهم القرآن فهم الذين نزل فيهم.

و اتصال اللغة و البلاغة بالفقه في الاسلام أساسي؛ لأن الفقه فهم للقرآن، و القرآن عربي، فالشافعي في استنباطه للأصول من القرآن كان موجها بفهم عربي عميق للكتاب الكريم، التي صنعت علي أسسه العقلية الاسلامية.

يقول أحمد بن حنبل و هو الامام الرابع لأهل السنة في الفقه، فوق أنه امام في اللغة: «الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، و اختلاف الناس، و المعاني، و الفقه» [38] و هذه هي الأمور الأساسية في كل فقه.

و سواء أنبثقت الأصول من اهتمامات علي في جوار قبر النبي بالمدينة غداة صعود روح النبي الي الرفيق الأعلي، أو ممن نحوا ذلك النحو من الشيعة، أم انبثقت من «رسالة الشافعي» في جوار البيت الحرام بمكة، و سواء أطلع الشافعي علي كتب لأهل البيت أو علي آرائهم أم لم يطلع، فالأصول قرآنية المبدأ و المنتهي، مشتقة من نصوص القرآن و السنة و منهاجهما و أسلوبهما، و من ذلك شرفها في الفكر الديني و العلمي.

و حريه التفكير توجب «الاجتهاد» علي أساس العلم - كما يقرر الشافعي في رسالته [39] - مع النزاهة الفكرية الكاملة، غير مقيدة الا بما تثق بوجوده، و تحقيق المناط و تنقيحه، و التدقيق في الفرع و في الأصل و السند، فيما ليس قطعي الورود في السنة أو قطعي الدلالة



[ صفحه 370]



فيها أو في الكتاب العزيز، و مع اتخاذ الأهبة و الدربة، و هذه كلها أمور يوجبها القرآن والسنة.

والحضارة العالمية مدينة بهذا المنهج الاسلام بما طور من فكر الأمم التي دانت به، في أربعة عشر قرنا، و من أساليبها و وسائلها العلمية، حتي صبغ فكرها - في شكله و موضوعه - صبغة الله، و من أحسن من الله صبغة!

و كما ارتفع العرب درجات بالاسلام انتفع به كل الأمم، ممن أسلموا و ممن لم يسلموا، و من ثمة كان الاسلام خيرا كله للعالم كله، فتلك خصائص رسالته العالمية و الأبدية، و السمو والطريق اليه مفتوحة حتي يرث الله الأرض و من عليها.

و ما تقدم الانسانية الا حاصل دفع الله الناس بعضهم ببعض، و أخذ بعضهم بيد البعض، و من أجل ذلك اختص الفقه الاسلامي بخصيصة القدرة علي احداث التطور و مواكبته، مع اليسر و حفظ الدين، بالاجتهاد الذي أمر به الله علي أصول القرآن والسنة [40] .

أعلن علي تمسكه بالاجتهاد [41] اذا تولي امارة المؤمنين بعد عمر بن الخطاب، و من أجل ذلك وحده لم يبايع له عبدالرحمان بن عوف، و أعلن عثمان التزامه بأن «يتبع» عمل السابقين، فجعل عبدالرحمان يبايع له [42] .

فالاجتهاد شعار من شعارات علي من بادي ء الأمر [43] ، و شعارات الشيعة من بعده، و من



[ صفحه 371]



ذلك لم يصخ عظماؤهم الي ذلك الصوت البغيض الذي أعلن اقفال باب الاجتهاد في القرن الرابع الهجري [44] ، لتنفتح أبواب التقليد، و تخبو شعلة الفكر، بل شهد الشيعة في القرن الرابع ذاته نهضة شاملة تتراءي في أعمال عظمائهم [45] فاستعمال العقل أصل، والأصل لا يتعطل.

و ما الاجتهاد الا الحرية الفكرية في استخلاص النتائج، و النزاهة العلمية أو الاعتبار بالواقع و الصحيح. و هاتان العجلتان اللتان تحملان موكب الفكر الانساني المنجب، هما شعار مجالس الامام الصادق كما سلف البيان، بل هما أساس ما استخلصه تلميذه جابر بن حيان من تجاربه العلمية، و عنه انتقل الي أوربة المنهج التجريبي، أو منهج «التجربة و الاستخلاص» كما يسمي في العصور الحديثة.

و من نزاهة المنهج في الفقه: كان الاقرار بضعف الانسان، فليس الاجتهاد مقابلا للحقيقة، و انما هو أحسن أداة يمكن أن يصل بها المرء اليها، يقول أبوحنيفة: «علمنا هذا رأي، فمن جاءنا بأحسن منه كان أولي بالصواب منا» [46] .

و لما قال الشافعي «الاجتهاد القياس» [47] وانهما «اسمان لمعني واحد»، و استطرد فقعد له القواعد، ليجري علماء أهل السنة في مضماره، صلي الأصوليون من أهل السنة بعده في



[ صفحه 372]



حلبة الفكر العالمي، منذ القرن الثاني للهجرة، والتاسع للميلاد، فوضعوا القواعد التي لم يبدأ في تعرفها الأوربيون الا بعد ثمانية قرون تحت عناوين: اطراد العلة، و أنها اذا توفرت ثبت الحكم، أو: قانون اطراد الحوادث، لوجود «نظام» في الكون، أو تناسق تخضع له الأشياء، طردا و عكسا، باطراد أسبابها و ملابساتها فيها، و هذا ما قرره الأصوليون المسلمون عند تماثل العلل لاستنباط الأحكام.

غير أن الأصوليين المسلمين فاقوا في تمحيصهم «جون ستيوارت مل» [48] في أبحاثه، اذ تعمقوا في مسالك العلة، و دققوا في الاستقراء و الاستنباط، مع الورع الكامل و النزاهة الفكرية المثلي، فكان عندهم لكل ركن من أركان «القياس» أبحاثه، و ضمانات صحته، باتساع الاختبار و امتحان الاستخلاص، و ايجاب أن تجمع الأصل «المقيس عليه»، و الفرع «المقيس» علة، لتنتج ثمرة القياس و هي «الحكم» [49] .

و أولي الأصوليون العلة و تخريجها اهتماما مقطوع النظير، فشرطوا لها مسالك نقلية من نص أو اجماع، أو عقلية من تحقيق المناط بوجود العلة، و تنقيح المناط بحذف مالا يدخل في الاعتبار، و بطرائق السبر و التقسيم و الطرد؛ لحصر الأوصاف التي تصلح للعلية، و استبعاد مالا يصلح منها، و مقارنة الأوصاف للحكم، و دوران العلة مع المعلول وجودا و عدما... الخ، مع تكامل اختبار الوقائع، و سلامة النتائج ثم قبولها [50] .

كل أولئك دون دخل لمقررات أو نظريات سابقة، و مع التقرير بأن ما يصل اليه المجتهد ليس الحقيقة، و انما هو الراجح بغلبة الظن، فان اجتهادا آخر قد يغيره، و الاجتهاد مفتوح، و قانونه الحرية، فاذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، و اذا حكم فاجتهد ثم أخطأ



[ صفحه 373]



فله أجر.

و علي هذا التحديد أخذ المنهج التجريبي في الوجود: تمحيص الواقعة و الاستخلاص بحرية و نزاهة.

و القرآن يحوي جميع صور الاستدلالات العقلية، و منها: قياس الأولي [51] ، و في هذه الصور تبرز طريقة الاعتبار بآيات الله المادية الواقعية المحيطة بالناس، والتي تحسها حواسهم، و كذلك كانت طريقة الأنبياء في الاستدلال علي الله بلفت النظر الي آياته أو بقياس الأولي، و هو ما يكون الحكم المطلوب فيه أولي بالثبوت من الصورة المذكورة في الدليل الدال عليه.

و كان أحمد بن حنبل يستعمل هذا القياس، و هو القائل: انه لا يصار الي القياس الا عند الضرورة [52] .

و ابن تيمية [53] يجعل للفطرة مكانها في الميزان الذي تعرف به الأحكام، ويروي: أن معرفة الاختلاف و التماثل أمر فطري، و استعماله ضروري، و الميزان عنده هو العدل، و ما يعرف به العدل [54] ، و أنه هو القياس العقلي القرآني [55] .



[ صفحه 374]



و الوزير الصنعاني [56] (840) صاحب كتاب «ترجيح أساليب القرآن علي أساليب اليونان» يذكر: أن ائمة أهل البيت لم يعرفوا المنطق اليوناني و الارسططاليسي، و لم يصوغوا أدلتهم علي التوحيد في صور منطقية، و انما في منهج قرآني أساسه الاعتبار، و أن الامام عليا لم يعرفه في خطبه و مواعظه، و أن الائمة قدموا أدلة التوحيد من غير ترتيب مقدمات المنطق و لا تقاسيم المتكلمين.

و يقرر الوزير الصنعاني: أن أسلوب المسلمين أرجح و أحجي من أسلوب المناطقة «فهذا أسلوب الأنبياء و الأولياء والأئمة و السلف في النظر، و خالفهم بعض المتكلمين و أنواع المبتدعة فتكلفوا و تعمقوا، و عبروا عن المعاني الجلية بالعبارات الخفية» [57] .

و الذين ينكرون القياس، من أهل السنة؛ كداود (270) امام أهل الظاهر، وابن حزم [58] (456)، أو من المعتزلة كالنظام (ابراهيم بن سيار شيخ الجاحظ)، يعتمدون علي النص وحده، و قد أسعفتهم النصوص في اقامة مذهب بتمامه، و لم تخذلهم قدرتهم الفقهية في استخراج الفقه باستعمال كليات الشريعة في الاجتهاد.

فدل هؤلاء علي أن نصوص الكتاب والسنة تجعل كليات الشرع و قواعده كافية «للعقل» ليبلغ بالفقه الاسلامي مبالغه، فيحقق أن الله تعالي ما فرط في الكتاب من شي ء، فلكل واقعة



[ صفحه 375]



حكم [59] ، و علي المجتهد طلبه بالعقل و النقل معا.

والشافعي من حرصه علي العمل بهما معا، يندد ب «الاستحسان» و يسميه تلذذا [60] ، مع أن الاستحسان في جملة أمره استعمال لنص خاص أو قاعدة متعلقة بالواقعة المطلوب لها الحكم [61] .

و أهل القياس مجمعون علي أن المنهي عنه هو الاجتهاد مع النص القطعي، أو اطلاق العنان لاستخراج الأحكام دون تقيد بالنصوص الخاصة أو العامة، و هم يجمعون علي قياس العلة و يختلفون فيما عداه [62] .

و من المعاني الجامعة التي تتردد في أبواب الاجتهاد: أن أحكام الشريعة جميعا - حتي في الأعمال غير التعبدية - فيها معني تعبدي، أي: حق لله، يطاع فيه الله و يعبد، فمن أحسن بيعه و شراءه، و اجارته و اعارته، أو قضاءه أو فتواه... الخ فهو يطيع الله و يستحق ثوابه، و من ساءت معاملته فهو خاسر في أمرين: قضاء الناس ضده، و غضب الله عليه؛ لأنه يعصي الله فيما عمل من عمل غير صالح. و من ثمة تأثير الجانب الروحي أو الوازع الدني في الحياة الواقعة، و في الدراسة العلمية، و في طلب الأحكام الفقهية، في المجتمع الاسلامي، و هو امتياز لا تبلغه الأمم الأخري أو مجتمعاتها.

و في منهج الاعتبار بالواقع أو بالآثار الدالة علي المطلوب «واقعية» أدني الي التصديق من مجازفات الفكر، و في الواقع المادي ضمان أن لا يبعد الاستخلاص من الملموس و المحسوس بالحواس الخمس، و هذه الواقعية أو النزاهة الفكرية، تسبق واقعية «أوجست كومت» [63] بقرون عشرة، و عقلانية «ديكارت» [64] بقرون تسعة، كما تسبق «جون سيتوارت



[ صفحه 376]



مل [65] » في نظرية اطراد العلل بقرون عشرة. و بهذه القرون يقاس سبق الحضارة الاسلامية.

و الي جوار المشاهدة الواقعية و التحقيق النزيه و الاستخلاص الصادق، يضيف الفقه الاسلامي ضمانا جديدا هو اعتبار الاجتهاد؛ سعيا لبلوغ الحق لا بلوغا له. فثمة عوامل أخري قد تكون موجودة، أو قد يدركها عقل آخر فتجعله أدني الي السداد، أو تجعله يصل الي السداد، و هذا الاحتمال الذي يلازم الاجتهاد يحتمل تداخل العناصر، فالنتائج نسبية حتي تقطع التجربة بأنها لا تتخلف أبدا، و هي في الفقه تبقي نسبية حتي تبلغ الحكم الذي شرعه الشارع، فشرع الله هو الثابت، الذي يقصد المجتهدون قصده.

و ربما كان الكلام المنقول عن «جابر بن حيان» أوضح كلام في الدلالة علي المنهج التجريبي الذي تعلمه في مجلس الامام أو من كتب الامام.

يخاطب جابر الامام في مقدمة كتابه «الأحجار» بقوله: «و حق سيدي، لولا أن هذه الكتب باسم سيدي صلوات الله عليه لما وصلت الي حرف من ذلك الي الأبد» [66] .

و يقول جابر في كتابه «الخواص» [67] عن طريقته: «اتعب أولا تعبا واحدا، واعلم، ثم اعمل، فانك لا تصل أولا، ثم تصل الي ما تريد».

و في كتابه «السبعين» [68] يقول: «من كان دربا (مجربا) كان عالما حقا، و من لم يكن دربا لم يكن عالما، و حسبك بالدربة في جميع الصنائع أن الصانع الدرب يحذق، وغير الدرب يعطل».



[ صفحه 377]



و يحصل جابر طريقته في عبارته المأثورة: «عملته بيدي و بعقلي، و بحثته حتي صح، و امتحنته فما كذب». و في هذا المقام يقول أستاذ الفلسفة الاسلامية المعاصر في جامعة القاهرة د. زكي نجيب محمود: «... فلو شئت تلخيصا للمنهج الديكارتي [69] كله لم تجد خيرا من هذا النص الذي أسلفناه عن جابر».

ويري الصيدلي المعاصر د. محمد يحيي الهاشمي: أن «الواقعية» هي التي سوغت لجابر أن يقسم القياس أو الاستدلال و الاستنباط الي ثلاثة أقسام: المجانسة و مجري العادة و بالآثار، و من دلالة المجانسة دلالة الأنموذج، كمن يريك بعض الشي ء دلالة علي كله، و هو استدلال غير قاطع، اذا الأنموذج لا يوجب وجود شي ء من جنسه يساويه تماما في الطبيعة و الجوهر، و كذلك دلالة مجري العادة فانه كما يقول جابر: «ليس فيه علم يقين واجب اضطراري برهاني أصلا، بل علم اقناعي يبلغ أن يكون: أحري و أولي و أجدر لا غير، لكن استعمال الناس له، و تقبلهم فيه، و استدلالهم به، و العمل في أمورهم عليه أكثر كثيرا جدا...، و ليس في هذا الباب علم يقين واجب، و انما وقع منه تعلق و استشهاد الشاهد علي الغائب؛ لما في النفس من الظن و الحسبان، فان الأمور ينبغي أن تجري علي نظام و مشابهة و مماثلة، فانك تجد أكثر الناس يجرون أمورهم علي هذا الحسبان و الظن».

يقول جابر: «... و بالجملة فليس لأحد أن يدعي أنة ليس في الغائب الا مثل ما شاهد... انما ينبغي له أن يتوقف حتي يشهد البرهان بوجوده من عدمه...» فهو ينقد القياس من الناحية المنطقية أو الرياضية ليترك المجال مفتوحا للحقائق القاطعة التي تثبت بالتجارب.

و حسبك دليلا علي دقة طريقة التدليل بآثار الأشياء: أن تجدها احدي المسلمات في المعامل و الجامعات، في القارات جميعا، منذ بدأ الأخذ بطريقة التجربة والاستخلاص حتي اليوم، و ستبقي أبدا.

و عندما توضع أقوال جابر [70] في القرن الثاني للهجرة الي جوار أقوال الحسن بن الهيثم [71] .



[ صفحه 378]



(354 - 430) بعد أكثر من قرنين، و قد عمل في خدمة الدولة الفاطمية، و هي دولة من دول الشيعة، و له 47 كتابا في الرياضيات، و 58 كتابا في الهندسة، تتأكد لنا طريقة التجربة و الاستخلاص التي سلكها الامام الصادق و أتقن العمل بها، و وصفها جابر والحسن. و قد أحسن الحسن التعبير عنها بمنهج علمي واضح الفحوي محدد العبارات [72] .



[ صفحه 379]



و يشهد بها من أهل أوربة «درايبر» في كتابه «النزاع بين العلم و الدين» فيقول: «كان الأسلوب الذي توخاه المسلمون سبب تفوقهم في العلم، فانهم تحققوا أن الأسلوب النظري لا يؤدي الي التقدم، و أن الأمل في معرفة الحقيقة معقود بمشاهدة الحوادث ذاتها، و من هنا كان شعارهم في أبحاثهم هو «الأسلوب التجريبي»، و هذا الأسلوب هو الذي أرشدهم الي اكتشاف علم الجبر و غيره من علوم الرياضة والحياة، و اننا لندهش حينما نري في مؤلفاتهم من الآراء العلمية ما كنا نظنه من ثمرات العلم في هذا العصر» [73] .

و القاري ء يلاحظ في هذا المقام أمورا، منها:

الأول: أن جابرا يقرر اذ يقسم بالامام: استرشاده في طريقته هذه به، و أن علمه منه هو سبب توفيقه. ولو كان قد تلقي الطريقة عن دون لقاء له لما نقص الفضل، فذلك شأن العلماء في كل زمان.

الثاني: أن ممارسة جابر لطريقته مع اقرار الامام له، قد ضبطتها مدارسة أبي حنيفة للامام. اذ أنبهت القياسين علي وجوب ضبط طريقة القياس بوضع حدود له، و استبعاد ماليس منه [74] .

و ظاهر من قبول أبي حنيفة لنهي الامام عن القياس، و عدم مجادلته للامام بكلمة: أن أباحنيفة أدرك أن النهي عن القياس نهي عن القول في الدين بالرأي، و ليس مقصودا به النهي عن الاجتهاد و استعمال العقل.



[ صفحه 380]



و ظاهر أن الامام بلغ مراده من أبي حنيفة و ممن تابعوه في القياس، فلم يقل أحمد منهم في الدين برأيه، والتزم القائلون بالقياس كل الدقة، بعد اذ جاء الشافعي و فصل شروطه تفصيلا.

الثالث: أنه يظهر من محاورة الامام لأبي حنيفة يوم استأذن عليه فحجبه، فدخل مع أهل الكوفة التي سلف ذكرها أمران:

1- أن الأحكام التي ذكرها الامام لأبي حنيفة وارد فيها نصوص، مما يجعل لتحريم القول في الدين بالرأي أو مطلق القياس حجة مسلمة.

2- أن الامام ذكر أباحنيفة بقياس ابليس، اذ أعلن ابليس أنه يخرج عن طاعة الله برأيه، فكان رأيه عصيانا صريحا لأمر صريح، و خروجا علي نص وارد علي سبيل الجزم.

و ليس عجيبا، و انما هو التواتر علي استعمال العقل، أن يقرر أئمة أهل السنة جميعا أن باب الاجتهاد مفتوح اذا لم يكن ثمة نص، و أن يجمع علماؤهم أن أحدا لا يقول الكلمة الأخيرة فيه، و أن يكون هذا منهج الفقه الشيعي الذي دأب عليه علماؤه.

يقول ابن ادريس [75] (598) من فقهاء الشيعة المتقدمين: «اذا فقدت الثلاثة - الكتاب و السنة والاجماع - فالمعتمد عند المحققين التمسك بدليل العقل» [76] .

و من فحولهم المحقق نجم الدين الحلي [77] (676) يقسم الدليل العقلي قسمين: الأول: يتعلق بالخطاب - فحواه و لحنه و دليله - و الثاني: ما ينفرد العقل بالدلالة عليه لحسنه أو قبحه [78] .



[ صفحه 381]



و الشهيد الأول محمد بن مكي [79] (786) يوسع في القسم الأول و يفصل في القسم الثاني، فيزيد: البراءة الأصلية، و ما لا دليل عليه، و الأخذ بالأقل عند التردد بين الأكثر و الأقل، و الاستصحاب [80] .

و ربما أجمل التفصيل قول بعض المتأخرين [81] من الأصوليين عن الدليل العقلي: انه كل حكم للعقل يوجب القطع بالحكم الشرعي، فالدليل العقلي يوجب القطع، و ليس بعد القطع حجة [82] .

بالعقل أدرك الانسان وجود ربه، ودان بالرسالات، و أدرك المعاني و العلل، و قدر علي تمييز القبيح و الحسن بفطرة البشر.

فالقبح مفسدة و الحسن مصلحة [83] ، و ما يدركه العقل منهما هو حكم عقلي يستقل الانسان بتقريره، و ما يستقل العقل بتقريره من مصلحة أو مفسدة هو مصلحة أو مفسدة شرعية، و علي كليهما تدور الأحكام. فالشرع هاد للبشر، و البشر مفطورون علي استعمال نعمة الشارع، و لا يمنع هذا التأييد الشرعي للعقل، أو التأييد العقلي للشرع: أن توجد بعض مصالح يراها الشرع و لا يفطن لها العقل العادي فيتردد أمامها بظنه.

و اذا كان أصل استعمال العقل يسع كل وسائل النظر، فالفقيه ملزم بالاحتياط - و هو أول ما تستوجبه النزاهة العقلية - لوجود احتمال التزاحم و التعارض، فلا تجوز المجازفة بالتحليل و التحريم مع وجود هذا الاحتمال.. و انما يلجأ الفقيه، لاستخراج الحكم عند عدم ظهور النص، الي استعمال العقل، و بقواعد يمليها العقل و النقل، مثل: وجوب دفع الضرر المحتمل،



[ صفحه 382]



و مثل: عدم العقاب بلا بيان [84] .

والعقل اذ يقرر قبح العقاب بلا بيان، يسوغ للمكلف أن يصنع ما يراه عند عدم البيان. و بتعبير آخر: تصبح الاباحة هي الأصل، والحرية هي الأصل، حتي تتقيد بنص [85] .

يقول الامام الصادق: «كل شي ء لك حلال حتي تعلم أنه حرام بعينه» [86] و من هنا اتسع مجال النشاط الانساني، فلا حرام الا ما حرم الله.

والنص نقطة الثبات، أو حجر الزاوية في الفقه، فلا اجتهاد مع وروده [87] .

و التزام فحواه أو التزام مقاصد الشارع التي ينطق النص بها، أو يدل علي معناها مجموع النصوص، لا يدخل بالمصلحة أو بالقياس شيئا علي الشرع ليس منه [88] .

و الامام الصادق يفتح أبواب رحمة الله، و يرفع الحرج، و يبيح الرخص، يقول: «الوضوء نصف الايمان» [89] و يقول: «انه توبة من غير استغفار» [90] و مع هذا سئل عن رجل يكون معه



[ صفحه 383]



الماء في السفر و يخاف قلته؟ فقال: «يتيمم بالصعيد و يستبقي الماء» [91] و يقول: «من خاف عطشا فلا يهريق قطرة، و ليتيمم بالصعيد، فالصعيد أحب الي» [92] .

سئل عن رجل ليس معه ماء، و الماء عن يمين الطريق و يساره غلوتين أو نحو ذلك (الغلوة: مسافة مرمي السهم) [93] فقال «لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع» [94] .

و سئل عن رجل يمر بالركية (البئر) و ليس معه دلو، قال: «ليس عليه أن يدخل الركية، لأن رب الماء هو رب الأرض، فليتيمم. ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا» [95] .

و يقول: ان أباذر قال: يا رسول الله هلكت، جامعت أهلي علي غير ماء، فقال صلي الله عليه و سلم: «يا أباذر، يكفيك الصعيد عشر سنين» [96] .



[ صفحه 384]



و سئل عن رجل به القروح و الجراحات فيجنب؟ قال: «لا بأس بأن يتيمم و لا يغتسل» [97] .

و الفقهاء يقولون: ان نفي الحرج في الشريعة من باب الرخصة؛ لأن تحمل الألم و المشقة غير منهي عنه، و نفي الضرر من باب العزيمة؛ لأن الضرر منهي عنه [98] ، يقول تعالي: (و لا تلقوا بأيديكم الي التهلكة) [99] .

يقول الصادق: «لا صلاة الا الي القبلة» فقيل له: أين حد القبلة؟ قال: «ما بين المشرق و المغرب كله قبلة» [100] و يشرح ذلك قوله: «يجزي التحري أبدا اذا لم يعلم وجه القبلة» [101] .

و الفقهاء يصرحون بالاذن [102] لمن يشك في الدليل بأن يستعمل قواعد الشرع من أصول الحل و الطهارة والتخيير و استصحاب الحال - و معناه استدامة ما كان ثابتا، و نفي ما كان منفيا - فمن شك في قيامه بالوضوء قبل أن يصلي فعليه أن يتوضأ، لأن الوضوء شرط واجب قبل الصلاة، والحال قبل الوضوء للصلاة حال تقتضي الوضوء. و من توضأ ثم شك في نقض الوضوء فهو علي وضوء. و من شك في أنه توضأ بعد أن دخل في الصلاة، قطعها و توضأ؛ ليحرز شرط الصلاة. فان شك بعد اتمام الصلاة فليس عليه أن يعيدها، فقد فرغ منها، لكن عليه أن يتوضأ لصلاة تالية؛ لأنه لم يبدأها و لم ينته منها، أي لم يتجاوز الشي ء الذي شك فيه الي غيره.

سئل الامام الصادق عن رجل شك في الأذان و قد دخل في الاقامة، قال: «يمضي». قيل له: شك في الاقامة و قد كبر، قال: «يمضي»... و في التكبير و قد قرأ، قال: «يمضي»... و في



[ صفحه 385]



القراءة و قد ركع، قال: «يمضي»... و في الركوع و قد سجد، قال: «يمضي»... الي أن قال: «اذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء» [103] .

يقول: «اذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شك بشي ء، انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه» [104] .

وسئل عن رجل يشك كثيرا في صلاته، فقال فيما قال: «ان الشيطان خبيث معتاد لما عود، فليمض أحدكم في الوهم» [105] أي لا يحفل به... و بني الفقهاء علي ذلك قاعدة: لا شك لكثير الشك [106] .

يقول الامام الصادق: «من كان علي يقين ثم شك، فلا ينقض اليقين بالشك» [107] و هذا اعلان عن دليل استصحاب الحال، و اعتماد الواقع و الظاهر، كمن استأجر أرضا و شاع أمره في الناس يعامل معاملة المستأجر، و لا يقبل منه ادعاه الملك الا بدليل. و تتعاون مع هذا الأصل أصول أخري، مثل: أصل البراءة والاباحة حتي يرد منع الشارع.

و يستثني الفقهاء الشيعة [108] من المنع من القياس حالتين:

1- حالة العلة المنصوصة. و كثير ماهي في الكتاب والسنة.



[ صفحه 386]



2- حالة مفهوم الأولوية، كقول: أف للوالدين اذ نهي الله عنها، فمن باب أولي ماهو أشد.

و يفرعون علي العمومات و المبادئ الكلية الواردة في النصوص والاجماع كمثل: قواعد الوفاء بالعقود و درء الحدود بالشبهات،و جواز كل شرط الا أن يحل حراما أو يحرم حلالا.

وعلي هذه الكليات مدار الفقه، والاجتهاد بها واجب، و بالاجتهاد بلغ الفقه الشيعي ما بلغه فقه أهل السنة، كل علي شاكلته.

ندب الرسول عليا الي اليمن، فسأله الامام: أكون كالسكة المحماة أو الشاهد يري ما لا يري الغائب؟ - أي اجتهد رأيي فيما بين يدي مما ليس بين يديك - قال عليه الصلاة والسلام: «بل الشاهد يري ما لا يراه الغائب» [109] فهو يأذن له أن يجتهد، أو يأمره أن يجتهد.

و يقول ابن مسعود للقضاة و المفتين و المجتهدين: «من عرض له منكم قضاء فليقض بما في كتاب الله، فان لم يكن في كتاب الله فليقض بما قضي به نبيه صلي الله عليه و سلم، فان جاء أمر ليس في كتاب الله و لم يقض به نبيه فليقض بما قضي به الصالحون، فان جاء أمر ليس في كتاب الله و لم يقض به الصالحون فليجتهد رأيه، فان لم يحسن فليقم و لا يستحي» [110] .

والشيعة في اجتهادهم يعملون بأصل الاحتياط الواجب مع العلم بالتكليف الملزم، و أصل التخبير اذا تردد الفعل بين الوجوب والحرمة [111] ويروون الحسن والقبح أمرين «عقليين» [112] ثابتين بالعقل، و ما أمر الشارع و نهيه في صددها الا لأن العقل يأمر بهما، فلا حاجة اذن



[ صفحه 387]



لسؤال الشرع ابتداء، بل يسأل العقل، فعدم العلم بالنهي كاف للحل، و لا تحتاج الاباحة لدليل، و انما يحتاج ادعاه عكسها الي دليله، فالاختراعات الحديثة مباحة استنادا الي ما ثبت شرعا من أن كل شي ء مطلق حتي يرد فيه نهي.

والجواز في التصرف مطلق لا يقيده الا التثبت من حق الغير، فالمعاملات، أية كانت، صحيحة مالم تزاحم حقا عاما أو خاصا، أو يوجد نص أو معني يحرمها.

و في كثير من الأحيان، يكون عمل الفقيه مجرد تحكيم النصوص بعضها علي بعض، مثل قوله تعالي: (و ما جعل عليكم في الدين من حرج) [113] ، و قول الرسول: «لا ضرر و لا ضرار» [114] ، و قاعدة: «الضرورات تبيح المحظورات» [115] و قاعدة: «ان الله يأمر بالعدل و الاحسان» [116] و هذه أمثال للأدلة الحاكمة علي أدلة سواها، فالعمل بها ليس تخصيصا للنص بالمصلحة، و انما هو حكومة نص علي نص، أي رفع اليد عن الكتاب و السنة بدليل منهما - أيضا - مجعول في ظرف خاص يزاحم الدليل الآخر أو يحكم عليه.

والشيعة اذ يبنون فهمهم علي أن الله يأمر بالفعل لمصلحة، و ينهي عن الفعل لمفسدة، لا يعتبرون مخالفا للأمر و النهي من يوجد في حالة اضطرار، و انما يشترطون أن تكون المخالفة



[ صفحه 388]



علي قدر الضرورة، و ارتفاع المسوغ حالة انتهاء الاضطرار، أو عند تجاوز المقدار، يقول تعالي: (و ما جعل عليكم في الدين من حرج) [117] و (يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر) [118] و (يريد الله أن يخفف عنكم) [119] .

و بالانتفاع بهذه الرخص يظهر أن الاضطرار نسبي، بل يظهر أنه ليس الا خيار، و فيه ارادة، و الاجبار هو ما يعدم الاختيار بما يزيل من القدرة و هي شرط التكليف، فالمضطر في الواقع «يختار» الفعل لعامل خارجي أو داخلي (نفسي)، كمن لا يملك الا ثوبا واحدا يلبسه ليستره، (و يختار) أن يبيعه ليأكل، اذ يؤثر العري علي الجوع اذا لم يقدر أن يواجه جوعه بطريق آخر.

و لا عجب أن تتآمر كثرة الأوربيين بالصمت عن مناهج العلم الحديث المنقولة من نهج المسلمين، كدأبهم في تنكير صلة آباء العلوم الرياضية و الهندسية بالمهد الذي نشأت فيه، فذلك استمرار للحرب الصليبية، و اخضاع للحقائق العلمية للتعصب الديني المتأصل في الحضارة الأوروبية.

فهم لا يذكرون أن «فيثاغورث» [120] .

«و أرشميدس» [121] و «اقليدس» [122] آباء الرياضيات ألقوا الدروس و تلقوها في مدرسة



[ صفحه 389]



الاسكندرية بمصر، و لا يذكرون أنهم لم يعرفوا كتاب اقليدس المسمي «الأساسيات» أو «العناصر» الا عن نسخة عربية، و لا يذكرون أن أوروبة المعاصرة أخذت عن العلم الاسلامي المنهج العلمي المعاصر، أي منهج التجربة و الاستخلاص.

يقول الشاعر محمد اقبال [123] ان دبرنج Dubring يقول: «ان آراء روجير بيكون أصدق و أوضح من آراء سلفه... و من أين استمد روجير بيكون دراسته العلمية؟ من الجامعات الاسلامية في الأندلس» [124] .

و يقول بريفو [125] Robert Briffault: «انه لا ينسب الي روجير بيكون (1294) [126] و لا



[ صفحه 390]



الي سميه الآخر فرانسيس بيكون (1626) أي فضل في اكتشاف المنهج التجريبي في أوربا،



[ صفحه 391]



و لم يكن روجير بيكون في الحقيقة الا واحدا من رسل العلم الاسلامي و المنهج الاسلامي الي أوربة المسيحية، و لم يكف بيكون عن القول بأن معرفة العرب و علمهم هما الطريق الوحيد للمعروفة... و لقد انتشر منهج العرب التجريبي في عصر بيكون، و تعلمه الناس في أوروبة، يحدوهم الي هذا رغبة ملحة».

و يضيف: «انه ليس هناك وجهة نظر من وجهات العلم الأوربي لم يكن للثقافة الاسلامية عليها تأثير أساسي، و ان أهم أثر للثقافة الاسلامية هو تأثيرها في العلم الطبيعي و الروح العلمي، و هما القوتان المميزتان للعلم الحديث» ثم يضيف: «ان ما يدين به علمنا للعرب ليس ما قدموه لنا من اكتشاف نظريات مبتكرة غير ساكنة، ان العلم مدين للثقافة الاسلامية بأكثر من هذا، فقد أبدع اليونان المذاهب و عمموا الأحكام، لكن طرق البحث، و جمع المعرفة الوضعية و تركيزها، و مناهج العلم الدقيقة، والملاحظة المفصلة العميقة، و البحث التجريبي، كانت كلها غريبة عن المزاج اليوناني...، ان ما ندعوه بالعلم ظهر في أوروبة نتيجة لروح جديدة في البحث، و لطرق جديدة في الاستقصاء، طريقة التجربة و الملاحظة و القياس، و لتطور الرياضيات صورة لم يعرفها اليونان، و هذه الروح و هذه المناهج أدخلها العرب الي العالم الأوروبي».

أو كما يقول المستشرق المعاصر برنارد لويس: «ان أوربة القرون الوسطي تحمل دينا مزدوجا لمعاصريها العرب، و هم الواسطة التي انتقل بها الي أوروبة جزء كبير من ذلك التراث الثمين. كما تعلمت أوربة من العرب طريقة جديدة وضعت العقل فوق السلطة، و نادت بوجوب البحث المستقل و التجربة. و كان لهذين الأساسين الفضل الكبير في القضاء علي العصور الوسطي، و الايذان بعصر النهضة».

وروجير بيكون يعلن تأثره بالمنهج العربي، و رفضه للمنهج الأرسطي الذي سيطر علي الفكر الأروبي من جراء الفساد في بعض استنتاجاته في العلوم الطبيعية، فيقول:



[ صفحه 392]



«If it had my way , I should burn all books of Aristotle , for the study of them can lead to a loss of time , produce error , increase ignorance».

و تعريبه: «لو أتيح لي الأمر لأحرقت كل كتب أرسطو؛ لأن دراستها يمكن أن تؤدي الي ضياع الوقت، و الوقوع في الخطأ، و نشر الجهالة».

و كما قال جوستاف لوبون بعد ست قرون من وفاة بيكون: «أدرك العرب بعد لأي أن التجربة و المشاهدة خير من أفضل الكتب، و لذلك سبقوا أوروبة الي هذه الحقيقة. فالمسلمون أسبق الي نظام التجربة في العلوم».



[ صفحه 393]




پاورقي

[1] بحارالأنوار: ج 3 ص 155.

[2] راجع الامام الصادق و المذاهب الأربعة لأسد حيدر: ص 160 - 163.

[3] المصدر السابق: ص 150.

[4] المصدر نفسه: ص 168.

[5] الجهمية: هم أصحاب جهم بن صفوان السمرقندي مولي بني راسب، نسب اليه أنه يري أن الأفعال في الحقيقة لله، و الانسان مجبور علي أفعاله. (الملل و النحل: ج 1 ص 86، الفرق بين الفرق: ص 128).

[6] القدرية: هم أصحاب الحسن بن يسار، المتوفي سنة 110 ه، الذين أضافوا الي الله سبحانه القبائح، و دق ورد الذم فيهم من قبل الأئمة عليهم السلام، فقد روي عن الصادق عليه السلام: «ان القدرية مجوس هذه الأمة، و هم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه عن سلطانه» راجع التوحيد: 382، و رسائل المرتضي: ج 2 ص 190، الكني و الألقاب ج 2 ص 74.

[7] وسائل الشيعة: ج 27 ص 28، الأمالي للشيخ المفيد: ص 29، الامالي للشيخ الطوسي: ص 521، بحارالأنوار: ج 1 ص 172، مستدرك سفينة البحار: ج 7 ص 345، ميزان الحكمة: ج 3 ص 2070.

[8] وسائل الشيعة: ج 1 ص 105، الأمالي للشيخ الطوسي: ص 56 و لكن عن الرضا عن جده أميرالمؤمنين. و مثله البحار: ج 2 ص 48، و أيضا مسند الامام الرضا: ج ص 7 و قد وردت في مصادر متعددة بلفظ «و العلماء حكام علي الملوك» و في معناه قول الشاعر:



ان الملوك ليحكمون علي الوري

و علي الملوك لتحكم العلماء.

[9] من وصيته عليه السلام لابن النعمان، لاحظ: تحف العقول لابن شعبة الحراني: ص 313، مستدرك الوسائل للميرزا النوري: ج 8 ص 467، بحارالأنوار للعلامة المجلسي: ج 75 ص 292.

[10] اشارة لقوله صلي الله عليه و اله و سلم: «طلب العلم فريضة علي كل مسلم و مسلمة» لاحظ: مستدرك الوسائل: ج 17 ص 249، مشكاة الأنوار: ص 236، بحارالأنوار: ج 1 ص 177، شرح مسند أبي حنيفة: ص 537، المحصول للرازي: ج 6 ص 78.

[11] تحف العقول لابن شعبة الحراني: ص 309 ص 312، مستدرك الوسائل: ج 9 ص 73 ح 10240، بحارالأنوار: ج 75 ص 288 - ص 291، ميزان الحكمة: ج 4 ص 2892. و بعضها في أمالي الصدوق: ص 397، مستدرك سفينة البحار: ج 6 ص 257 ج 9 ص 62.

[12] منقولة عن الخليل بن أحمد الفراهيدي كما في محاضرات الأدباء: ج 1 ص 50، واحياء علوم الدين للغزالي: ج 1 ص 44، و ميزان العمل: ص 116، و الذريعة الي مكارم الشريعة: ص 117، الكني والألقاب للقمي: ج 1 ص 424، و نسبها صاحب تاريخ بغداد للنظام نقلا عن الجاحظ، انظر تاريخ بغداد: ج 6 ص 94، والي أبي يوسف في: ج 14 ص 251.

[13] البقرة: 269.

[14] بحارالأنوار: ج 1 ص 215، مستدرك سفينة البحار: ج 2 ص 353، ميزان الحكمة: ج 1 ص 672، تفسير العياشي: ج 1 ص 151، تفسير نور الثقلين: ج 1 ص 287، تفسير كنز الدقائق: ج 1 ص 653، تفسير الميزان: ج 2 ص 404.

[15] فقد ورد عنه عليه السلام تعريف للحكمة بألسنة متعددة. قال: «الحكمة معرفة الامام و اجتناب الكبائر التي اوجب الله عليها النار» و سر الحكمة بهما لأنهما من أعظم أفرادها، لا لانحصارها فيها. و لعل السر فيه أن الحكمة و هي معرفة ما ينبغي معرفته نور القلب، و به يعرف المشروعات و المحظورات، و المعقولات و المستحيلات، و أعظم ذلك النور معرفة الامام، لأنها أصل لجميع الخيرات، و أعظم ثمراته اجتناب الكبائر؛ لكونها أفخم القربات، و اشتماله علي أعظم الواجبات. لاحظ: شرح أصول الكافي: ج 9 ص 272. و أورد صاحب المحاسن: ج 1 ص 148 عن الصادق أن الحكمة هي: «طاعة الله و معرفة الامام». و كذا عن الكافي: ج 1 ص 185، و غيرها من المعاني كثير.

[16] المحاسن للبرقي: ج 1 ص 229، الكافي للكليني: ج 1 ص 31، شرح أصول الكافي: ج 2 ص 14، المسترشد لابن جرير الطبري: ص 386، منية المريد للشهيد الثاني: ص 112 و 376، بحارالأنوار: ج 1 ص 215، نهج السعادة: ج 7 ص 351، تفسير الصافي للكاشاني: ج 2 ص 389، تفسير الأصفي: ج 1 ص 499، تفسير نور الثقلين: ج 2 ص 254 و 282، المعالم: ص 25، الأصول الأصيلة : ص 147.

[17] الفتح: 29.

[18] خرجناه سابقا.

[19] اشارة لقوله تعالي: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) الحشر: 2.

[20] المنهج العلمي المعاصر مستمد من القرآن للمؤلف، مطبعة دار الاتحاد العربي، صفحات 11 الي 54) منه).

[21] اشارة لقوله تعالي من سورة البقرة 256: (لا اكراه في الدين).

[22] شرح أصول الكافي للمولي محمد صالح المازندراني: ج 3 ص 181، الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج 2 ص 77، بحارالأنوار: ج 10 ص 164.

[23] الكافي: ج 1 ص 168، علل الشرائع: ج 1 ص 120، التوحيد للصدوق: ص 249، شرح أصول الكافي: ج 5 ص 76، الاحتجاج: ج 2 ص 77، الرواشح السماوية للمحقق الداماد: ص 36، الفصول المهمة للحر العاملي: ج 1 ص 381، بحارالأنوار: ج 10 ص 164 و 199 و ج 11 ص 30، نور البراهين: ج 2 ص 48، مستدرك سفينة البحار: ج 9 ص 510.

[24] بحارالأنوار: ج 3 ص 59 و ما بعده، التوحيد للمفضل بن عمر الجعفي: ص 9 و ما بعدها، شرح أصول الكافي: ج 1 ص 108.

[25] الكافي للكليني: ج 1 ص 74 و ما بعدها، التوحيد للصدوق: ص 126 و مابعدها، شرح أصول الكافي: ج 3 ص 17 و مابعدها، بحارالأنوار: ج 3 ص 42، و ما بعدها، نور البراهين: ج 1 ص 326، مستدرك سفينة البحار: ج 8 ص 558، الكني و الألقاب: ج 1 ص 421.

[26] الديصانية: هم أصحاب ديصان، أثبتوا أصلين: نورا و ظلاما، فالنور يفعل الخير قصدا و اختيارا، و الظلام يفعل الشر طبعا و اضطرارا، فما كان من خير و نفع و طيب و حسن فمن النور، و ما كان من شر و ضرر و نتن و قبح فمن الظلام. (الملل و النحل للشهرستاني: ج 1 ص 244 - 250).

[27] الزخرف: 84.

[28] بحارالأنوار: ج 3 ص 155.

[29] المصدر السابق.

[30] و الارتباط بين فروع المعرفة أحد الأساسيات العلمية، و هي جميعا تستعمل الطريقة التجريبية، و تلتزم حقائق الحياة الواقعة و قوانين الكون التي لا تتخلف و لا تدع مجالا للفراغ أو المجازفة أو الصدفة، كل شي ء بمقدار، و كل أمر موزون في الانسان و الحيوان و النبات و الجماد، و فيما بينها، و في العلوم الطبيعية والرياضية، و في العلوم الاجتماعية و الانسانية. و العلميون يستعملون مقولات: الوحدة، و التفاضل و التكامل، و اطراد العلل و النتائج، والآخرون يستعملون مقولات: الوحدة، و التناسب و التناسق، و التزاوج و الانسجام، في الأشياء و الأشكال، و الألوان والأحجام، و يستوي في ذلك الذين يلتزمون بالدين أو الذي يلتزمون بانكاره.

و من الموضوعية «سلطان الارادة» الانسانية في التعاقد، أي حريتها، مع تقيدها بالقانون الذي يجتمع عليه الناس، و هذا مظهر الحرية الشخصية و الفكرية التي أتاحها الله لعباده، و أمرهم أن يستعملوها؛ لأنها وسيلة الحياة الكريمة و للتقدم، و هو معلم من معالم السبق التشريعي الاسلامي. (منه).

[31] التوبة: 31.

[32] المحاسن للبرقي: ج 1 ص 246 الباب 28 ح 246، الكافي: ج 2 ص 398، وسائل الشيعة: ج 27 ص 124، الفصول المهمة: ج 1 ص 524، مستدرك سفينة البحار: ج 8 ص 577، تفسير العياشي: ج 2 ص 87، تفسير الصافي: ج 2 ص 336، تفسير الأصفي: ج 1 ص 462.

[33] المحاسن باب 28 ج 1 ص 246 ح 245، الكافي: ج 1 ص 53، وسائل الشيعة: ج 27 ص 125، مشكاة الأنوار: ص 453، بحارالأنوار: ج 24 ص 246، تفسير العياشي: ج 2 ص 86، تفسير نور الثقلين: ج 2 ص 209 الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي: ج 1 ص 25.

[34] مناقب الامام الشافعي لفخر الدين الرازي: ص 125، خلاصة عبقات الانوار: ج 4 ص 298، أئمة الفقه التسعة: ج 2 ص 22، نفحات الأزهار: ج 4 ص 294.

[35] قال صاحب كتاب التسهيل لعلوم التنزيل: ج 1 ص 3: «ان قرآن علي كان يشتمل علي علم كثير»، بل عن الامام نفسه أن قال للزنديق: «أنه أحضر الكتاب كملا مشتملا علي التنزيل و التأويل، و المحكم و المتشابه، و الناسخ و المنسوخ، لم يسقط منه حرف» لاحظ كتاب الصافي: ج 1 ص 42.

[36] بهذا كان علي امام المفسرين. قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: ألمن قتل مؤمنا متعمدا توبة؟ قال: لا، فتلوت عليه الآية التي في «الفرقان»، قال: هذه مكية نسختها آية مدنية (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا).

ورووا: أن ابن عباس ناظر عليا في الآية، فقال علي: من أين لك أنها محكمة؟ قال: تكاثف الوعيد، قال علي: «ان الله نسخها بآيتين: آية قبلها و آية بعدها في النظم، الأولي قوله تعالي: (ان الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر مادون ذلك لمن يشاء و من يشرك بالله فقد افتري اثما عظيما)،و أما التي بعدها في النظم في قوله تعالي: (ان الله لا يغفر أن يشرك به و من يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا).

و المفسرون يضيفون الي الآيات قوله تعالي: (والذين لا يدعون مع الله الها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق) الي قوله تعالي: (و يخلد فيه مهانا) ثم استثني بقوله: (الا من تاب و آمن و عمل صالحا).

لكم صدق ابن عباس حينما سئل عن علمه و علم ابن عمه علي، فقال: «كالقطرة الي جوار البحر المحيط» (منه).

[37] فهو محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي.

[38] تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج 51 ص 350، سير أعلام النبلاء للذهبي: ج 10 ص 81، المناقب للبيهقي: ج 2 ص 41.

[39] الرسالة: ص 487، فقد عقد بابا سماه: «الاجتهاد» فراجع.

[40] انظر كتاب «نحو تقنين جديد للمعاملات و العقوبات من الفقه الاسلامي» للمؤلف، طبعة المجلس الأعلي للشؤون الاسلامية سنة 1974، الفقرات: 3 الي 73، و الفقرات: 93 الي 127. (منه).

[41] لا يذهب الشيعة الي أن لأئمتهم اجتهاد في مقابل النص، بل أن كل ما عندهم عليهم السلام انما هو علم ورثوه عن رسول الله صلي الله عليه و سلم، و كتبهم كالجامعة و الجفر و غيرها حاوية و شاملة لجميع العلوم حتي أرش الخدش، فلا يحتاجون بعد ذلك الي الاجتهاد.

يقول أقا بزرك الطهراني في كتابه «حصر الاجتهاد»: ص 33) المقدمة): «و نحن حين نبحث عن الاجتهاد و أدواره عند الشيعة نقصد الاجتهاد عند الشيعة لا أئمتهم، لأنهم عليهم السلام كانوا امتدادا للنبوة، فكانت الأحكام الشرعية مكشوفة لديهم، و هم عالمون بها من دون اجتهاد، و هذا ما تقتضية الامامة».

[42] ذكر الأعلام من السنة الشيعة أن عبدالرحمان بن عوف طلب من الامام علي عليه السلام أن يعمل بالكتاب و سنة رسوله و سنة الشيخين حتي يبايع له، فرفض الامام علي و قال: أعمل بكتاب الله و سنة نبيه، و قبلها عثمان و بويع له. انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري: ج 7 ص 59 و ما بعدها، و في رواية أنه قال: «أبايع علي كتاب الله و سنة رسوله و أجتهد برأي» راجع هامش عقائد السنة و عقائد الشيعة لصالح الورداني: ص 120.

[43] قال الشيخ الكركي في هداية الأبرار: ص 180 - 181: «ان عمل الأمة كان في زمن رسول الله بالنص لا غير، فلما قبضه الله... كان الخليفة منهم يقضي بما اقتضاء الحال من الكتاب و السنة، فربما سأل من بحضرته من الصحابة، فان لم يجد نصا حكم بما يراه من المصلحة، كما هو شأن الملوك و الأمراء يراعون ما ينتظم به أمر الدولة، و تصلح به الرعية، سواء وافق الشرع أو خالفه، و كانو يسمون مالم يستند الي النص اجتهادا، و العامل به مجتهدا.

[44] هناك من علماء السنة أيضا من دعا الي فتح باب الاجتهاد، و اعترض علي سده منذ القرون التي أعلن فيها انسداد بابه حتي يومنا هذا، أمثال: أبي الفتح الشهرستاني (ت 548)، و أبي اسحاق الشاطبي (ت 790 ه)، والسيوطي (ت 911 ه). و قد ألف السيوطي رسالة سماها «الرد علي من أخلد الي الأرض، و جهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض» و قدم لها بقوله: «ان الناس قد غلب عليهم الجهل، و أعماهم حب العناد و أصمهم، فاستعظموا دعوي الاجتهاد و عدوه منكر بين العباد، و لم يشعر هؤلاء الجهلة أنه فرض من فروض الكفايات في كل عصر، و واجب علي أهل كل زمان أن يقوم به طائفة في كل قطر» راجع: الاجتهاد و التجديد في التشريع الاسلامي: ص 94.

[45] راجع: الأصول العامة للفقه المقارن: ص 600، و حصر الاجتهاد: ص 76 و مابعدها و ص 42 و مابعدها.

[46] الملل و النحل: ج 1 ص 187 - 188، قاعدة القرعة لحسين كريمي: ص 104، الاحكام لابن حزم: ج 6 ص 791 و ص 842 و ح 8 ص 1077، مجمع البحرين: ج 2 ص 124.

[47] قال الشافعي في كتاب الأم: ج 7 ص 240: «الاجتهاد قياس علي السنة، فاذا لزم الاجتهاد له صارت نفعا للسنة، و كانت السنة ألزم له». و قال في الرسالة: ص 477 عندما سئل عن القياس و الاجتهاد: «هما اسمان لمعني واحد».

[48] ولد سنة 1806 م، و توفي 1873 م، و هو واحد من فلاسفة البراجماتيزم ممن رأوا تحكم الواقع الاجتماعي في بناء القيم و الأفكار. (الامامة ذلك الثابت الاسلامي المقدس: ص 44).

[49] و هي ما تسمي بأركان القياس:

(1) الأصل أو المقيس عليه: و هو المحل الذي ثبت حكمه في الشريعة، و نص علي علته.

(2) الفرع أو المقيس: و هو الموضوع الذي يراد معرفة حكمه من طريق مشاركته للأصل في علة الحكم.

(3) العلة: و هي علي نحو الاجمال: الجهة المشتركة بينهما التي بني الشارع حكمه عليها في الأصل.

(4) الحكم: و يراد به الاعتبار الشرعي الذي جعله الشارع علي الأصل، والذي يطلب اثبات نظيره للفرع.

(الأصول العامة للفقه المقارن: ص 308).

[50] راجع في ذلك تقسيمات العلة في الأصول العامة للفقه المقارن: ص 311 - 320.

[51] قياس الأولي: هو ما كانت العلة فيه في الفرع أظهر منها في الأصل. (معجم لغة الفقهاء: ص 372).

[52] و الضرورة هي فقد النص كما عبر عن ذلك السرخسي في كتابه المبسوط: ج 10 ص 174.

[53] هو أحمد بن عبدالحليم بن عبد السلام بن عبدالله بن أبي القاسم الخضر النميري الحراني الدمشقي الحنبلي؛ أبوالعباس تقي الدين ابن تيمية، و شيخ الاسلام، ولد في حران 661 ه، و تحول به أبوه الي دمشق فنبغ و اشتهر، وطلب الي مصر من أجل فتوي أفتي بها فقصدها، فتعصب عليه جماعة من أهلها، فسجن مدة و نقل الي الاسكندرية، ثم أطلق و سافر الي دمشق سنة 712 ه، و اعتقل بها سنة 720 ه،و أطلق، ثم أعيد، و مات معتقلا 728 ه بقلعة دمشق. (الأعلام: ج 1 ص 144).

[54] أنظر: الرد علي المنطقيين: ج 1 ص 371 و ص 382 و ص 384.

[55] يقول: «فليست العلوم النبوي مقصورة علي مجرد الخبر، كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام، و يجعلون ما يعلم بالعقل قسيما للعلوم النبوية، و هذا خطأ. ان العلم هو علم محمد صلي الله عليه و سلم، و علم في ميراث محمد صلي الله عليه و سلم، و غير هذا العلم لا يكون علما. لقد بين صلي الله عليه و سلم - مختتما دورة الرسالة العظمي - العلوم العقلية التي يتم بها دين الناس علما و عملا، و ضرب الأمثال، فكانت الفطرة بما ينبهها عليه.. و لذلك أتي الخبر من السماء - القرآن و الحديث - بهذا، يبين الحقائق لا بطريقة خبرية فقط، بل بالمقاييس العقلية، فبين طريقة التسوية بين المتماثلين، و التفرقة بين المختلفين».

و يضرب ابن تيمية أمثالا من الآيات للتسوية بين متماثلين، و التفرقة بين مختلفين، و يقول: «و كذلك أنزل الله سبحانه الميزان في القلوب...، لما بينت الرسل العدل و ما يوزن به، عرفت القلوب ذلك، فأنزل الله علي القلوب من العلم ما تزن به الأمور حتي تعرف التماثل و الاختلاف، و تضع من الآلات الحسية ما يحتاج له في ذلك، كما وضعت موازين النقد و غير ذلك...، قال الله تعالي: (والسماء رفعها و وضع الميزان ألا تطغوا في الميزان و أقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان) فالميزان هو العدل، و هو ما يعرف به العدل، و هو القياس القرآني المنزل، ليتعرف به صحيح الفكر من باطله، بالاضافة الي أن نزن الأمور عامة، حسية أو عقلية». (منه).

[56] هو محمد بن ابراهيم الشاوري الصنعاني، مقرئ، كان وزيرا للامام الناصر محمد بن محمد، له «فكاهة البصر والسمع في معرفة القراءات السبع» توفي بعد سنة 389 ه. (الأعلام: ج 5 ص 300).

[57] لم أعثر علي كتابه.

[58] علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري؛ أبومحمد: عالم الأندلس في عصره، و أحد ائمة الاسلام. كان في الاندلس خلق كثير ينتسبون الي مذهبه، يقال لهم (الحزمية). ولد بقرطبة سنة 384 ه، كان من صدور الباحثين، فقيها حافظا، يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة بعيدا عن المصانعة، و انتقد كثيرا من العلماء و الفقهاء، فتمالأوا علي بغضه، و أجمعوا علي تضليله، و حذروا سلاطينهم من فتنته...، فأقصته الملوك و طاردته فرحل الي بادية ليلة من بلاد الأندلس، فتوفي فيها سنة 456 ه. و كان يقال: لسان ابن حزم و سيف الحجاج شقيقان. و قد ألف كتابا اسمه: «ملخس ابطال القياس» (الأعلام: ج 4 ص 254).

[59] هذا ما نص عليه الفقه الجعفري، و أيدته الروايات الشريفة.

[60] يقول في الرسالة: ص 507 ضمن تسلسل 1464: «انما الاستحسان تلذذ».

[61] كان داود بن خلف الأصفهاني - صاحب المذهب الظاهري - شافعي المذهب، ثم صار ظاهريا ينكر القياس ويعتمد علي النص وحده، قالوا: انه سئل: لم تركت مذهب الشافعي؟ قال: قرأت كتاب «ابطال الاستحسان» للشافعي، فوجدت كل الأدلة التي يبطل بها الاستحسان يبطل بها القياس. (منه).

[62] راجع في ذلك الأصول العامة للفقه المقارن: ص 301- 360.

[63] أوجست كومت Auguste Comte 1857-1798صاحب الفلسفة الواقعية في القرن الماضي، انتفع بمؤلفات لبنتزو ديكارت و فرنسيس بيكون والقديس توماس الأكويني و روجير بيكون، و الأخيران من أكبر من نشروا العلم الاسلامي و تأثروا به، و كثير من كتاباتهما تستعمل تعبيرات اسلامية. (منه).

[64] ديكارت هو رينيه ديكارت، فيلسوف فرنسي، توفي سنة 1561 م، له كتابان يثور فيهما علي الفلسفة القديمة هما «المقال في المنهج» و «قواعد لهداية العقل». راجع دروس في أصول فقه الامامية: ص 49.

[65] جون ستيوارت مل 1806 - 1873. (منه).

[66] رسائل جابر بن حيان: ج 1 ص 164، الامام جعفر الصادق للحاج حسين الشاكري: ج 1 ص 202، الامام الصادق ملهم الكيمياء للدكتور محمد يحيي الهاشمي: ص 161.

[67] كتاب الخواص الكبير، ذكره اسماعيل باشا البغدادي في هدية العارفين: ج 1 ص 249، و ذكره أقا بزرك الطهراني في الذريعة: ج 7 ص 269 تحت تسلسل 1304، و ذكره أيضا ابن النديم في الفهرست: ص 501.

[68] اسمه «السبعين في الصنعة» ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون: ج 2 ص 1424، و اسماعيل باشا في هدية العارفين: ج 1 ص 249، و الطهراني في الذريعة: ج 16 ص 240، و هو كتاب مرتب علي سبعين رسالة، لكل منها عنوان: المني، الهدي، النعوت، الصفات، اللاهوت...، و كذا في: ج 26 ص 308 من الذريعه.

[69] ديكارت Rene Descartes 1596 - 1650. (منه).

[70] يقول جابر: «و كذلك ينبغي اذا ذهب الدهري (القائلون: انما يخلقنا و يهلكنا الدهر، لا الله) يمنع أن يكون العالم مكونا مصنوعا، لأنه لم يشاهد، و لا واحد من الناس، بدء تكوينه، أن يقال له: ما ينكر أن يكون وجود الناس بعد وجود العالم بوقت طويل...، و تذكر كون مدينة أو قصر، و لا يذكر أحد من أهل بلده ابتداء بنائه، فسلم أن يثبت قدم ذلك بالعلة التي أثبت بها قدم العالم. و اذا قال: انما علمت أن المدينة و القصر التي لم نشاهد، و لا من توفي، ابتداء بنائها، أنها مبنية من قبل، أني رأيت مثلها بني، و لم أر مثل العالم مبنيا، قيل له: ان هذا بعينه ما نقول، و ندفع كونه في طريق الاستدلال، فمن أين قلت: ان كل عالم تشاهده و ليس له شبيه و لا مثيل موجود. و ان كل مالم تشاهده و ليس له شبيه و لا مثيل فليس بموجود! اذ قد بان تقصيرك و تقصير أمثالك عن مشاهدة جميع الموجودات، فأمكن أن يكون أكثر الموجودات مما لم تشاهده». (منه).

[71] هو محمد بن الحسن بن الهيثم؛ أبوعلي، مهندس من أهل البصرة، يلقب ببطليموس الثاني، له تصانيف في الهندسة، بلغ خبره الحاكم الفاطمي (صاحب مصر) و نقل اليه قوله: لو كنت بمصر لعملت من نيلها عملا يحصل به النفع في حالتي زيادته و نقصه، فدعاه الحاكم اليه، و خرج للقائه، و بالغ في اكرامه، ثم طالبه بما وعد من أمر النيل، فذهب حتي بلغ الموضع المعروف بالجنادل، فعاين ماء النيل و اختبره من جانبيه، و ضعف عن الاتيان بشي ء جديد في هندسته، فاعتذر بما لم يقنع الحاكم، فولاه بعض الدواوين فتولاها خائفا، ثم تظاهر بالجنون، فضبط الحاكم ما عنده من حال و متاع و أقام له من يخدمه، و قيد و ترك في منزله، فلم يزل الي أن مات الحاكم، فأظهر العقل، و خرج من داره، فاستوطن قبة علي باب الجامع الأزهر، و أعيد اليه ماله، فانقطع الي التصنيف والافادة الي أن توفي سنة 430 ه. (الأعلام: ج 6 ص 84).

[72] راجع مقدمة كتاب الدكتور مصطفي نظيف مدير جامعة عين شمس بالقاهرة عن الحسن بن الحسن الهيثم البصري أكبر عالم في الرياضيات و الطبيعة في العصور الوسطي. وفد الحسن من العراق الي القاهرة ليعمل مهندسا في خدمة الدولة الفاطمية في عصر الحاكم بأمر الله، و كان من رأيه جواز اقامة آلات علي النيل يحركها تيار مياهه، والدكتور نظيف يقول: انه ينبغي لنا أن نستبدل بأسماء روجير بيكون و مور ليكوس و دافنشي و كبلر و دلابورتا، اسم الحسن بن الهيثم، فعلي يد الحسن أخذ علم الوضوء وجهة جديدا بمنهجه الاسلامي، و هو «استقراء الموجودات، و تصفح أحوال المبصرات، و تمييز خواص الجزئيات و ما يخص البصر في حال الابصار، و ما هو مطرد لا يتغير، و ظاهر لا يشتبه من كيفية الاحساس، ثم نترقي في البحث و المقاييس علي التدرج والترتيب، مع انتقاد المقدمات و التحفظ في النتائج، و نجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه و نتصفحه استعمال العدل لا اتباع الهوي، و نتحري في سائر ما نميزه و ننقده طلب الحق لا الميل مع الآراء، فلعلنا ننتهي بهذا الطريق الي الحق الذي يثلج الصدور، و تصل بالتدريج و التلطف الي الغاية التي عندها يقع اليقين، و نظفر مع النقد و التحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف و تنحسم بها مواد الشبهات». فهذا جمع للاستقراء و القياس.

و ما هو الا منهج علماء الرياضيات و الطبيعة المسلمين تابعهم فيه ابن الهيثم، و نقله علماء أوربة، ابتداء من الكندي (252) عالم الطبيعة أو الطبيب الفيلسوف، و الرازي (320) جالينوس العرب أو الطبيب الفيلسوف الذي يتخذ الاحساسات بالجزئيات أساسا لكل عمله، و يدلل بالكائنات الحية علي وجود الخالق، و ابن سينا (428) الرئيس أو الفيلسوف الطبيب الذي، يمثل فكرة المثل الأعلي في العصور الوسطي كما يقول سارتون. و للأخيرين صورتان معلقتان علي جدران جامعة باريس الآن، مع جراح العظام ابن زهر. راجع «الامام الشافعي» للمؤلف: ص 174 - 175 الطبعة الثانية طبعة المجلس الأعلي للشؤون الاسلامية.

يراجع كذلك «المنهج العلمي المعاصر مستمد من القرآن» للمؤلف، مطبعة دار الاتحاد العربي للطباعة سنة 1976 م، حيث تفصيل الأدلة علي أخذ أوربة المنهج العلمي المعاصر عن علماء المسلمين. (منه).

[73] راجع في ذلك الامام الصادق ملهم الكيمياء للدكتور محمد يحيي الهاشمي.

[74] يقول أحمد بن حنبل: «أنا أذهب الي كل حديث جاء، و لا أقيس عليه» و «سألت الشافعي عن القياس فقال: انما يصار اليه عند الضرورة» و في حالة الضرورة هذه أباح أحمد «أن يقاس الشي ء اذا كان مثله في كل أحواله، فأما اذا أشبهه في حال و خالفه في حال فأردت أن تقيس عليه فهذا.. خطأ، فاذا كان مثله في كل أحواله فما أقبلت به و أدبرت به فليس في نفسي شي ء منه». (منه).

[75] محمد بن ادريس العجلي الحلي، له تصانيف منها: كتاب السرائر، و قد أثني عليه علماؤنا المتأخرون، و اعتمدوا علي كتابه و علي ما رواه في آخره من كتب المتقدمين و أصولهم. يروي عن خاله أبي علي الطوسي بواسطة و غير واسطة، و عن جده لأمه أبي جعفر الطوسي، و أم أمه بنت المسعود ورام، و كانت فاضلة صالحة.

و نقل عن ابن داود: أنه كان شيخ الفقهاء بالحلة، متقنا للعلوم، كثير التصانيف، لكنه أعرض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام، بالكلية، و أنه ذكره في قسم الضعفاء، ثم قال: و لعل ذكره في باب الموثقين أولي؛ لأن المشهور منه أنه لا يعمل بخبر الواحد، و هذا لا يستلزم الاعراض بالكلية. (أمل الآمل: ج 2 ص 243).

[76] السرائر: ص 2.

[77] هو نجم الدين؛ أبوالقاسم جعفر بن الحسن، المعرف بالمحقق الحلي، و هو خال العلامة الحلي. أطراه ابن داود في رجاله، و قال: شيخنا نجم الدين المحقق المدقق، الامام، العلامة، واحد عصره، و كان ألسن أهل زمانه، و أقومهم بالحجة، و أسرعهم استحضارا، توفي في شهر ربيع الآخر سنة 676 ه. له تصانيف حسنة محققة محررة عذبة، منها: كتاب شرائع الاسلام، و النافع، و المعتبر... و له تلاميذ فقهاء. يعرف بالمحقق علي الاطلاق، و هو ممن يفتخر بوجوده الشيعة، و أحد الأعلام و الأساطين في الفقهيات. (مرآة الكتب: ص 409).

[78] المعتبر في شرح المختصر: ص 6.

[79] الشيخ السعيد الشهيد شمس الدين محمد بن مكي العاملي الجزيني، و هو المشتهر بالشهيد علي الاطلاق، كان عالما ماهرا زاهدا متبحرا مجتهدا، فائقا في زمانه علي من في عصره، جامعا للمعقول و المنقول، قتل بالسيف سنة 786 ه، ثم صلب ثم رجم ثم أحرق بدمشق بفتوي القاضي برهان الدين المالكي و عباد بن جماعة الشافعي بعدما حبس سنة كاملة في قلعة الشام. و في مدة الحبس ألف كتاب اللمعة الدمشقية في سبعة أيام، و ما كان يحضره من الكتب غير المختصر. (أمل الآمل: ج 1 ص 181-183).

[80] راجع في ذلك مقدمة كتابه: «الذكري».

[81] الشيخ محمد رضا المظفر. (منه).

[82] أصول الفقه: ج 2 ص 112.

[83] الحسن و القبيح قضية يمسك بطرفيها الأشاعرة، فيقولون: ان الشرع وحده هو الذي يعطي الفعل وصفه، و الشيعة، و يتبعهم في ذلك المعتزلة، يقررون: أنهما وصفان ذاتيان يستقل العقل بادراكهما، فالصدق و المروءة أمران حسنان، و الكذب و انعدام المروءة أمران قبيحان. (منه).

[84] راجع: كفاية الأصول: ص 348، مبادئ الوصول: ص 243.

[85] راجع: مقالات الأصول: ج 2 ص 176.

[86] الكافي: ج 5 ص 313، تهذيب الأحكام: ج 7 ص 226، وسائل الشيعة: ج 17 ص 89، الفصول المهمة: ج 1 ص 633، بحارالأنوار: ج 2 ص 273، نور البراهين: ج 2 ص 439، مستدرك سفينة البحار: ج 1 ص 147، الأصول الأصلية: ص 75، منتهي المطلب: ج 2 ص 1026، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 588، مجمع الفائدة: ج 11 ص 206.

[87] راجع: نظرات في الكتب الخالدة لحامد حفني داود: ص 185، المهذب البارع: ج 2 ص 532، جامع المقاصد: ج 5 ص 215، شرح اللمعة: ج 1 ص 560، و ج 3 ص 53 و ص 438 و 352 و ص 351، كشف اللثام: ج 1 ص 15 و 172، الحدائق الناضرة: ج 11 ص 200.

[88] راجع منتهي المطلب: ج 1 ص 35، الرسائل الفقهية للوحيد البهبهاني: ص 89.

[89] لم ترد الرواية بهذا اللفظ عن الامام جعفر الصادق عليه السلام، بل وردت تارة عن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، و تارة عن أميرالمؤمنين عليه السلام من عهده لمحمد بن أبي بكر. انظر: تاريخ مدينة دمشق: ج 33 ص 205 و ج 12 ص 208، تاريخ بغداد: ج 13 ص 388، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: ج 2 ص 57، مسند الشاميين: ج 2 ص 164، حديث خيثمة: ص 193، الآحاد و المثاني: ج 5 ص 348 و ج 4 ص 454، كتاب الايمان لمحمد بن يحيي العدني: ص 124، بحارالأنوار: ج 80 ص 238 و ج 77 ص 334 و 266، سنن الترمذي: كتاب الدعاء باب 85، سنن النسائي: كتاب الزكاة باب 1، سن ابن ماجة: كتاب الطهارة ج 5، مسند أحمد: ج 5 ص 365، مستدرك سفينة البحار: ج 10 ص 360، عوالي اللئالي: ج 1 ص 115، كتاب نوادر الراوندي: ص 192، أمالي الطوسي: ص 29، أمالي المفيد: ص 267، الغارات: ج 1 ص 245، وسائل الشيعة: ج 1 ص 397، مستدرك الوسائل: ج 1 ص 306 و 288.

[90] أصل الحديث هكذا: «الوضوء علي الوضوء نور علي نور، و من جدد وضوءا لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار». من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 41، ثواب الأعمال: ص 17، وسائل الشيعة: ج 1 ص 377، بحارالأنوار: ج 77 ص 304، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 ،205، الذكري: ص 96، جامع المقاصد: ج 1 ص 70.

[91] المبسوط للطوسي: ج 1 ص 4، الحبل المتين: ص 83، تهذيب الأحكام: ج 1 ص 405، وسائل الشيعة: ج 3 ص 388، كشف اللثام: ج 1 ص 178، الحدائق الناضرة: ج 4 ص 289، مستند الشيعة: ج 3 ص 383.

[92] الكافي: ج 3 ص 65، تهذيب الأحكام: ج 1 ص 404، وسائل الشيعة: ج 3 ص 388، منتهي المطلب: ج 1 ص 134، و ج 3 ص 22، مجمع الفائدة: ج 1 ص 217، الحبل المتين: ص 82، مستند الشيعة: ج 3 ص 383. وورد مثل هذا المعني ولكن للمجنب لا للعطشان في أحاديث أهل السنة، انظر: السنن الكبري للبيهقي: ج 1 ص 234، المصنف لابن أبي شيبة: ج 1 ص 128، كنز العمال: ج 9 ص 596، سنن الدارقطني: ج 1 ص 210.

[93] مسالك الافهام: ج 1 ص 109. و هي بمقدار 300 ذراع الي 400 ذراع. انظر كشف اللثام: ج 1 ص 142.

[94] الكافي: ج 3 ص 65، تهذيب الأحكام: ج 1 ص 184، وسائل الشيعة: ج 3 ص 342، عوالي اللئالي: ج 3 ص 42، منتهي المطلب: ج 3 ص 21 و 22 و 45، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 59 و ج 2 ص 154، الذكري: ص 22، المهذب البارع: ج 1 ص 199.

[95] الكافي: ج 3 ص 64، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 105، تهذيب الأحكام: ج 1 ص 184، وسائل الشيعة: ج 3 ص 343 و 345، بحارالأنوار: ج 78 ص 153، مستند الشيعة: ج 3 ص 386، الحبل المتين: ص 82.

[96] من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 108، تهذيب الأحكام: ج 1 ص 194 و ص 200، وسائل الشيعة: ج 3 ص 369 و ص 380 و 386، مستدرك الوسائل: ج 3 ص 541 و 548، الأربعون حديثا للشهيد الأول: ص 28، عوالي اللئالي: ج 3 ص 47، الفصول المهمة: ج 2 ص 49، بحارالأنوار: ج 78 ص 169، المعتبر: ج 1 ص 397، مختلف الشيعة: ج 1 ص 438 و 453، منتهي المطلب: ج 1 ص 138 و 150.

[97] من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 107، منتهي المطلب: ج 1 ص 135، الحدائق الناضرة: ج 4 ص 277، مستند الشيعة: ج 2 ص 204، التهذيب: ج 1 ص 291، الوسائل: ج 3 ص 734.

[98] راجع: مختلف الشيعة: ج 3 ص 545، مجمع الفائدة: ج 3 ص 376، زبدة البيان: ص 289، الحدائق الناضرة: ج 14 ص 94، و يعضده قوله تعالي: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج: 78.

[99] البقرة: 195.

[100] من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 278، وسائل الشيعة: ج 4 ص 300، الفصول المهمة: ج 2 ص 72، تفسير نور الثقلين: ج 1 ص 137، و الرواية عن الباقر عليه السلام.

[101] من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 179 و 845، وسائل الشيعة: ج 4 ص 311، و الرواية هكذا: «يجزي المتحير أبدا أينما توجه اذا لم يعلم وجه القبلة».

[102] راجع في ذلك: كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري:ج 1 ص 159-164، و جواهر الكلام للشيخ الجواهري: ج 2 ص 347 و مابعدها، و الحدائق الناضرة للبحراني: ج 2 ص 396 و مابعدها.

[103] تهذيب الأحكام: ج 2 ص 352، وسائل الشيعة: ج 8 ص 237، الفصول المهمة: ج 2 ص 115، بحارالأنوار: ج 81 ص 164 و ج 85 ص 157.

[104] تهذيب الأحكام: ج 1 ص 101، وسائل الشيعة: ج 1 ص 470، الفصول المهمة: ج 2 ص 23، بحارالأنوار: ج 77 ص 262.

[105] الاستبصار: ج 1 ص 374 - 375، تهذيب الأحكام: ج 2 ص 188، وسائل الشيعة: ج 8 ص 228، بحارالأنوار: ج 85 ص 270 منتقي الجمان: ج 2 ص 322، منتهي المطلب: ج 1 ص 411، روض الجنان: ص 343، الحبل المتين: ص 28، الحدائق الناضرة: ج 2 ص 395.

[106] و هي متصيدة من الروايات، راجع الوسائل: ج 5 ص 329، منية الطالب: ج 3 ص 288 و 393، فقه الصادق: ج 5 ص 424 و ج 18 ص 391، القواعد الفقهية للبجنوردي: ج 1 ص 216 و 219 و 224 و ج 2 ص 343، مئة قاعدة فقهية للسيد المصطفوي: ص 241.

[107] الكافي: ج 3 ص 352، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 61، علل الشرائع: ج 2 ص 361، الاستبصار: ج 1 ص 183 و ص 373، تهذيب الأحكام: ج 1 ص 422 و ج 2 ص 186، وسائل الشيعة: ج 3 ص 466 و 477 و 483 و ج 8 ص 217، خاتمة المستدرك: ج 1 ص 209، مصباح الشريعة: ص 67، الفصول المهمة: ج 1 ص 628، بحارالأنوار: ج 2 ص 281 و 282 و ج 77 ص 124 و ج 80 ص 268.

[108] راجع شرح اللمعة: ج 3 ص 65، مسالك الافهام: ج 6 ص 256، رسائل الشهيد الثاني: ص 8، مجمع الفائدة: ج 8 ص 104، تتمة الحدائق الناضرة: ج 1 ص 238، المعالم: ص 203.

[109] الأمالي للطوسي: ص 338، عين العبرة: ص 5، بحارالانوار: ج 42 ص 186، مستدرك سفينة البحار: ج 5 ص 89، مسند أحمد: ج 1 ص 83، كنز العمال: ج 5 ص 773 و ص 803 فيض القدير: ج 4 ص 226، كشف الخفاء: ج 2 ص 3، الفصول في الأصول: ج 4 ص 27، أصول السرخسي: ج 2 ص 137، التاريخ الكبير: ج 1 ص 177، تاريخ دمشق: ج 54 ص 416.

[110] سنن الدارمي: ج 1 ص 59، سنن النسائي: ج 8 ص 230 و 231، السنن الكبري للبيهقي: ج 10 ص 115، المصنف لعبد الرزاق: ج 8 ص 301، المصنف لابن أبي شيبة: ج 5 ص 359، السنن الكبري للنسائي: ج 3 ص 469، المعجم الكبير للطبراني: ج 9 ص 187، كنز العمال: ج 5 ص 813، الاحكام لابن حزم: ج 6 ص 768 و 774، تاريخ مدينة دمشق: ج 12 ص 332، مع تغاير لا يخل بالمعني في بعض الروايات زيادة و نقيصة.

[111] راجع: دروس في علم الأصول: ج 3 ص 15 للسيد الشهيد الصدر.

[112] رسائل المرتضي: ج 3 ص 175 و مابعدها، الرسالة السعدية: ص 53 و مابعدها، حصر الاجتهاد: ص 46، فقه الصادق: ج 13 ص 202، عوالي اللئالي: ج 1 ص 381) الهامش)، مبادئ الوصول: ص 86، أصول الفقه: ج 1 ص 196 و مابعدها، دروس في علم الأصول: ج 1 ص 324 و مابعدها.

[113] الحج: 78.

[114] الكافي: ج 5 ص 293، من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 103، تهذيب الأحكام: ج 7 ص 147، شرح أصول الكافي: ج 12 ص 466 وسائل الشيعة: ج 18 ص 32 و ج 25 ص 400 و 420 و429، مستدرك الوسائل: ج 13 ص 308 و ج 17 ص 18 و ج 18 ص 321، بحارالأنوار: ج 2 ص 276 و ج 22 ص 134، كتاب المسند للشافعي: ص 224، مسند أحمد: ج 5 ص 327، سنن ابن ماجة: ج 2 ص 784، المستدرك: ج 2 ص 58، السنن الكبري للبيهقي: ج 6 ص 69 و ج 10 ص 133، مجمع الزوائد: ج 4 ص 110،المصنف لابن أبي شيبة: ج 3 ص 276، المعجم الأوسط: ج 1 ص 307، المعجم الكبير: ج 2 ص 86 و ج 11 ص 183 و 240، سنن الدارقطني: ج 3 ص 64، الجامع الصغير: ج 2 ص 749، كنز العمال: ج 3 ص 919.

[115] بحارالأنوار: ج 107 ص 108، و قال العجلوني في كشف الخفاء: ج 2 ص 35: «ليس بحديث و معناه صحيح» و هي متفق علي العمل بها عند السنة والشيعة، لاحظ: كشف اللثام: ج 2 ص 59، الحدائق الناضرة: ج 8 ص 243، مستند الشيعة: ج 10 ص 270 و ج 14 ص 113، المكاسب للأنصاري: ج 1 ص 356، حاشية الدسوقي: ج 1 ص 150، الدر المختار: ج 3 ص 584، كشف القناع: ج 1 ص 480، عون المعبود: ج 5 ص 39، العهود المحمدية: ص 154، فيض القدير: ج 1 ص 72.

[116] أصلها آية قرآنية من سورة النحل: 90، ولها تطبيقات عديدة عند السنة و الشيعة: انظر مثلا: الانتصار للمرتضي: ص 443، الرسالة السعدية: ص 154، الاحكام ليحيي بن الحسين: ج 1 ص 35، بدائع الصنائع: ج 2 ص 332، القواعد و الفوائد: ج 2 ص 44 و 365، نضد القواعد: ص 302.

[117] الحج: 78.

[118] البقرة: 185.

[119] النساء: 28.

[120] فيثاغورس رياضي و فيلسوف يوناني، مؤسس المدرسة الفيثاغورية، أسهم في تطوير الهندسة، آمن بالتناسخ و قال: بأن تطهير النفس ممكن من طريق معرفة الحساب و الهندسة و الموسيقي. اتبع نظاما صارما قوامه تطهير الذات و امتحان النفس. ولد عام 580 ق. م، و توفي عام 500 ق. م (موسوعة المورد الحديث: رقم 9539).

[121] أرخميدس (287 ق. م - 212 ق. م) رياضي و فيزيائي و مخترع يوناني من مدينة سيراقوسة، اكتشف مبدأ الثقل النوعي، واخترع آلات حربية ساعدت كثيرا في الدفاع عن سيراقوسة ضد الرومان. (موسوعة المورد الحديث: رقم 776).

[122] اقليدس (حوالي 365 - حوالي 300 ق. م) عالم رياضيات يوناني، أسس مدرسة في الاسكندرية في عهد بطلميوس الأول، و درس الرياضيات فيها. وضع مبادئ الهندسة المستوية، أشهر آثاره كتاب «الأصول» أو «الأركان» في الهندسة، و هو يقع في ثلاثة عشر جزءا، حشد فيه اقليدس عددا من النظريات الهندسية و نسقها تنسيقا منطقيا. درس الموسيقي و علم البصريات أيضا، و قد نسبت اليه بعض المصنفات في هذين الموضوعين. (موسوعة المورد الحديث: رقم 1207).

[123] شاعر و فيلسوف هندي مسلم ولد عام 1875 م، نظم باللغة الفارسية، و اللغة الأردية، و كان أول من دعا الي انشاء دولة باكستان. أشهر آثاره الشعرية قصيدة طويلة عنوانها «أسراري خودي» أي أسرار النفس عام 1915 م، و أهم آثاره الفلسفية اعادة بناء الفكر الديني في الاسلام عام 1934.

توفي سنة 1938 م. (موسوعة المورد الحديث: رقم 1194).

[124] في كتابه: «اعادة تكوين الفكر الديني في الاسلام»

The Reconstruction of Religious Thinking

(منه).

[125] في كتابه: «صنع الانسانية» Making of Humanity (منه).

[126] مات روجير بيكون سنة 1294، و استمرت الجامعات العربية و العرب في الأندلس قرنين بعد ذلك، الي جوار المعاهد التي أنشئت لترجمة علومهم في فرنسا و الأندلس و ايطاليا و ألمانيا.

و كان يجيد اللغة العربية و العبرية، و يمارس التجارب العلمية في الطبيعة و الكيمياء، و قاومه معاصروه، لكن البابا شد أزره، و كان جزاؤه السجن في باريس من أجل كتاباته، و هي تعتبر طلائع لكشوف علمية حديثة (كالعدسات و السيارات ذات المحرك البدائي و الطائرات) و هو القائل: «الفلسفة مستمدة من العربية، فاللاتيني - علي هذا - لا يستطيع فهم الكتب المقدسة و الفلسفة الا اذا عرف اللغة التي نقلت عنها». و من قبل ذلك بقرون - و علي التحديد في سنة 920 - طلب ملك الصقالبة الي الخليفة أن يبعث اليه معلمين و فقهاء، فصنع. و كان الجغرافيون العرب في أرمينية منذ القرن التاسع للميلاد.

كذلك تلقي الباب سلفستر (999 - 1003) علومه بجامع قربة، و كان اسمه: «الراهب جلبير» قبل أن يصير رئيسا لدير رافنا، و هو ناقل العلوم العربية والأرقام العربية الي أوربة. و قد أنشأ مدرسة في ايطاليا، و أخري في ريمس بألمانيا لنقل العلوم العربية. و ثابت أن مدرسة الوعاظ في طليطلة نشأت مدرسة لتدريس اللغة العربية سنة 1250 م، ثم أمر مجلس فيينا سنة 1311 م بتدريس العلوم العربية في باريس و سلامنكا و غيرها.

و في سنة 1207 أنشأت «جنوه» جامعة لنقل الكتب العربية، و في سنة 1209 و 1215 قرر المجمع المقدس منع تدريس كتب ابن رشد و ابن سينا لما فيها من حرية فكرية!

و في سنة 1296 قرر المجمع اللاهوتي تحريم تدريس الفلسفة العربية، و حرمان «كل من يعتقد أن العقل الانساني واحد في كل الناس»! و كان الامبراطور فردريك الثاني قد أنشأ جامعة نابولي لنقل العلوم العربية فوق ما تنقله مدرسة سالرنو المجاورة. و أنشأ العرب المطرودون من أسبانيا مدرسة «مونيليه» في «بروفانس» بجنوب فرنسا. و الشريف الادريسي هو معلم روجار ملك صقلية، صنع له كرة من فضة؛ ككرة الأرض سنة 1153، قبل أن تعرف أوربا أن الأرض كروية.

و من الثابت أن فيبروناتشي Fibronacci أول عالم اشتغل بعلم الجبر، قد رحل الي مصر و سورية في عصر الملك فردريك الثاني ملك صقلية، و أن ادلارد الباثي Adilard of bath درس علي العرب علمي الفلك و الهندسة. و ما هؤلاء الا طلائع للعصر الذي عاشوا فيه.

و في العصر ذاته كانت مدرسة صقلية، و كمثلها مدرسة سالرنو في جنوب ايطاليا، و جامعة نابولي التي أنشأها الامبراطور فردريك الثاني، تذيع العلوم العربية. واحتل العرب جزر البحر الأبيض ابتداء من كريت سنة 212 الي صقلية سنة 216، أي في النصف الأول من القرن التاسع للميلاد، كما استولوا علي باري و برنديزي في وسط ايطاليا، و توطدت سيطرتهم علي مقاطعتي كاميينا و أبروزي و أقاموا فيهما امارات عربية، و امتد سلطان عرب الأندلس الي جنوب فرنسا في مقاطعة بروفانس، و حاصروا روما.

و كانت ملابس الباب موشاة بالأحرف العربية، و تأثر «دانتي» بالثقافة العربية واضح في الكوميديا الالهية، و هو يذكر صلاح الدين الأيوبي والدوق جود فري (الملك جود فري ملك بيت المقدس في حرب الصليبين) في كتابه. و كانت السفارات بين الملوك و الأمراء الفرنجة و السلاطين تمد الي أوربة أسباب الحضارة، و كانت كتب ابن رشد و الغزالي أيامئذ تقدم الغذاء العلمي للفكر الأوربي، و كتابات القديس توماس الأكويني (القديس توما) ناطقة بالتأثر الظاهر، أو بالنقل الكامل.

و أول مرصد فلكي أقيم في أوربة أقامه العرب بأشبيلية، و أول مدرسة طبية في أوربة هي التي أقاموها في ساليرت، و منذ سنة 970 كان في غرناطة باسبانيا 120 مدرسة، منها 17 مدرسة كبيرة، و 27 مدرسة مجانية يتعلم فيها نبلاء أوربة علوما عربية.

و لما سقطت طليطلة في سنة 1085 في أيدي الأسبان أقاموا المدارس لترجمة العلوم العربية فيها، و لم يتوقف النقل، بل أتيحت له مصادر جديد بسقوط قرطبة سنة 1236، ثم بسقوط غرناطة سنة 1492.

و كان بلاط الفونسو السادس بعد سقوط طليطلة مصطبغا بالثقافة العربية، بل هو أعلن نفسه امبراطور العقيدتين: المسلمة و المسيحية. و كان الفونسو الخامس الملقب بالحكيم ملك قشتالة من سنة 1252 الي 1284 أكبر دعاة الثقافة العربية، و قد جمع له اليهود كل كتب العرب. و في سنة 1250 أنشأت جماعة الوعاظ في طليطلة مدرسة لتدريس اللغة العربية و العبرية بقصد تنصير المسلمين، كما ألفت الكتب للدفاع عن المسيحية ضد المسلمين، و كان الأسقف ستيفن في باريس يناقش كتب ابن رشد، و في آخر أيام المسلمين بالأندلس أنشئت محاكم التفتيش لمقاومة العلم و الفلسفة اللذين خيف انتشارهما من كتب المسلمين!

و في بحر ثمانية عشر عاما من (1481 - 1499) أحرقت هذه المحاكم 220 ألفا و 10 رجلا أحياء! و شنقت 6860! و عاقبت بعقوبات أخري سبعة و تسعين ألفا. و في سنة 1502 قرر مجمع «لا ترانا» لعن من ينظر في فلسفة ابن رشد، لأنه يقول بحرية العقل!!

يراجع الفصل الثاني و عنوانه (قوة الحضارة العلمية) من الباب الأول في كتابنا: «توحيد الأمة العربية» فقرات 4 الي 18. (منه).


مبادي ء الفلسفة و الحكمة عند الامام


يقول الدكتور محمد يحيي الهاشمي:

«حقا ان شخصية جعفر الصادق لا تزال غامضة تحتاج الي من يكشف كنهها من المؤرخين، لا لأهميتها في تاريخ الفكر الاسلامي و تاريخ تطور الفكر البشري فحسب، بل لأن تاريخ العلوم يتطلب من يجلو كنهها لوجودها علي مفترق الطرق... و ما دام يكتنف مثل هذه الشخصية الظلام، فكثير من الحقائق ستظل في طي الخفاء، و سنظل في جهل مدقع في فهم كثير من تراثنا الفكري، لأن التعصب الذميم هو الذي طمس المعالم، و وضع أمامنا سدا حائلا دون تفهم كنه الأساسات العميقة في بناء الحضارة العالمي» [1] .

و ليس في هذا التقرير أي غلو أو تطرف، بل جاء مواكبا لما نشاهده من التعثر التاريخي المرير و هو يقف في قبال مسيرة الامام الصادق الصاعدة، لا لقصور في الأداء أو العطاء، و انما هو التمييز المذهبي أو العرقي الذي لا مسوغ له في حياة الأمم المتحضرة.

لقد كانت مشاركة الامام الصادق عليه السلام جادة و فاعلة في التحديد المشرق لمآثر الحضارة العالمية، و كان هذا التجديد منزها عن الاثارة و الاضطهاد للرأي الآخر،



[ صفحه 422]



الا أن التحامل البذي ء و الحقد الدفين كانا عاملين ينخران في جسم الحياة الانسانية، فطمست طائفة من الحقائق الصارخة، ليحل بدلها الجهل المطبق تلبية لنعرات ما أنزل الله بها سلطانا، تمثل الأفق الضيق و الانحراف الشرير.

و مع هذه العقبات المعوقة فقد برز عنصر الاستطالة في تعددية المدارك الحضارية لدي الامام الصادق عليه السلام و التي ساعدت بقوة علي ازاحة كثير من التراكمات التي حاولت حجب الاشراق و التطور.

و كما رأيت القوي العقلية الآخذة بأصول المعارف عند الامام، فقد تعجب لاستحضاره جملة العلوم التشريعية و التجريبية و الانسانية في سياق واحد، فمضافا الي ما تقدم ايضاحه بايجاز عن تلك الممارسات العلمية نجد الامام في الذروة من ارساء مبادي ء الفلسفة و العرفان و الأدب، كما نجده في القمة الشاهقة في محور النقد التاريخي، و كذلك نجده و هو يبرمج نقد المنهج التطبيقي، و هذا ما يذهب بالبحث الي تناول بعض المؤشرات البارزة لهذا التراث الأصيل.

يقول باحث أو ربي معاصر:

«و لا نعرف في تاريخ العلوم في الاسلام من تناول الفلسفة قبل الامام الصادق عليه السلام فقد ابتدأ الامام عليه السلام بتدريس مبادي ء الفلسفة، أو أسلوب الاستدلال و الجدل المنطقي، و كانت مباحث الفلسفة في مدرسته تتناول بادي ء الأمر آراء سقراط، و أرسطو، و أفلاطون، ثم استقلت... و منذ أن أرسي الامام الصادق عليه السلام مبادي ء الفلسفة في مدرسته، و قام بنفسه بتعليمها، أصبحت الفلسفة بابا متميزا من تراث الشيعة و ثقافتهم، و هي تنفرد به عن سائر الفرق و المذاهب الاسلامية، و تضيف اليه العرفان.

و العرفان و ان انحدر في بادي ء الأمر من الشرق، و من مدرسة الاسكندرية، الا أن الامام الصادق استطاع أن يخرج من هاتين المدرستين بنظرية عرفانية تتفق مع أصول الاسلام، و مبادي ء الفكر الشيعي.



[ صفحه 423]



فالعرفان الجعفري له شخصيته المستقلة عن عرفان المتصوفة في الشرق أو الاسكندرية، فهو يقول بأن أمور الحياة الدنيا ينبغي أن ينصرف اليها من الاهتمام ما لا يقل عن الاهتمام المنصرف الي أمور الأخلاق و تزكية النفس.

- قال تعالي: (و ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا...) [2] .

و صفوة رأي الامام في هذا الصدد أن الدنيا مزرعة الآخرة، و من حق من زرعها أن يجني ثمارها، و لن يجني المرء الا ما زرعت يداه، فمن التزم بدينه و زكي نفسه و خلقه، فلا خوف عليه في العالم الثاني.

و لا محل للمغالاة التي تجد مثلها عند العرفاء أو المتصوفة الآخرين، و لا محل أيضا للقول بوحدة الخالق و المخلوق [3] .

و فلسفة الامام الصادق عليه السلام تنطلق في ميدان عقلاني متوازن يصدر عن مبادي ء الاسلام و قيم القرآن، و اليه يعود الفضل الأكبر في ارساء قواعد الوحيد، كما يعود اليه الفضل في دحض شبهات المتشككين و المترددين، كما يعود اليه الفضل أيضا في ازاحة الضبابية عن مجريات الحوادث و الكوارث التي تجتاح حياة الانسانية.

ففي ملحظ تقريره التوحيد الخالص، و درء نزغات القائلين بتعدد الآلهة، نجده معالجا لذلك بأسلوب الرائد الحكيم الذي يورد الشبهة، ثم ينقض عليها في جدل منطقي فائق، و هو يفندها و يحطمها و ينقضها جملة و تفصيلا، ففي حوار له مع قائل بالثنائية، قال الامام:

«لا يخلو قولك: أنهما اثنان، من أن يكونا قديمين قويين، أو يكونا ضعيفين،



[ صفحه 424]



أو يكون أحدهما قويا و الآخر ضعيفا، فان كان قويين لا يدفع كل منهما صاحبه و ينفرد بالتدبير!! و ان زعمت أن أحدهما قوي و الثاني ضعيف، ثبت أنه واحد كما تقول للعجز الظاهر في الثاني.

فان قلت: أنهما اثنان، لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة، أو متفرقين من كل جهة، فلما رأينا الخلق منتظما، و الفلك جاريا، و التدبير واحدا، و الليل و النهار و الشمس و القمر، دل صحة الأمر و التدبير، و ائتلاف الأمر علي أن المدبر واحد، ثم يلزمك ان ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتي يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديم معهما، فيلزمك ثلاثة، فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت عن الاثنين، حتي تكون بينهما فرجة فيكونوا خمسة، ثم يتناهي في العدد الي ما لا نهاية له في الكثرة، و طلب الزنديق الدليل علي وجود الخالق وحده، فأجاب الامام:

«وجود الأفاعيل دلت علي أن صانعا صنعها، ألا تري أنك اذ نظرت الي بناء شيد، مبني، علمت أن له بانيا، و ان كنت لم تر الباني و لم تشاهده...».

و طلب الزنديق من الامام أن يعرفه الخالق، فقال الامام:

«شي ء بخلاف الأشياء.. أو أنه شي ء بحقيقة الشيئية، غير أنه لا جسم و لا صورة، و لا يحس و لا يجس، و لا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام، و لا تنقصه الدهور، و لا تغيره الأزمان» [4] .

و للامام في هذا المجال استدلالات فلسفية و عقلية في مشاهد شتي، تناول استحالة رؤية الله، و معرفة الله، و صفة الله، و تنزيهه عن الجسم و الصورة، و ما جري مجري هذه الآفاق [5] .



[ صفحه 425]



و في ارجاع أصل الحوادث الي الله تعالي، تبدو نظريته في الشك و اليقين، و نظام العالم.

يقول الامام جعفر الصادق عليه السلام: «ان الشك مصدره الجهل. اما اليقين فهو علم لا يتطرق اليه الشك عنده، و هو أصل من أصول الدين الاسلامي لأن مصدره هو الله جل و علا».

يقول الامام عليهم السلام: «ان الله واحد و هو خالق كل شي ء و هو مدبر العالم و مسيره وفقا لارادته، و من ينكر وجود الله، برهن علي جهله المركب، و كان كالأصم الأبكم الذي لا يسمع و لا ينطق».

ان الامام الصادق علي حق حينما اعتبر أن وجود الله لا ينكره الا الجاهل المركب؛ أما من تسلح بسلاح العقل و الفهم، فلا يشك في وجود الله.

و للامام الصادق عليه السلام نظرية حول العالم و نظامه لا تختلف عن نظريات علماء الفيزياء في هذا العصر، فهو يري أن الحوادث الطارئة كالطوفان و السيل و الزلازل و سواها من الظواهر الطبيعية في العالم، و انها ليست دليلا علي أن العالم فقد نظامه، لأن هذه الكوارث تتبع قواعد ثابتة، و لا تقع واحدة منها صغيرة أو كبيرة الا و هي في حساب عند الله تعالي.

و علماء العصر الحديث الذين يخضعون لقواعد رياضية و فيزيائية، و لا يخضعون لسواها من الغيبيات يقولون بهذه النظرية نفسها.

و كان الامام الصادق عليه السلام يقول لتلامذته: ان الذي يراه الناس و يحسبون انه دليل علي خلل في نظام الكون، انما يخضع لقوانين ثابتة لا تتغير.

و الوحيد بين المفكرين القدامي الذي تنبه الي ثبات قواعد الكون و نظمه هو الامام جعفر الصادق عليه السلام اذ أن الاعتقاد السائد عند القدامي أن كل قاعدة في الكون قابلة للتغيير، و أرسطو نفسه اعتبر الاعتقاد بتغيير الكون و نظمه جزءا من



[ صفحه 426]



أساس تفكيره الفلسفي، بينما الدراسات الفيزيائية المعاصرة أيدت رأي الامام الصادق عليه السلام، و خطأت أرسطو فيها يذهب اليه [6] .

و للامام الصادق عليه السلام نظرية تكاملية في الفرق بين العلم و الحكمة.

فقد ماء الاغريق يرون أن كل معرفة تدخل في نطاق الفلسفة، بينما تري مدرسة الاسكندرية أن الحكمة و العلم شي ء واحد.

أما الامام الصادق عليه السلام، فقد قسم نظريته بشأن العلم و الفلسفة الي شيئين:

الأول: أن العلم يوصل المرء الي نتيجة واقعية صغيرة أو كبيرة، و أما الفلسفة فلا توصله الي نتيجة ما.

الثاني: أن العلم لا ينظر الي حقيقة مطلقة، و لكن الفلسفة قادرة علي ذلك.

و الحقيقة المطلقة عند الامام عليه السلام، هي الله تعالي وحده. و العلم قد يعجز عن اكتشاف الحقيقة الكبري و ان توصل الي الحقائق الصغيرة المحدودة.

أما الفلسفة، فانها و ان لم تصل الي حقيقة قاطعة، فهي تتطلع الي معرفة الحقيقة المطلقة، و أخيرا تتطلع الي معرفة سبب خلق العالم و البشر، و الوصول الي الخالق، و مصير الانسان، و نهاية العالم.

و يلوح من هذا أن الامام الصادق عليه السلام يضع الحكمة في منزلة مقدمة علي العلم، لأن العلم لا يهدف الي الوصول للحقيقة المطلقة، بينما الحكمة تهدف الي ذلك، و تجتهد في بلوغه.

و في هذا الصدد يقول الامام الصادق عليه السلام: «أحسنوا النظر فيما لا يسعكم جهله، و انصحوا لأنفسكم و جاهدوا في طلب معرفة ما لا عذر لكم في جهله» [7] .



[ صفحه 427]



و مناداة الامام الصادق عليه السلام باستقلال العلم عن الحكمة كانت دعوة ثورية بمعني الكلمة بمقاييس تلك الأيام.

و يتحصل من هذا أن الامام عليه السلام كان يري للحكمة فضلا في هداية الانسان الي معرفة الله تعالي، بينما العلم قاصر عن القيام بهذه المهمة [8] .

و في هذا الضوء نجد الامام عليه السلام داعية الي النظرية العفوية في الجبلة علي الفطرة، و الجنوح الي الواقعية دون لف أو دوران، و يتمثل هذا بأن يكون المسلم أمينا و دقيقا في الأمانة، و صادقا غير منحرف بكذب أو زور، و ثابتا في عقيدته غير متزلزل، و واقعيا في ارادته فما ينطق به لسانه تضطم عليه جوانحه، فلا رياء و لا نفاق و لا تذبذب.

و بهذا المنطلق الصحيح يضع الامام ايديولوجية مثلي للنفس الانسانية في تتبع الكمالات التي يسعي لها العقل الباطن في الانسان.

يقول أحد الباحثين الأوربيين المعاصرين:

«ان الامام الصادق عليه السلام كان يبغض الكذب و النفاق، و يوصي تلاميذه بأن تكون أقوالهم مطابقة لنياتهم، و أن تكون عقيدة المسلم عقيدة صحيحة يرفدها العقل و الخيال، فيؤمن الانسان بعقله و قلبه و خياله ظاهرا و باطنا دون كذب أو نفاق. و كان يحض أصحابه علي اجتناب النفاق و الرياء في جميع أعمالهم و في كل الظروف، ضاربا المثل بآبائه الكرام الذي استشهدوا في سبيل الذياد عن العقيدة، و لم يضعفوا أو يتخاذلوا تلقاء أن ضغط أو تهديد» [9] .


پاورقي

[1] محمد يحي الهاشمي: الامام الصادق ملهم الكيمياء 207.

[2] سورة القصص: 77.

[3] جماعة كبار المستشرقين: الامام الصادق كما عرفه علماء الغرب 193 و ما بعدها بتصرف.

[4] الكليني: الكافي 1 / 81 - 80.

[5] ظ: علي سبيل المثال الكليني: الكافي 1 / 104 - 103 - 93، المرتضي، الأمالي 1 / 149.

[6] ظ: جماعة كبار المستشرقين: الامام الصادق كما عرفه علماء الغرب 357 بتصرف.

[7] الأمين الحسيني العاملي: أعيان الشيعة 4 / ق 4 ، 122 عن الارشاد للمفيد.

[8] ظ: الامام الصادق كما عرفه علماء الغرب 345 بتصرف.

[9] جماعة كبار المستشرقين: الامام الصادق كما عرفه علماء الغرب 344.


الرد علي الوضاعين


بما أن عصر الامام الصادق عليه السلام كان أزهر عصر في الاسلام منذ عصر الرسول صلي الله عليه و آله و سلم،- و قد انكب المسلمون علي العب من تعاليم أهل البيت عليهم السلام علي يد صادقهم، حتي صار علم الحديث هو الحديث الجاري علي كل لسان، في النوادي و البلدان - رأي المنافقون و الملحدون أن شرفهم و كرامتهم بين الشعوب هي رواية الحديث، ليقفوا جنبا الي جنب في صف العلماء الموقرين المكرمين عند عامة الناس، فكان الوضع في الحديث أعظم سلاح في أيديهم، ليرووا ما لم يروه غيرهم فتشخص الأبصار نحوهم.

و لم يكن الوضع وليد الساعة، بل ولد الوضع والدس في الأحاديث بوفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و كأن صفارة الانذار قد عيرت قبل وفاته صلي الله عليه و آله و سلم، فعند الاشارة اليها ببدأ ساعة الصفر لبت النداء، فبدأ العويل و الصراخ من هنا و هناك، كل يدعي القرب من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و سماع الأحاديث عنه، و كأنه صلي الله عليه و آله و سلم أفرد كل علي حده، و خصه بأحاديث دون سواه.



[ صفحه 213]



و أما علم الوضاعين فهو أبوهريرة الدوسي فقد قدم المدينة سنة 7 ه بعد انتصار النبي صلي الله عليه و آله و سلم في وقعة خيبر ثم ذهب الي البحرين في ذي القعدة 8 ه، و لم يرجع للمدينة الا بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فهو اذن لم يبق في المدينة الا سنة و عشرة أشهر، و قيل ثلاث سنوات، و مع ذلك فهو أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقد ذكر ابن حزم أن مسند بقي بن مخلد، قد احتوي علي 5374 من أحاديث أبي هريرة روي منها البخاري 446 حديثا [1] و بلغ من حقده يوما أن قال: و الله لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: ان لكل نبي حرما، و ان حرمي المدينة ما بين عير الي ثور [2] ، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، و أشهد بالله أن عليا أحدث فيها»، فلما بلغ ذلك معاوية أجازه و أكرمه و ولاه المدينة» [3] .

و هكذا صار كل من يريد التزلف الي السلاطين - خاصة بعد وفاة عمر بن الخطاب - يروي أحاديثا في فضائل الخلفاء، و ذم علي عليه السلام، و كان نتيجة ذلك أن فشا الوضع و كثر الوضاعون.

فقد روي عن سهل بن السري الحافظ أنه قال: «وضع أحمد بن عبدالله الجوبياري، و محمد بن عكاشة الكرماني، و محمد بن تميم الفارابي، أكثر من عشرة آلاف حديث علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و في عهد بني أمية كثر الوضع في فضائل الخلفاء الثلاثة الأوائل حتي أكثروا.

لذا يقول البخاري: احفظ مائة ألف حديث صحيح، و مائتي ألف حديث غير صحيح.



[ صفحه 214]



هذا علي قرب عهد من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

أما علي عهد بني العباس فحدث و لا حرج.

كان المهدي العباسي يحب الحمام فدخل عليه غياث بن ابراهيم، فقيل لغياث حدث أميرالمؤمنين فحدثه بحديث أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: «لا سبق الا في نصل أو خف أو حافر أو جناح» فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم، فلما قام، قال المهدي: أشهد أن قفاك قفا كذاب علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و انما استجلبت ذلك أنا، و أمر بالحمام فذبحت.

فمع علمه بكذبه تركه و شأنه دون عقاب أو عذاب، مع أن أحد من الرعية لو افتري علي أحد الحكام بأقل من هذه الفرية، لكان جزاؤه السجن و التعذيب، و هل ذبح المهدي للحمام، يخفف من الوقيعة في الاسلام؟!!.

بل نري أن مقاتل بن سليمان يعرض نفسه علي المهدي قائلا: ان شئت وضعت لك أحاديث في العباس و بنيه فقال له المهدي، لا حاجة لي فيها، ثم لم يفعل معه شيئا؟ و لقد أحصي العلامة الأميني سلسلة الموضوعات فكانت 408684 حديثا.

ولكن مما يهون الخطب، أنه أشير اليها في الكتب و لم ترو كلها في ضمن أحاديثنا [4] و لم يكن الوضع من قبل المنافقين أو المزدلفين للحكام فحسب، بل كان من أهل الأديان الأخر - اذ أن الكوفة التي كانت مركزا هاما في المجتمع الاسلامي من الناحية العقائدية و الدينية، و كذا كانت مزدهرة في التجارة اذ كان يفد اليها من الأقطار النائية الآلاف من التجار، من ذوي العقائد الحسنة و الفاسدة، وفد وفد عليها أربعة آلاف من رعايا الفرس عرفوا



[ صفحه 215]



بحمراء الديلم، و كثرت الهجرة اليها، لأن فيها صنع المنسوجات الحريرية، و هي ما سموها عمل الوشي و الخز، و هذه المصنوعات لقت رواجا في الأقطار الاسلامية.

و من جراء هذا الاختلاط وجد الفاسدون الفرصة سانحة لبث آرائهم، و نشر تعاليمهم و ترويجها مع بضاعتهم - اذ اندس بعضهم في مدرسة الامام الصادق عليه السلام مدعيا انتماءه لمدرسته، لتشويه صورة الاسلام، و المسلمين، و لتلقي أقواله القبول من السذج، اذ سيطمأن للناقل حينئذ لأنه من مدرسة الصادق مباشرة.

و هكذا كثر الوضع و الكذب في الأحاديث [5] ، فما كان من الامام عليه السلام الا أن تبرأ من الكذابين عليهم و الوضاعين، وعد ذلك من أعظم العداء، فقال عليه السلام «ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤونه من الناطق علينا بما نكره» [6] .

ثم بين عليه السلام كيفية أخذ الرواية عنهم عليهم السلام و أنه لا يجوز الاعتماد علي قول القائل بمجرد روايته للحديث، ما لم يرتكز علي شروط يبينها أهل البيت عليهم السلام.

فأولا: الرجوع الي كتاب الله عزوجل. فقال عليه السلام: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ان علي كل حق حقيقة، و علي كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، و ما خالف كتاب الله فدعوه» [7] .



[ صفحه 216]



و قال عليه السلام «كل شئ مردود الي الكتاب و السنه، و كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» [8] .

و هكذا تواترت الأحاديث المروية عنهم عليه السلام الي وجوب الرجوع الي كتاب الله في كل كبيرة و صغيره، فأحاديثهم عليهم السلام ما هي الا كاشفة عن الحكم الواقعي لله عزوجل.

فالأئمة عليهم السلام يؤكدون لأصحابهم بأنهم غير مشرعين في قبال كتاب الله، الا أنهم أهل الذكر الذي عناهم الله تعالي في كتابه، وحباهم بفضله، فهم يبينون الغامض، و يزيحون الستر عن الحكم الطامس لا غير.

ثانيا: الرجوع الي الثقات من الرواة، و هذا يرجع الي العمل بكتاب الله لقوله تعالي (ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا) [9] و في معتبره عمر بن حنظلة التي فندت و فصلت كيفية رجوع العامي الي راوي حديث أهل البيت، لا تدع مجالا للشك في وجوب الرجوع الي الرواة الثقاة، قال: سألت أباعبدالله عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو ميراث... فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فاني قد جعلته عليكم حاكما، فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فانما استخف بحكم الله، و علينا رد، و الراد علينا راد علي الله، و هو علي حد الشرك بالله. [10] .

فالامام عليه السلام يبين وجوب الرجوع الي ثقات أصحابهم، لأنهم خلفاؤهم و وكلاؤهم في نقل الأحكام، كما هم عليهم السلام خلفاء الله في أرضه



[ صفحه 217]



لتبيين أحكام شريعته.

ثالثا: روايات العلاج، من التخيير و الترجيح و... مما هو موكول الي محله [11] .


پاورقي

[1] وسائل الشيعة ج 1 المقدمة ص 40.

[2] عير: جبل بالحجاز - ثور: الجبل الذي فيه الغار الذي دخله النبي صلي الله عليه و آله و سلم هو و أبوبكر في مكة.

[3] شرح نهج البلاغة ج 4 / 67.

[4] الغدير ج 5 / 290 - وسائل الشيعة ج 1 / المقدمة 45 - شرح نهج البلاغة ج 4 / 63.

[5] الامام الصادق و المذاهب الأربعة ج 2 / 370 - 422.

[6] كان عبدالله بن أبي العوجاء يدس الأحاديث في كتاب جده لأمه حماد بن سلمه، فجئ به الي محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة ليقتله، فلما أيقن بالموت قال: و الله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال، و أحلل فيها الحرام، و لقد فطرتكم في يوم صومكم، و صومتكم في يوم فطركم، مقدمة وسائل الشيعة ج 1 / 46 تنقيح المقال ج 2 / 158.

[7] وسائل الشيعة ج 27 أبواب صفات القاضي باب 9.

[8] المصدر السابق.

[9] الحجرات / 6.

[10] وسائل الشيعة باب 11 من أبواب صفات القاضي.

[11] علم الأصول للسيد محمدباقر الصدر.


سد الذرائع


الذرائع: جمع ذريعة، و الذريعة لغة: هي الوسيلة، و قد تذرع فلان



[ صفحه 96]



بذريعة أي توسل [1] .

و في الاصطلاح: هي الوسائل و الطرق المباحة في حد ذاتها ولكن تفضي الي محرم شرعا [2] .

أو هي المسألة التي ظاهرها الاباحة و يتوصل بها الي فعل المحظور [3] .

و من هذين التعريفين يكون معني سد الذرائع، أي منع التوصل بالمباح الي ما هو مفسدة. [4] .

و هذا المصدر ليس محل اتفاق بين العلماء، فمن منكر له و معتبر، و قد أخذ جعفر الصادق بهذا المصدر، كدليل لاستنباط الأحكام في بعض المسائل الفقهية كما في النموذج الآتي:


پاورقي

[1] ينظر لسان العرب مادة (ذرع): 8 / 96.

[2] الفروق للقرافي: 2 / 32، الوجيز: 206.

[3] ارشاد الفحول: 246.

[4] الفروق: 2 / 32.


الجهاد و الولاية


جاء قوله تعالي: (يأيها النبي جاهد الكفار و المنافقين و اغلظ عليهم و مأواهم جهنم و بئس المصير (9)) (التحريم: 9).

و بالاضافة الي اقوال الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و اقوال الائمة عليه السلام: قال الامام الصادق عليه السلام: الجهاد افضل الاشياء بعد الفرائض [1] .

غير ان الامام عليه السلام ركز علي الجهاد الاكبر و هو مجاهدة النفس، سيما و ان جهاد النفس مهر الجنة، و المجاهد بنفسه علي طاعة الله و عن معاصيه عند الله بمنزلة الشهيد، و مجاهدة النفس واجبة كجهاد العدو، و قال الصادق عليه السلام في الجهاد الاكبر: ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم بعث بسرية فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر و بقي الجهاد الاكبر، قيل: يا رسول الله: و ما الجهاد الاكبر؟ قال: جهاد النفس.

و قال الامام عليه السلام فيما ينبغي في مجاهدة النفس: اجعل نفسك عدوا تجاهده و عارية تردها، فانك قد جعلت طبيب نفسك و عرفت آية الصحة و بين لك الداء، و دللت علي الدواء، فانظر قيامك علي نفسك [2] و قال الامام عليه السلام لجهة الاجتهاد في طاعة الله: اعطوا



[ صفحه 283]



الله من انفسكم الاجتهاد في طاعته، فان الله لا يدرك شي ء من الخير عنده الا بطاعته، و اجتناب محارمه [3] .

و عنه عليه السلام: اعلموا انه ليس بين الله و بين احد من خلقه ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا من دون ذلك من خلقه كلهم الا طاعتهم له، فاجتهدوا في طاعة الله [4] .

و قد عرف الصادق عليه السلام اشد الناس اجتهادا فقال: اشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب [5] ، و قال ايضا: لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

و قد اجاب عليه السلام لما سئل: علي ماذا بنيت امرك؟: علي اربعة اشياء:.... علمت ان عملي لا يعمله غيري فاجتهدت.

و في الولاية جاء قوله تعالي: (يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) (النساء: 59).

و قال الامام الصادق عليه السلام: بني الاسلام علي خسمة اشياء: علي الصلاة، و الزكاة، و الحج، و الصوم، و الولاية، فقيل له: و اي شي ء من ذلك افضل؟ فقال الولاية افضل لانها مفتاحهن و الوالي هو الدليل عليهن.

و قال الصادق عليه السلام في ولاة العدل: من تولي امرا من امور الناس فعدل و فتح بابه و رفع شره و نظر في امور الناس، كان حقا



[ صفحه 284]



علي الله عزوجل ان يؤمن روعته يوم القيامة [6] .

و قال عليه السلام في اهم ما يجب علي الوالي في ولايته: ثلاثة تجب علي السلطان للخاصة و العامة: مكافأة المحسن بالاحسان ليزداد رغبة فيه، و تغمد ذنوب المسي ء ليتوب و يرجع عن غيه، و تألفهم جميعا بالاحسان و الانصاف [7] .

و عنه عليه السلام: ليس يجب للملوك ان يفرطوا في ثلاث: في حفظ الثغور، و تفقد المظالم، و اختيار الصالحين لاعمالهم [8] .

و قال عليه السلام في خصائص اولياء الله: ان الله جعل وليه في الدنيا غرضا لعدوه [9] .

و جاء قوله تعالي: (قل لآ أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي) (الشوري: 23).

و قال تعالي: (مآ أسئلكم عليه من أجر الا من شآء أن يتخذ الي ربه سبيلا) (الفرقان: 57).

و عليه فان الامام الصادق عليه السلام قال: لا يقبل الله من العباد الاعمال الصالحة التي يعملونها اذا تولوا الامام الجائر الذي ليس من الله تعالي [10] .

و قال عليه السلام في الاضطرار الي الحجة: لم تخل الارض منذ



[ صفحه 285]



كانت من حجة عالم يحيي فيها ما يميتون من الحق، ثم تلا هذه الآية (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم...).

و عنه عليه السلام: ان الارض لا تترك الا بعالم يحتاج الناس اليه و لا يحتاج الي الناس، يعلم الحلال او الحرام.

و جاء قوله عليه السلام في ان الحجة امام يعرف: ان الحجة لا تقوم لله عزوجل علي خلقه الا بامام حتي يعرفونه. و قوله ايضا: من مات و ليس عليه امام حي ظاهر مات ميتة جاهلية [11] .



[ صفحه 286]




پاورقي

[1] مشكاة الانوار: 154.

[2] تحف العقول: 304.

[3] الكافي 8 / 7 / 1 و ص 11.

[4] الكافي 8 / 7 / 1 و ص 11.

[5] امالي الصدوق 28 / 4.

[6] كنز العمال: 36538.

[7] تحف العقول: 319.

[8] تحف العقول: 319.

[9] بحارالانوار 68 / 221 / 10.

[10] نور الثقلين4 / 104 / 130.

[11] الاختصاص: 269.


ابن الصبان


47. و قال الصبان (م 1206): «و أما جعفر الصادق فكان اماما نبيلا... و كان مجاب الدعوة، اذا سأل الله شيئا لا يتم قوله الا و هو بين يديه». [1] .


پاورقي

[1] اسعاف الراغبين؛ علي ما في موسوعة الامام الصادق عليه السلام 62:2.


مناظراته في التوحيد


سبق شي ء من كلامه عليه السلام في التوحيد، و كان في طيه بعض المناظرات، و نورد ههنا شيئا منها غير ما سلف.

فمن تلك المناظرات مايروي عن هشام بن الحكم، قال: كان بمصر زنديق يبلغه عن أبي عبدالله عليه السلام أشياء، فخرج الي المدينة ليناظره فلم يصادفه بها، و قيل: انه خارج بمكة، فخرج الي مكة و نحن مع أبي عبدالله عليه السلام فصادفنا و نحن مع أبي عبدالله في الطواف و كان اسمه عبدالملك و كنيته أبوعبدالله، فضرب كتفه كتف أبي عبدالله عليه السلام، فقال له: ما اسمك؟ قال: عبدالملك، قال: فما كنيتك؟ قال: أبوعبدالله، فقال أبوعبدالله عليه السلام: فمن هذا الملك الذي أنت عبده؟ أمن ملوك الأرض أم ملوك السماء؟ و اخبرني عن ابنك عبد اله السماء أم عبد اله الارض؟ قل ما شئت



[ صفحه 190]



تخصم. فلم يحر جوابا.

ثم أن الصادق عليه السلام قال له: اذا فرغت من الطواف فأتنا، فما فرغ أبوعبدالله عليه السلام أتاه الزنديق فقعد بين يدي أبي عبدالله عليه السلام و نحن مجتمعون عنده، فقال أبوعبدالله للزنديق: أتعلم أن للأرض تحتا و فوقا؟ قال: نعم، اقل: فدخلت تحتها؟ قال:لا، قال: فما يدريك ما تحتها؟ قال لا أدري الا أني أظن أن ليس تحتها شي ء، فقال أبوعبدالله عليه السلام: فالظن عجز فلم لا تستيقن، ثم قال أبوعبدالله عليه السلام: أفصعدت الي السماء؟ قال: لا، قال: أفتدري ما فيها؟ قال: لا: قال: عجبا لك لم تبلغ المشرق و لم تبلغ المغرب، و لم تنزل الي الأرض و لم تصعد الي السماء، و لم تجز هناك فتعرف ما خلفهن، و أنت جاحد بما فيهن، فهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟ قال الزنديق: ما كلمني بها أحد غيرك.

فقال أبوعبدالله عليه السلام: فأنت من ذلك في شك فلعله هو و لعله ليس هو، فقال الزنديق: و لعل ذلك، فقال أبوعبدالله عليه السلام: أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة علي من يعلم، و لا حجة للجاهل، يا أخا أهل مصر تفهم عني فانا لا نشك في الله أبدا، أما تري الشمس و القمر و الليل و النهار يلجان فلا يشتبهان و يرجعان، قد اضطرا ليس لهما مكان الا مكانهما فان كانا يقدران علي أن يذهبا فلم يرجعان؟ و ان كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا و النهار ليلا؟ اضطرا و الله يا أخا أهل مصر الي دوامهما و الذي اضطرهما أحكم منها و اكبر [1] فقال الزنديق: صدقت.

ثم قال أبوعبدالله عليه السلام: يا أخا أهل مصر ان الذي تذهبون اليه



[ صفحه 191]



و تظنون أنه الدهر ان كان الدهر يذهب بهم فلم لا يردهم؟ و ان كان يردهم لم لا يذهب بهم؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر، لم السماء مرفوعة و الأرض موضوعة؟ لم لا تنحدر السماء علي الأرض؟ لم لا تنحدر الأرض فوق طباقها؟ و لا يتماسكان و لا يتماسك من عليها؟ قال الزنديق: أمسكهما الله ربهما سيدهما.

قال: فآمن الزنديق علي يدي أبي عبدالله عليه السلام، فقال حمران بن أعين: [2] جعلت فداك ان آمنت الزنادقة علي يدك فقد آمن الكفار علي يد أبيك، فقال المؤمن الذي آمن علي يدي أبي عبدالله عليه السلام: اجعلني من تلامذتك، فقال أبوعبدالله: يا هشام بن الحكم خذه اليك، فعلمه هشام، و كان معلم أهل الشام و أهل مصر الايمان، و حسنت طهارته حتي رضي بها أبوعبدالله عليه السلام. [3] .

و جاء اليه زنديق آخر و سأله عن أشياء نقتطف منها ما يلي: قال له: كيف يعبدالله الخلق و لم يروه؟ قال أبوعبدالله عليه السلام: رأته القلوب بنور الايمان، و أثبتته العقول بيقظتها اثبات العيان، و أبصرته الأبصار بمارأته من حسن التركيب و احكام التأليف، ثم الرسل و آياتها، و الكتب و محكماتها، واقتصرت العلماء علي ما رأت من عظمته دون رؤيته، قال: أليس هو قادر أن يظهر لهم حتي يروه فيعرفونه فيعبد علي يقين؟ قال عليه السلام: ليس للمحال جواب.

أقول: انما الرؤية تثبت للأجسام و اذا لم يكن تعالي جسما استحالت رؤيته، و المحال غير مقدور لا من جهة النقص في القدرة بل النقص في المقدور.



[ صفحه 192]



قال الزنديق: فمن أين أثبت أنبياء و رسلا، قال عليه السلام: انا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا و عن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكيما لا يجز أن يشاهده خلقه و لا أن يلامسوه و لا أن يباشرهم و يباشروه و يحاجهم و يحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه و عبادة يدلونهم علي مصالحهم و منافعهم و ما به بقاؤهم و في تركه فناؤهم، فثبت الآمرون و الناهون عن الحكيم العليم في خلقه، و ثبت عند ذلك أن لهم معبرين و هم الأنبياء و صفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين عنه، مشاركين للناس في أحوالهم علي مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب، مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة و الدلائل و البراهين و الشواهد من احياء الموتي و ابراء الأكمه و الأبرص.

ثم قال الزنديق: من أي شي ء خلق الأشياء؟ قال عليه السلام: من لا شي ء، فقال: كيف يجي ء شي ء من لا شي ء؟ قال عليه السلام: ان الأشياء لا تخلو اما أن تكون خلقت من شي ء أو من غير شي ء فان كانت خلقت من شي ء كان معه، فان ذلك الشئ قديم، و القديم لا يكون حديثا ، و لا يتغير و لا يخلو ذلك الشي ء من أن يكون جوهرا واحدا ولونا واحدا، فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة و الجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم من ضروب شتي؟ و من أين جاء الموت ان كان الشي ء الذي انشئت منه الأشياء حيا؟ أو من أين جاءت الحياة ان كان ذلك الشي ء ميتا؟ و لا يجوز أن يكون من حي و ميت قديمين لم يزالا، لأن الحي لا يجي ء منه ميت و هو لم يزل حيا، و لا يجوز أيضا أن يكون الميت قديما لم يزل ما هو به من الموت، لأن الميت لا قدرة به و لا بقاء.

أقول: ان هذا الأمر علي دقته قد أوضحه الامام بأحسن بيان و ردده بين امور لا يجد العقل سواها عند الترديد، و حقا ان كان الشي ء الذي خلقت الأشياء منه قديما لزم أن يكون مع الله تعالي شي ء قديم غير مخلوق له، و لو فرض أنه



[ صفحه 193]



مخلوق له عاد الكلام الأول أنه من أي شي ء كان مخلوقا، هذا غير أن القديم لا يكون حادثا، و الميت لا يكون منه الحي، و الحي لا يكون منه الميت، و الحياة و الممات لا يتركبان، و لو تركبا عاد الكلام السابق، فان الموت لا يصلح أن يكون في الأشياء الحية، و لا بقاء و لا دوام ليكون باقيا الي أن خلق الله منه الأشياء الحيه، فلابد اذن من أن يكون تعالي قد خلق الأشياء من لا شي ء.

ثم قال: من أين قالوا ان الأشياء أزلية؟ قال عليه السلام: هذه مقالة قوم جحدوا مدبر الأشياء فكذبوا الرسل و مقالتهم، و الأنبياء و ما أنبأوا عنه، و سموا كتبهم أساطير، و وضعوا لأنفسهم دينا بآرائهم و استحسانهم، و ان الأشياء تدل علي حدوثها من دوران الفلك بما فيه و هي سبعة أفلاك، و تحرك الأرض و من عليها، و انقلاب الأزمنة، و اختلاف الحوادث التي تحدث في العالم من زيادة و نقصان، و موت و بلي، و اضطرار الأنفس الي الاقرار بأن لها صانعا و مدبرا، الأ تري الحلو يصير حامضا، و العذاب مرا، و الجديد باليا، و كل الي تغير و فناء. [4] .

أقول: ان الاستدلال بانقلاب الأزمنة و دوران الفلك من أدق الأدلة العلمية علي حدوث العالم، الذي قصرت عنه أفهام كثير من الفلاسفة العظام كما أنه جعل الفلك الدائر فلكا واحدا ثم تفسيره بالأفلاك السبعة لا ينطبق الا علي نظرية الهيئة الحديثة اذ يراد به النظام الشمسي، و مثله تصريحه بحركة الأرض التي لم يكن يحلم بها أحد من السابقين، و هي من مكتشفات العلم الحديث.

و للصادق عليه السلام مناظرات جمة مع ابن أبي العوجاء، و كان بعضها في التوحيد، و كان ابن أبي العوجاء و اسمه عبدالكريم من الملاحدة المشهورين



[ صفحه 194]



و اعترف بدسه الأحاديث الكاذبة في أحاديث النبي صلي الله عليه و آله و كفي في معرفة حاله هذه المناظرات، و قد قتل علي الالحاد كما قتل صاحبه ابن المقفع. [5] .

فمن تلك المناظرات أنه كان يوما هو و عبدالله بن المقفع في المسجد الحرام فقال ابن المقفع: ترون هذا الخلق - و أومأ بيده الي موضع الطواف - ما منهم أحد أوجب له اسم الانسانية الا ذلك الشيخ الجالس، يعني أباعبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام - و أما الباقون فرعاع و بهائم، فقال له ابن أبي العوجاء: و كيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء، فقال: لأني رأيت عنده ما لم أره عندهم، فقال ابن أبي العوجاء: لا بد من اختبار ما قلت فيه منه، فقال له ابن المقفع: لا تفعل فاني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك، فقال: ليس ذا رأيك لكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في احلالك اياه هذا المحل الذي وصفت، فقال ابن المقفع: أما اذا توسمت عي فقم اليه و تحفظ من الزلل و لا تثن عنانك الي استرسال فيسلمك الي عقال، و سمة ما لك و عليك، فقام ابن أبي العوجاء فلما رجع قال: ويلك يا ابن المقفع ما هذا ببشر و ان كان في الدنيا روحاني يتجسد اذا شاء ظاهرا و يتروح اذا شاء باطنا فهو هذا، فقال له: كيف ذلك؟ فقال: جلست اليه فلما لم يبق عنده أحد غيري ابتدأني فقال: ان يكن الأمر علي ما يقول هؤلاء و هو علي ما يقولون - يعني أهل الطواف - فقد سلموا و عطبتم، و ان يكن الأمر كما تقولون، و ليس كما تقولون، فقد استويتم



[ صفحه 195]



و هم، فقلت: يرحمك الله و أي شي ء نقول و أي شي ء يقولون، ما قولي و قولهم الا واحد، فقال: و كيف يكون قولك و قولهم واحدا، و هم يقولون ان لهم معادا و ثوابا و عقابا، و يدينون بأن للسماء الها و أنها عمران، و أنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد، قال: فاغتنمتها منه فقلت له: ما منعه ان كان الأمر كما يقولون أن يظهر لخلقه يدعوهم الي عبادته حتي لا يختلف في اثنان؟ لم احتجب عنهم و أرسل اليهم الرسل؟ و لو باشرهم بنفسه كان أقرب الي الايمان به، فقال لي: ويلك كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك؟ نشوك [6] و لم تكن، و كبرك بعد صغرك، و قوتك بعد ضعفك، و ضعفك بعد قوتك، و سقمك بعد صحتك، و صحتك بعد سقمك، و رضاك بعد غضبك، و غضبك بعد رضاك، و حزنك بعد فرحك، و فرحك بعد حزنك، و حبك بعد بغضك و بغضك بعد حبك، و عزمك بعد انابتك [7] ، و انابتك بعد عزمك، و شهوتك بعد كراهتك، و كراهتك بعد شهوتك، و رغبتك بعد رهبتك و رهبتك بعد رغبتك، و رجاءك بعد يأسك، و يأسك بعد رجائك، و خاطرك لما لم يكن في وهمك، و غروب [8] ما أنت معتقده عن ذهنك و ما زال يعد [9] علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها، حتي ظننت أنه سيظهر فيما بيني و بينه. [10] .

و دخل علي الصادق عليه السلام يوما فقال: أليس تزعم أن الله تعالي خالق كل شي ء؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: بلي، فقال: أنا أخلق، فقال له:



[ صفحه 196]



كيف تخلق؟ فقال: أحدث في الموضع ثم ألبث عنه فيصير دوابا فكنت انا الذي خلقتها، فقال أبوعبدالله عليه السلام: أليس خالق الشي ء يعرف كم خلقه؟ قال: بلي، قال عليه السلام: فتعرف الذكر من الانثي و تعرف عمرها؟ فسكت.

و للصادق عليه السلام نظير ذلك مع الجعد بن درهم، و كان من أهل الضلال و البدع، و قتله والي الكوفة يوم النحر لذلك، قال ابن شهر آشوب: قيل ان الجعد بن درهم جعل في قارورة ماء و ترابا فاستحال دودا و هواما فقال لأصحابه: أنا خلقت ذلك لأني كنت سبب كونه، فبلغ ذلك جعفر بن محمد عليهماالسلام، فقال: ليقل كم هي؟ و كم الذكران منه و الاناث ان كان خلقه، و كم وزن كل واحدة منهن، و ليأمر الذي سعي الي هذا الوجه أن يرجع الي غيره، فانقطع و هرب.

ثم أن ابن أبي العوجاء عاد اليه في اليوم الثاني فجلس و هو ساكت لا ينطق فقال أبوعبدالله عليه السلام: كأنك جئت تعيد بعض ما كنا فيه، فقال: أردت ذلك يا ابن رسول الله، فقال أبوعبدالله عليه السلام: ما أعجب هذا تنكر الله و تشهد أني ابن رسول الله صلي الله عليه و آله! فقال: العادة تحملني علي ذلك، فقال له الصادق عليه السلام: فما يمنعك من الكلام، قال: اجلال لك و مهابة، ما ينطق لساني بين يديك، فاني شاهدت العلماء و ناظرت المتكلمين فما تداخلني هيبة قط مثلما تداخلني من هيبتك، قال عليه السلام: يكون ذلك، ولكن أفتح عليك سؤالا، و أقبل عليه فقال له : أمصنوع أنت أم غير مصنوع؟ فقال له ابن أبي العوجاء: أنا غير مصنوع، فقال له الصادق عليه السلام: فصف لي لو كنت مصنوعا كيف كنت تكون؟ فبقي عبدالكريم مليا لا يحير جوابا و ولع بخشبة كانت بين يديه و هو يقول: طويل عريض عميق قصير متحرك ساكن



[ صفحه 197]



كل ذلك من صفة خلقه، فقال له الصادق عليه السلام فان كنت لم تعلم صفة الصنعة من غيرها فاجعل نفسك مصنوعا لما تجد في نفسك مما يحدث من هذه الامور، فقال له عبدالكريم: سألتني عن مسألة لم يسألني أحد عنها قبلك، و لا يسألني أحد بعدك عن مثلها، فقال له أبوعبدالله: هبك علمت أنك لم تسأل فيما مضي فما علمك انك لم تسأل فيما بعد؟ علي أنك يا عبدالكريم نقضت قولك، لأنك تزعم أن الأشياء من الأول سواء فكيف قدمت و أخرت؟ ثم قال: يا عبدالكريم: أنزيدك وضوحا؟ أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر، فقال لك قائل: هل في الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس، فقال لك قائل: صف لي الدينار؟ و كنت غير عالم بصفة، هل لك أن تنفي كون الدينار في الكيس و أنت لا تعلم؟ قال: لا، فقال أبوعبدالله عليه السلام: فالعالم اكبر و أطول و أعرض من الكيس، فلعل في العالم صنعة من حيث لا تعلم، لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة، فانقطع عبدالكريم، و أجاب الي الاسلام بعض أصحابه و بقي معه بعض.

فعاد في اليوم الثالث فقال: أقلب السؤال، فقال أبوعبدالله عليه السلام سل عما شئت فقال: ما الدليل علي حدوث الأجسام؟ فقال: اني ما وجدت صغيرا و لا كبيرا الا و اذا ضم اليه مثله صار اكبر، و في ذلك زوال و انتقال عن الحالة الاولي، و لو كان قديما ما زال و لا حال، لأن الذي يزول و يحول يجوز أن يجود و يبطل، فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث، و في كونه في الاولي دخوله في العدم، و لن يجتمع صفة الأزل و العدم في شي ء واحد.

فقال عبدالكريم: هبك علمت في جري الحالين و الزمانين علي ما ذكرت و استدللت علي حدوثها، فلو بقيت الأشياء علي صغرها من أين كان لك أن تستدل علي حدوثها؟ فقال الصادق عليه السلام: انما نتكلم علي هذا العالم



[ صفحه 198]



الموضوع فلو رفعناه و وضعنا عالما آخر كان لا شي ء أدل علي الحدث من رفعنا اياه و وضعنا غيره، ولكن أجبت من حيث قدرت انك تلزمنا و تقول: ان الأشياء لو دامت علي صغرها لكان في الوهم أنه متي ما ضم شي ء منه الي مثله كان اكبر، و في جواز التغير عليه خروجه من القدم كما بان في تغيير دخوله في الحدث، ليس وراءه شي ء يا عبدالكريم، فانقطع و خزي.

أقول: ان خلاصة كلام الصادق عليه السلام: أن هذا العالم اذا ضم شي ء منه الي شي ء آخر حدث شي ء اكبر، و في ذلك زوال عن الحالة الاولي و انتقال الي حال اخري ، و القديم لا تطرأ عليه هذا التحولات، و لو كان ذلك التأليف بالفرض و الوهم، كما لو كانت الأشياء حسب فرض ابن أبي العوجاء باقية علي صغرها لا تكبر، لأنه من الامور البديهية بل أبده البديهيات أنه بضم شي ء الي شي ء تحصل زيادة عي كل من الشيئين، و هذه احدي بديهيات أربع هي أساس العلوم الرياضية كلها، فقد أرجع الامام الدليل علي حدوث العالم الي أوضح بديهية في العقول التي لا يختلف فيها اثنان، علي أنه عليه السلام مع ذلك أجاب علي تقدير هذا الفرض المحال و هو أن الأشياء تبقي علي ما هي عليه بضم بعضها الي بعض أجاب بأن هذا الفرض نفسه هو فرض جواز التغيير عليه و خروجه من القدم و دخوله في الحدث، لأن المفروض أن العالم تقبل الأشياء فيه الزيادة بضم بعضها الي بعض، فلو فرضناه عالما آخر لا يقبل ذلك فقد فرضنا رفع هذا العالم و تغييره، فيتحقق في الاستدلال علي المطلوب. ما أدق هذا الدليل و أبدعه، و لذلك انقطع به ابن أبي العوجاء و خزي.

و لما كان في العام القابل التقي معه في الحرم، فقال له بعض شيعته: ان أبي العوجاء قد أسلم، فقال الصادق عليه السلام: هو أعمي من ذلك لا يسلم، فلما بصر بالصادق عليه السلام قال: سيدي و مولاي، فقال له: ما جاء



[ صفحه 199]



بك الي هذا الموضع؟ فقال: عادة الجسد و سنة البلد و لنبصر ما الناس فيه من الجنون و الحلق و رمي الحجارة، فقال له الصادق عليه السلام: أنت بعد علي عتوك و ضلالك يا عبدالكريم، فذهب يتكلم، فقال له: لا جدال في الحج و نفض رداءه من يده، و قال: ان يكن الأمر كما تقول و ليس كما تقول نجونا و نجوت، و ان يكن الأمر كما نقول و هو كما نقول نجونا و هلكت. [11] .

و ناظر الصادق عليه السلام يوما في تبديل الجلود في النار، فقال: ما تقول في هذه الآية «كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها» [12] هب هذه الجلود عصت فعذبت فما بال الغير يعذب؟ قال أبوعبدالله عليه السلام: ويحك هي هي و هي غيرها، قال: اعقلني هذا القول، فقال له: أرأيت لو أن رجلا عهد الي لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء و جبلها [13] ثم ردها الي هيئتها الأولي، ألم تكن هي هي و هي غيرها؟ فقال: بلي أمتع الله بك. [14] .

أقول: هذا ما توصل اليه عظماء الفلاسفة بعد جهد و بحوث طويلة في تحليل صحة عذاب الانسان المجرم، مع أن ذرات جسمه الذي وقع منه الجرم تتبدل و تتحول دائما «بل هم في لبس من خلق جديد» [15] و بهذا البيان الدقيق يجاب عن شبهة الآكل و المأكول المعروفة، فمن أين تعلم هذه الفلسفة الدقيقة في تلك العصور التي ما شمت رائحتها؟ انه الامام، و كفي.

و كان لأبي شاكر الديصاني - أحد ملاحدة العرب - مع الصادق عليه السلام



[ صفحه 200]



مناظرات و أسئلة، و اخري بينه و بين هشام بن الحكم و يفزع هشام بها الي امامه الصادق عليه السلام، قال يوما لهشام: ان في القرآن آية هي من قولنا، قال هشام: و ما هي؟ فقال:

«و هو الذي في السماء اله و في الأرض اله» [16] قال هشام: فلم أدر بم اجيبه، فحججت فخبرت أباعبدالله عليه السلام، قال: هذا كلام زنديق خبيث، اذا رجعت اليه فقل له ما اسمك بالكوفة؟ فانه يقول لك فلان فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فانه يقول فلان، فقل له: كذلك ربنا في السماء اله، و في الأرض اله، و في البحار اله، و في القفار اله، و في كل مكان اله، قال: فقدمت فأتيت أباشاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز. [17] .

و سأل أبوشاكر هشام بن الحكم يوما فقال: ألك رب؟ فقال: بلي، فقال: أقادر هو؟ قال: نعم قادر: قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تكبر البيضة و لا تصغر الدنيا؟ قال هشام: النظرة، فقال له: قد أنظرتك حولا، ثم خرج عنه، فركب هشام الي أبي عبدالله عليه السلام فاستأذن عليه فأذن له، فقال له يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله أتاني عبدالله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها الا علي الله و عليك، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يا هشام كم حواسك؟ قال: خمس، قال: أيها أصغر؟ قال: الناظر، قال: و كم قدر الناظر؟ قال: مثل العدسة أو أقل منها، فقال له: يا هشام فانظر أمامك و فوقك و اخبرني بماتري، فقال: أري سماء و أرضا و دورا و قصورا و براري و جبالا و أنهارا، فقال له أبوعبدالله: ان الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن



[ صفحه 201]



يدخل الدنيا كلها البيضة لا تصغر الدنيا و لا تكبر البيضة، فأكب هشام عليه يقبل يديه و رأسه و رجليه، و قال: حسبي يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله، و انصرف الي منزله.

أقول: ان هذا الجواب صدر عن الامام عليه السلام علي سبيل الاسكات و الاقناع، و الجواب البرهاني أن يقال: ان الله تعالي لا يقدر علي مثل ذلك لأنه محال و المحال غير مقدور له، كما أنه لا يقدر علي ايجاد شريك له و علي الجمع بين النقيضين و الضدين، و هذا ليس من النقص في القدرة بل للنقص في المقدور، لأن القدرة تحتاج الي أن يكون متعلقها ممكنا في ذاته، و الفرق واضح بين النقص في القدرة و النقص في المقدور، و لعل الديصاني لو اجيب بمثل هذا لما اقتنع به أو لما عقله.

و روي أن اميرالمؤمنين عليه السلام سئل عن مثل ذلك، فأجاب بأن الله لا ينسب الي العجز، و الذي سألتني لا يكون، و هذا هو الجواب الحقيقي، و مفاده ما أوضحناه.

ثم ان الديصاني غدا علي هشام، فقال له هشام: ان كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب، فقال له: اني جئتك مسلما و لم أجئك متقاضيا للجواب، فخرج الديصاني عنه حتي أتي باب أبي عبدالله عليه السلام فاستأذن عليه فأذن له، فلما قعد قال له: يا جعفر بن محمد دلني علي معبودي، فقال له أبوعبدالله: ما اسمك؟ فخرج عنه و لم يخبره باسمه، فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ قال: لو كنت قلت له عبدالله كان يقول من الذي أنت له عبد؟ فقالوا: عد اليه و قل له يدلك علي معبودك و لا يسألك عن اسمك، فرجع اليه و قال: يا جعفر بن محمد دلني علي معبودي و لا تسألني عن اسمي، فقال أبوعبدالله عليه السلام: اجلس، و اذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها



[ صفحه 202]



فقال أبوعبدالله عليه السلام: يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ، و تحت الجلد الغليظ جلد رقيق و تحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة و فضة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة، و لا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي علي حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها، و لا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدري للذكر خلقت أم للانثي، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أتري لهذا مدبرا؟ قال: فأطرق مليا، ثم قال: أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، و أنك امام و حجة من الله علي خلقه، و أنا تائب مما كنت فيه. [18] .


پاورقي

[1] أي اكبر في القوة و القدرة و ماشابه ذلك.

[2] سنذكره في المشاهير من ثقاته.

[3] الكافي: 1 / 74.

[4] الاحتجاج للشيخ الطبرسي: 345 - 336.

[5] قتل محمد بن سليمان عامل الكوفة من قبل المنصور ابن أبي العوجاء و كان ابن أبي العوجاء من تلامذه الحسن البصري، فانحرف عن التوحيد و اعتزل حوزة الحسن البصري، و أما ابن المقفع فقد كان مجوسيا و أسلم ظاهرا، غير أن أعماله و أقواله لا تدل علي اسلامه، و كان فارسيا ماهرا في صنعة الانشاء و الأدب، و هو الذي عرب كتاب كليلة و دمنة، و قتله سفيان المهلبي أمير البصرة عام 143 بأمر المنصور.

[6] نشأك في نسخة.

[7] الانابة: الرجوع، و في نسخة: ابائك، و في نسخة اخري: اناءتك و هي الابطاء.

[8] و في نسخة عزوب.

[9] و في نسخة يعدد.

[10] الكافي: كتاب التوحيد منه، باب حدوث العالم و اثبات المحدث.

[11] توحيد الصدوق طاب ثراه، باب حدوث العالم.

[12] النساء: 56.

[13] طبعها و لينها.

[14] الاحتجاج للشيخ الطبرسي: 354.

[15] الدخان: 53.

[16] الزخرف: 84.

[17] الكافي: باب الحركة و الانتقال.

[18] الكافي: كتاب التوحيد منه، باب حدوث العالم و اثبات المحدث.


محمد


كان محمد سخيا شجاعا و كان يصوم يوما و يفطر يوما، و قالت زوجته خديجة بنت عبدالله بن الحسين: [1] ما خرج من عندنا محمد يوما قط في ثوب فرجع حتي يكسوه، و كان يذبح كل يوم كبشا لأضيافه [2] و كان يسمي الديباجة لحسن وجهه و جماله. [3] .

و كان يري رأي الزيدية في الخروج بالسيف، و خرج علي المأمون في سنة 199 بمكة واتبعته الزيدية الجارودية. [4] .

و لما بويع له بالخلافة و دعا لنفسه، و دعي بأميرالمؤمنين، دخل عليه الرضا عليه السلام فقاله له: يا عم لا تكذب أباك و أخاك، فان هذا الأمر لا يتم، ثم لم يلبث قليلا حتي خرج لقتاله عيسي الجلودي فلقيه فهزمه، ثم استأمن اليه، فلبس السواد [5] و صعد المنبر فخلع نفسه و قال: ان هذا الأمر للمأمون و ليس لي فيه حق. [6] .



[ صفحه 119]



و لما أراد الموافقة مع جيش الجلودي أرسل الرضا اليه مولاه مسافرا و قال له: قل لا تخرج غذا فانك ان خرجت غدا هزمت و قتل أصحابك، و ان قال لك من أين علمت غدا فقل رأيت في النوم، فلما أتاه و نهاه عن الخروج و سأله عن سبب علمه بذاك و قال له رأيت في النوم، قال محمد: نام العبد فلم يغسل استه، فكان الأمر كما أعلمه به مسافر عن الامام. [7] .

و لما خلع نفسه و تخلي عن الأمر أنفذه الجلودي الي المأمون و لما وصل اليه اكرمه المأمون و أدني مجلسه منه، و وصله و أحسن جائزته، فكان مقيما معه بخراسان يركب اليه في موكب من بني عمه، و كان المأمون يحتمل منه مالا يحتمله السلطان من رعيته.

و أنكر المأمون يوما ركوبه اليه في جماعة من الطالبيين، الذين خرجوا علي المأمون في سنة 200 فأمنهم، فخرج التوقيع اليهم: لا تركبوا مع محمد بن جعفر و اركبوا مع عبدالله بن الحسين، فأبوا أن يركبوا و لزموا منازلهم، فخرج التوقيع: اركبوا مع من أحببتم، فكانوا يركبون مع محمد بن جعفر عليه السلام اذا ركب الي المأمون و ينصرفون بانصرافه. [8] .

و لما خرج علي المأمون جفاه الرضا عليه السلام و قال: اين جعلت علي نفسي ألا يظلني و اياه سقف بيت، و يقول عمر بن يزيد و كان حاضرا عند أبي الحسن عليه السلام: فقلت في نفسي هذا يأمر بالبر و الصلة، و يقول هذا لعمه، فنظر الي فقال: هذا من البر و الصلة، انه متي يأتيني و يدخل علي فيقول في فيصدقه الناس، و اذا لم يدخل علي و لم أدخل عليه لم يقبل قوله اذا قال. [9] .



[ صفحه 120]



و من معاجز أبي الحسن الرضا عليه السلام في شأن محمد أن محمدا مرض فأخبروا الرضا عليه السلام أنه قد ربط ذقنه، فمضي اليه و معه بعض أصحابه، و اذا لحياه قد ربطا و اذا اسحاق أخو محمد و ولده و جماعة آل أبي طالب يبكون، فجلس أبوالحسن عند رأسه و نظر في وجهه فتبسم، فنقم من كان في المجلس علي أبي الحسن، فقال بعضهم: انما تبسم شامتا بعمه، و لما خرج ليصلي في المسجد قال له أصحابه: جعلنا فداك قد سمعنا فيك من هؤلاء ما نكرهه حين تبسمت، قال أبوالحسن عليه السلام: انما تعجبت من بكاء اسحاق و هو والله يموت قبله و يبكيه محمد، فبري ء محمد و مات اسحاق. [10] .

و لما كانت خراسان دار مقره لم تخضع نفسه لوجود ذي الشوكة والتاج فيها - أعني المأمون - فكان اباؤه يأبي له من الرضوخ و ان كان سجين البلد و مغلوبا علي أمره، فانه أخبر يوما بأن غلمان ذي الرياستين [11] قد ضربوا غلمانه علي حطب اشتروه، فخرج متزرا ببردين و معه هراوة [12] يرتجز و يقول: - الموت خير لك من عيش بذل - و تبعه الناس حتي ضرب غلمان ذي الرياستين و أخذ الحطب منهم، فرفعوا الخبر الي المأمون، فبعث الي ذي الرياستين فقال: ائت محمد بن جعفر فاعتذر اليه و حكمه في غلمانك، فخرج ذوالرياستين الي محمد، فقيل لمحمد: هذا ذوالرياستين قد أتي، فقال: لا يجلس الا علي الأرض، و تناول بساطا كان في البيت فرمي به هو و من معه ناحية، و لم يبق في البيت الا وسادة جلس عليها محمد، فلما دخل عليه ذوالرياستين وسع له محمد علي الوسادة فأبي أن يجلس عليها و جلس علي الأرض فاعتذر اليه و حكمه في غلمانه.



[ صفحه 121]



و توفي محمد بن جعفر في خراسان فركب المأمون ليشهده فلقيهم و قد خرجوا به، فلما نظر الي السرير نزل فترجل و مشي حتي دخل بين العمودين فلم يزل بينهما حتي وضع، فتقدم و صلي عليه، ثم حمله حتي بلغ به القبر، ثم دخل قبره فلم يزل فيه حتي بني عليه، ثم خرج فقام علي القبر حتي دفن، فقال له عبدالله ابن الحسين و دعا له: يا أميرالمؤمنين انك قد تعبت اليوم فلو ركبت، فقال المأمون: ان هذه رحم قطعت من مائتي سنة.

و كان عليه دين كثير فأراد اسماعيل بن محمد اغتنام هذه الفرصة من المأمون ليسأله قضاء دينه، فقال لأخيه و هو الي جنبه والمأمون قائم علي القبر: لو كلمناه في دين الشيخ، فلا نجده أقرب منه في وقته هذا، فابتدأهم المأمون فقال: كم ترك أبوجعفر من الدين؟ فقال له اسماعيل: خمسة و عشرين ألف دينار، فقال له: قد قضي الله عنه دينه، الي من أوصي؟ فقالوا له: الي ابن له يقال له يحيي بالمدينة، فقال: ليس هو بالمدينة هو بمصر، و قد علمنا بكونه فيها ولكن كرهنا أن نعلمه بخروجه من المدينة لئلا يسوءه ذلك، لعلمه بكراهتنا لخروجه عنها. [13] .


پاورقي

[1] ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

[2] ارشاد الشيخ المفيد في أحواله: 286.

[3] كتب الرجال في ترجمته.

[4] الارشاد: 286.

[5] و هو شعار العباسيين، فكأنه أراد أن يجعل شعاره كشعارهم، أما العلويون فكان شعارهم الخضرة.

[6] بحارالأنوار: 47 / 246 / 5.

[7] الارشاد: 314.

[8] الارشاد: 286.

[9] بحارالأنوار: 47 / 246 / 4.

[10] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2 / 206 / 7.

[11] هو الفضل بن سهل وزير المأمون، و سمي ذا الرياستين لجمعه بين رياستي السيف و القلم.

[12] عصا.

[13] ارشاد الشيخ المفيد طاب ثراه: 287.


نهيه عن الولاية للظالمين


و طلب منه مولي من موالي جده علي بن الحسين عليه السلام أن يكلم والي المدينة - و هو داود بن علي - أن يدخل في بعض الولايات.

فقال عليه السلام:ما كنت لأفعل.

فظن الرجل أن امتناع الامام عليه السلام كان خوفا من أن يظلم أحدا ، فحلف له بالأيمان المغلظة أنه يعدل و لا يجور ، فكان جواب الامام عليه السلام أن قال له:تناول السماء أيسر عليك من ذلك . و قد أشرنا من قبل الي مواقفه ضد الحكام و أحكامهم ، و اعلانه المقاطعة لهم ، و علي هذا النهج سار أتباعه ، و طبعت مدرسته بهذا الطابع ، فكانت عرضة للخطر من قبل حكام الجور ، ولكنها واصلت كفاحها في سبيل ترسيخ مبادئها و اعلاء كلمة الحق ، و كان يحرص الحرص الشديد علي ازالة الشحناء من القلوب ، و بث روح الاخوة، فهو ينهي عن التهاجر و المقاطعة .

قال المفضل:سمعت أباعبدالله الصادق عليه السلام يقول:



[ صفحه 139]



لا يفترق رجلان علي الهجران الا استوجب أحدهما البراءة و اللعنة ، و ربما استوجب ذلك كلاهما .

فقال له معتب:جعلت فداك ، هذا حال الظالم ، فما بال المظلوم ؟ !

قال عليه السلام:لأنه لا يدعو أخاه الي صلته ، و لا يتغافل عن كلامه ، سمعت أبي يقول:اذا تنازع اثنان فعاد أحدهما الآخر فليرجع المظلوم الي صاحبه حتي يقول له:أي أخي أنا الظالم . حتي يقطع الهجران بينه و بين صاحبه ، فان الله حكم و عدل يأخذ للمظلوم من الظالم .

و قال جابر بن عون:ان رجلا قال لجعفر بن محمد الصادق عليه السلام:ان بيني و بين قوم منازعة في أمر ، و اني اريد أن أتركه ، فيقال لي:ان تركك له ذلة.

فقال عليه السلام:ان الذليل هو الظالم .


آثار هذا المنع


و الآن و بعد أن استعرضنا الآراء في توجيه نهي عمر بن الخطاب، لا بأس أن نستعرض آثار هذا المنع، فقد استعظم الامام شرف الدين آثار هذا المنع، فقال:

«و لا يخفي ما قد ترتب علي هذا من المفاسد التي لا تتلافي أبدا!... فان في السنة ما يوضح متشابه القرآن، و يبين مجمله، و يخصص عامه، و يقيد مطلقه، و يوقف اولي الألباب علي كنهه، فبحفظها حفظه، و بضياعها ضاع الكثير من أحكامه... اذ لو كانت السنن مدونة من ذلك العصر في كتاب تقدسه الامة لارتج و علي الكذابين باب الوضع، و حيث فاتهما ذلك كثرت الكذابة علي النبي صلي الله عليه و آله سلم، لعبت في الحديث أيدي السياسة و أهوائها، و عاثت به ألسنة الدعاية الكاذبة، و لا سيما علي عهد (معاوية) و فئته الباغية، حيث سادت فوضي الدجالين، و راج سوق الأباطل» [1] .

فمن جزاء هذا النهي عن الحديث، قال الشعبي: «قعدت مع ابن عمر سنتين، أو سنة و نصف، فما سمعت يحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الا حديثا واحدا» [2] .

و قال السائب بن يزيد: صحبت سعد بن مالك من المدينة الي مكة فما سمعته يحدث بحديث واحد [3] .



[ صفحه 236]



و في حياة النبي صلي الله عليه و آله و سلم أو حياة الامام علي عليه السلام اقتدت بعلي شيعته في التدوين، أو قل هديت لتنفيذ أمر الرسول صلي الله عليه و آله و سلم في تدوين الحديث و السنن.

يقول ابن شهرآشوب: أول من صنف في الاسلام الامام علي بن أبي طالب، ثم سلمان الفارسي، ثم أبوذر، و الاثنان من شيعة علي عليه السلام [علي الرغم من الحذر الشديد المفروض علي المسلمين في تدوين الحديث من قبل السلطات الحاكمة آنذاك].

و السيوطي يروي: أن عليا و الحسن بن علي ممن أبا حوا كتابة العلم بين الصحابة و فعلوها.

و ألف أبورافع مولي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و صاحب بيت مال علي عليه السلام في الكوفة السنن و الأحكام و القضاء. يقول موسي بن عبدالله بن الحسن: سئل أبي عن التشهد؟ فقال أبي: هات كتاب أبي رافع، فأخرجه فأملاه علينا.

أما علي بن أبي رافع، فكتب كتابا في فنون الفقه علي مذهب أهل البيت عليهم السلام - أي علي رأي الامام علي بن أبي طالب عليه السلام - و كانوا يعظمون شأن هذا الكتاب، و يحملون شيعته عليه.

و من الشيعة: زيد الجهضمي [4] ، حارب مع الامام علي و ألف كتابا يحوي خطبه.

و منهم: ربيعة عن سميع، له كتاب في زكاة النعم.

و منهم: عبدالله بن الحر الفارسي، له لمعة في الحديث جمعها في عهد الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم.



[ صفحه 237]



و منهم: الأصبغ بن نباتة، صاحب الامام علي عليه السلام، روي عنه عهده الي مالك الأشتر النخعي، و وصيته الي ابنه محمد بن الحنفية.

و منهم: سليم بن قيس الهلالي، صاحب أميرالمؤمنين علي عليه السلام، له كتاب في الامامة، و له مكانة عليا في المذهب من حيث الاصول.

و ذات يوم كان الحكم بن عيينة عند الامام الباقر عليه السلام يسأله، فقال: قم يا بني فأحضر كتاب علي، فأحضر كتابا مدرجا عظيما ففتحه، و جعل ينظر [فيه] حتي أخرج المسألة، و قال: هذا خط علي و املاء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أقبل علي الحكم و قال «اذهب أنت و سلمة حيث شئتم يمينا و شمالا، فو الله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبريل».

و عن الامام زين العابدين، رويت الصحيفة السجادية و المسماة بالصحيفة الكاملة، و عنه آلت الي الشيعة رسائل عديدة، منها: رسالة الحقوق، و رسالة الي ابن شهات الزهري، و غيرهما.

كان أول المستفدين بالتدوين الباكر اولئك الذين يلوذون بالأئمة من أهل البيت عليهم السلام، فيتعلمون شفاها أو تحريرا، فما تناقلته كتب الشيعة من الحديث هو التراث النبوي الصحيح في صميمه.

بلغ الشعية في يسر طوع لعلمهم الازدهار، في حين لم يجمع أهل السنة هذا التراث الا بعد أن انكب عليه علماؤهم قرنا و نصف قرن، حتي حصلوا ما دونوه في المدونات الاولي، و ظلوا قرونا اخري يجوبون الفيافي و القفار في كل الأمصار، فتطابقت السنة - في مجموعها - عند هؤلاء و اولاء، الا امورا لا تتصل بأصل الدين، و خلافات في الفروع.

و ربما كان اختلاف مذاهب أهل السنة فيما بينهم و بين أنفسهم أكثر ظهورا



[ صفحه 238]



في بعض المسائل من خلافهم فيها مع فقهاء الشيعة.

و اذا لاحظنا سعة المرويات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام حيث بلغت عشرات الآلاف من الأحادي عن الامام الصادق عليه السلام، فضلا عمن سواه من أئمة أهل البيت عليهم السلام، لتجلت لنا حقيقة القول بكفاية التراث الموثوق به عند الشيعة لحاجات الحياة.

كما أن توثيق الشافعي و مالك و أبي حنيفة و يحيي بن معين و أبي حاتم و الذهبي للامام الصادق عليه السلام، - و هم واضعو شروط المحدثين و قواعد قبول الرواية و صحة السند - فمن الحق التقرير بأن حسبنا أن نقتصر علي التفتيش عن رواة السنة عن الامام الصادق عليه السلام.

و الشيعة يكفيهم أن يصلوا بالحديث الي الامام، و لا يطلبون اسنادا فيما بعد الامام الصادق عليه السلام، بل لا يطلبون اسنادا فيما بعد الأئمة عموما، لأن الامام اما أن يكون راويا عن الامام الذي أوصي له، و اما أن يكون قرأ الحديث في كتب أبائه، اضافة الي ذلك فان ما يقوله الامام سنة عندهم، و هو ممحص من كل وجه، [فليست روايته للحديث مجرد شهادة به، بل هي اعلان لصحته].

و اذا كان ما رواه الامام الصادق، رواية عن الامام الباقر، و رواية عن الامام السجاد زين العابدين عن الامامين الحسن و الحسين و عن الامام علي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم سلسلة أخذها كابرا عن كابر، و هكذا يصح الحديث علي كل منهج، فالثلاثة الأولون من الأئمة و من الصحابة المقدمين، يروون عن صاحب الرسالة صلي الله عليه و آله و سلم، و يروي الامامان الحسن و الحسين عن أبيهم الامام علي عليه السلام و هو يروي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم.

و لا مرية، كان منهج الامام علي عليه السلام و من تابعه في التدوين من أولاده



[ صفحه 239]



و شيعته قد جلب خيرا كثيرا للمسلمين، فقد حافظ علي الشريعة المقدسة و السنة النبوية الشريفة من الضياع، و أقفل الباب دون افتراء الزنادقة و الوضاعين و أهل البدع و الغلاة.

فالسبق في التدوين فضيلة الشيعة، و لما أجمع العلماء بعد زمان طويل علي الالتجاء اليه، كانوا يسلمون بهذه الفضيلة - بالاجماع - لعلي و بنيه.

و السنة الشريفة، شارحة للكتاب العزيز، و هو مكتوب عندهم باملاء صاحب الرسالة صلي الله عليه و آله و سلم و بخط الامام علي عليه السلام، و السنة عندهم مدونة كالكتاب، و أقوالهم و أفعالهم هي مصاديق ناطقة عن السنة النبوية الشريفة.

و المحدثون من أهل السنة في القرون الاولي كانوا مضطرين لسماع لفظ الحديث من الأشياخ، أو عرضه عليهم، لأن السنن لم تكن مدونة عندهم، فكانت الرحلة الي أقطار العالم لأخذ الحديث عن العلماء و سيلتهم الأكيدة.

أما المروي عن الامام الصادق عليه السلام فكثير، منه رسالة في شرائع الدين، و وصاياه لولده الامام الكاظم عليه السلام، و رسالة في الغنائم و وجوب الخمس، و كتاب توحيد المفضل، و رسالة الي أصحابه، و رسالة الي أصحاب الرأي و القياس، و رسالة لمحمد بن النعمان، و اخري لعبدالله بن جندب، و رسالة في احتجاجه علي الصوفية فيما ينهون عنه من طلب الرزق، و رسالة حكم قصيرة، و كتاب الأهليليجة، و كتاب مصباح الشريعة، و رسالة في وجوه المعايش للعباد، و رسالة في وجوه اخراج الأموال، و الرسالتان الأخيرتان عملان أساسيان في منهج الاقتصاد و الاجتماع، يدلان دلالة قاطعة علي منهاج الامام في صلاح الدنيا بالعمل و العبادة معا، و ثمة رسائل علمية مقترنة بجابر بن حيان و غيره من تلاميذ الامام الصادق عليه السلام مدونين كبارا، فلقد عاشوا في عصر النهضة العلمية الكبري اعجب



[ صفحه 240]



بها العالم، و تبارت فيها يراعات المدونين و دارت عجلات التدوين بشكل لم يسبقه التأريخ.

و في عصر الامام الباقر عليه السلام أمر عمر بن عبدالعزيز بتدوين السنة و تابعه علماء الامة من أهل السنة.

و في عصر الامام الصادق عليه السلام، و بعد وفاته عام 148 دون أربعة آلاف من تلاميذه في كل علومه، و من جملتها ما يسمي ب«الاصول الأربعمائة» و هي أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف من فتاوي الامام الصادق عليه السلام و آبائه و أبنائه الطاهرين، و عليها مدار العلم و العلم من بعده.

و خير ما جمع منها الكتب الأربعة المعتبرة عند الشيعة، و هي مرجع الامامية في اصولهم و فروعهم الي اليوم:

1- «الكافي»

2- «من لا يحضره الفقيه».

3- «التهذيب».

4- «الاسبتصار».

و كتاب «الكافي» للشيخ الكليني أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ت سنة 329 ه)، أعظمها و أقومها و أحسنها وأتقنها، جميع ما فيه (190 / 16) حديثا ألفه الكليني في عشرين سنة.

أما كتاب «من لا يحضره الفقيه» فوضعه ابن بابويه القمي، محمد بن علي ابن موسي بن بابويه القمي، المقلب ب(الشيخ الصدوق)، دخل بغداد سنة (350 ه)، و مات بالري سنة (381 ه)، جميع فيه (963 / 5) حديثا، و هذا الكتاب من أهم مؤلفاته التي بلغت أكثر من ثلاثمائة كتاب.



[ صفحه 241]



أما كتابي «التهذيب» و «الاستبصار»، فوضعهما بعد نحو قرن (الشيخ الطوسي) محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفي في سنة (460 ه)، الملقب ب(شيخ الطائفة)، و كان فقيها في مذهبي الشيعة و أهل السنة، جمع في كتابه «التهذيب» (590 / 13) حديثا، و في كتاب «الاستبصار» (511 / 5) حديثا.

دخل شيخ الطائفة الطوسي بغداد سنة (408 ه)و استقر فيها في حياة (الشيخ المفيد) محمد بن نعمان المتولد سنة (336) و المتوفي سنة (413 ه) ألف كتاب شرح عقائد الصدوق و أوائل المقالات، و ألف نحوا من مائتي كتاب.

و تتلمذ الشيخ الطوسي بعد موت الشيخ المفيد للشريف المرتضي علم الهدي، فنجب في (مدرسة الشرف)، و في (دار العلم) التي أنشأهما الشريف المرتضي، و كان يجري عليه اثني عشر دينارا في الشهر، طوال مدة ملازمته له حتي وفاته سنة (436 ه)، و انتفع الشيخ الطوسي بكتب السيد المرتضي، و الكتب التي حوتها مكتبته، فألف في كل علوم الاسلام، و اجتهد الاجتهاد المطلق، فكان حجة في فقه أهل البيت و فقه أهل السنة علي حد سواء.

و من أجل اثار الشيخ الطوسي تدريسه في مجالسه، و أماليه في النجف الأشرف، في جوار مشهد الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و بهذا افتتح الطوسي عصر العلم في (النجف الأشرف) حتي صار صنوا للأزهر الأغر، الذي أقامته دولة من دول الشيعة - الفاطمية - و المعهدان - النجف الأشرف، و الأزهر الشريف - هما اللذان حفظا علوم الاسلام - علوم أهل البيت عليهم السلام -.

فالشيخ الطوسي، و السيدان الشريفان - الرضي و المرتضي - و الشيوخ الأجلاء - المفيد و الصدوق و الكليني - قد وصلوا ما انقطع من التأليف منذ عصر الامام الصادق عليه السلام حتي منتصف القرن الخامس ليستمر التيار في التدفق.



[ صفحه 242]



أما الشريفان - الرضي و المرتضي - فأبوهما الشريف السيد أبوأحمد الموسوي، نسبه الي جده الامام موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام بسبعة و سائط. و فيه قول ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة للشريف الرضي، كان أبوه الشريف أبوأحمد جليل القدر عظيم المنزلة في دولة بني العباس، و بني بويه، و لقب ب(الطاهر ذي المناقب) كما لقبه أبونصر بن بويه ب(الطاهر الأوحد) ولي نقابة الطالبيين عدة دفعات، كما ولي النظر في المظالم، و حج الناس مرارا علي الموسم، عاش الشريف أبوأحمد القرن الرابع الهجري (400 - 304) و كان يستخلف علي الحج ولديه - الرضي و المرتضي.

و الشريف الرضي مولود في سنة (359) و المتوفي في سنة (406) هجرية، هو شاعر العرب الشهير، و جامع «نهج البلاغه» المنتخب من خطب الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و تولي نقابة الطالبيين في حياة أبيه و من بعده، و تولي النيابة عن الخليفة العباسي، و ما انفرد بها في التأريخ غيره، فقد جمع بين نقابة الطالبيين الشيعية و بين الخلافة العباسية السنية.

و للشريف الرضي مؤلفات عظيمة في تفسير القرآن الكريم و غيره، منها:

1- تلخيص البيان في مجازات القرآن.

2- حقائق التأويل و متشابه التنزيل.

3- معاني القرآن.

4- مجازات الآثار النبوية.

5- خصائص الأئمة.

و غيرها من تأليفاته العليمة المهمة و المفيدة.

أما الشريف المرتضي علم الهدي المتوفي في سنة (436) هجرية، فيقول عنه



[ صفحه 243]



الثعالبي في «يتيمة الدهر» و هما متعاصران: انتهت الرياسة اليوم ببغداد الي الشريف المرتضي في المجد و الشرف و العلم و الأدب و الفضل و الكرم، و له شعر نهاية في الحسن، و مؤلفاته كثيرة، منها: أمالي المرتضي، و الشافي، و تنزيه الأنبياء، و المسائل الموصلية الاولي، و مسائل أهل الموصل الثانية، و مسائل أهل الموصل الثالثة، و المسائل الديلمية، و المسائل الطرابلسية الأخيرة، و المسائل الحلبية الأولية، و المسائل الجرجانية، و المسائل الصيداوية، و تآليف اخري كثيرة في الفقه و القياس.

و من أعظم آثار الشريف المرتضي انشاؤه «دارالعلم» ببغداد، و قد رصد الأموال عليها، و اجراؤه العطاء علي تلاميذه، و اطعامهم و اسكانهم، و كان يتبع «دارالعلم» هذه مكتبته التي تحوي علي أكثر من ثمانين ألف مجلد.

و حسبه شرفا أن يكون (شيخ الطائفة الطوسي) من تلاميذه و في آثار هذا السلف العظيم نتابع ركب العلماء و المؤلفين الفحول خلدوا الذين فقه الاسلام (فقه أهل البيت). انتهي...

أقول: و بانتقال «شيخ الطائفة الطوسي» رضوان الله عليه الي النجف الاشرف، و تأسيسه المدرسة الفقهية الكبري، بعد اجتياح جيوش التتر و احتلال بغداد وحرق الحرث و ابادة النسل و اتلاف التراث الاسلامي الضخم من كنوز الكتب العلمية و المؤلفات الخطية الفريدة في العالم و حرقها أو رميها في نهر دجلة حتي اسود لون مائه و ثلاثة أيام، و بعد الفتنة الكبري التي أثارها الغوغائيون من أهل السنة بدفع بعض علماء السوء المرتزقة، و بعد انتقال الشيخ الطوسي الي النجف الأشرف، فتحت أبواب جديدة لمدرسة «أهل البيت الفقهية»، و من بعده واصلت النجف الأشرف مسيرتها بقيادة تلاميذه العلماء الأبدال، كالشيخ ابن ادريس



[ صفحه 244]



و العلامة الحلي و الشيخ ابن فهد و المقدس الأردبيلي و غيرهم ممن جري بحثهم. في هذا الكتاب في فصل تأريخ الفقه الشيعي، فراجع لتقف علي التفاصيل. و الله ولي التوفيق.

من المصادر التي اعتمدها هذا البحث.

1- الامام جعفر الصادق - عبدالحكيم الجندي المصري، طبعة القاهرة، الصفحات 200 ، 185 ، 25.

2- الامام الصادق - السيد محمد جواد فضل الله، الصفحة 191، طبعة دارالزهراء - بيروت.

3- مجلة الفكر الاسلامي - العدد العاشر، السنة 1416، بحث الشيخ محمد هادي اليوسفي.

4- الامام الصادق و المذاهب الأربعة - للشيخ أسد حيدر.



[ صفحه 245]




پاورقي

[1] النص و الاجتهاد: 120، شرف الدين الموسوي، طبعة قم - اسوة.

[2] طبقات ابن سعد4 : 106، و سنن ابن ماجة1 : 8، و سنن الدارمي1 : 84، و السنن الكبري1 : 11.

[3] سنن ابن ماجة1 : 9، و سنن البيقهي1 : 12، و طبقات ابن سعد3 : 102.

[4] وقع تصحيف في الاسم، لعله زيد بن صوحان العبدي.


من أدعيته في رمضان كان 02


الامام الصادق عليه السلام، في شهر رمضان المبارك، يدعو بهذا الدعاء بعد صلاة ركعتين:

«يا ذا المن لا يمن عليك، يا ذا الطول لا إله إلا أنت، أنت ظهر اللاجئين، ومأمن الخائفين، وجار المستجيرين، إن كان عندك في أم الكتاب، أني شقي أو محروم، أو مقتر علي رزقي، فامح من أم الكتاب شقائي وحرماني، وإقتار رزقي، واكتبني عندك سعيدا موفقا للخير، موسعا علي في رزقك، فإنك قلت في كتابك المنزل، علي لسان نبيك المرسل صلواتك عليه: «يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب» وقلت: «رحمتي وسعت كل شئ» فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين، وصل علي سيدنا محمد وآل محمد..»



[ صفحه 133]



وكان يدعو بعد هذا الدعاء لنجاح ما أهمه [1] .


پاورقي

[1] الاقبال (ص 32).


الحرية


ان هذا المبدأ من المبادي ء، الأساسية للتقصي العلمي. و ان العلم في الغرب لم يسر في طريقه الا بعد أن أقر حرية الانسان ودك مبدأ السلطة، فلا سلطان الا للعلم و للبحث و للحقيقة. لا سلطان بعد اليوم للعبودية و السيطرة الدكتاتورية. و قد وقف الصادق من السلطة موقفا معارضا عرفناه عند الصادق في تأسيسه لمدرسته الثقافية التي تعزز العلم صاحب أعلي سلطة. فسلطة العلم هي التي تعود بالنفع للجماعة هذا ما عمل من أجل تحقيقه الصادق كما عرفنا من سيرته.


ابراهيم بن شعيب


إبراهيم بن شعيب الكوفي، التيمي.

إمامي مجهول الحال، وقيل كان واقفيا ممدوحا.

المراجع:

رجال الطوسي 145. تنقيح المقال 1: 19. خاتمة المستدرك 778. معجم رجال الحديث 1: 234 و 235. معجم الثقات 240. جامع الرواة 1: 22. نقد الرجال 9. مجمع الرجال 1: 48. أعيان الشيعة 2: 144. رجال البرقي 27. منتهي المقال 21. منهج المقال 22. تهذيب المقال 1: 338.


سعيد بن بيان (الهمداني)


أبو حنيفة سعيد بن بيان، وقيل بنان الهمداني، الكوفي، المعروف بسائق

الحاج، وقيل سابق الحاج. محدث إمامي ثقة، وقيل مهمل مذموم، وله كتاب. روي عنه عبيس بن هشام الناشري، ومحمد بن أبي عمير، ومحمد بن زياد وغيرهم.

المراجع:

رجال الطوسي 204. تنقيح المقال 2: 25. رجال الكشي 318. رجال النجاشي 129. رجال ابن داود 102. معجم الثقات 58. معجم رجال الحديث 8: 111. رجال البرقي 43. جامع الرواة 1: 359. رجال الحلي 80. توضيح الاشتباه 170. نقد الرجال 150. مجمع الرجال 3: 112 و 113. أعيان الشيعة 7: 233. بهجة الآمال 4: 347. فهرست الطوسي 188. منتهي المقال 146. منهج المقال 160 و 161. جامع المقال



[ صفحه 27]



70. ايضاح الاشتباه 42. التحرير الطاووسي 135. نضد الايضاح 154. أضبط المقال 514. وسائل الشيعة 20: 205. إتقان المقال 67. الوجيزة 35.


محمد بن إسحاق بن شرقا (العمري)


محمد بن إسحاق بن شرقا، وقيل في اسمه محمد بن إسحاق الشرقا القرشي، العدوي، العمري بالولاء، الكوفي. إمامي.

المراجع:

رجال الطوسي 282. تنقيح المقال 2: قسم الميم: 78. خاتمة المستدرك 840. معجم رجال الحديث 15: 69. نقد الرجال 292. جامع الرواة 2: 65. مجمع الرجال 5: 146. منهج المقال 282.


سخن امام صادق در نفي جسمانيت از خداوند


گمان مي رود كه شبهه ي تجسيم و اعتقاد به جسمانيت خداوند از ناحيه ي برخي از كفار وارد مباحث اعتقادي برخي از فرق مسلمانان شده باشد. بعضي از گروه هاي انحرافي مسلمانان كه بر ظواهر الفاظ جمود مي كنند به اين مسأله معتقد هستند.

ترديدي نيست كه كفار چون راهي براي دعوت مردم به انكار وجود خداوند نيافتند اين شبهه را [كه مساوي با كفر است] بين مسلمانان شايع نمودند. از اين رو، در سؤالات آن زمان ها اين شبهه زياد مطرح شده است و در بسياري از سخنان امام صادق عليه السلام نيز به آن پاسخ داده شده كه به گوشه هايي از آن اشاره مي شود.

امام صادق عليه السلام در پاسخ به شبهه ي ياد شده مي فرمايد: «جسم و صورت داراي حدود معيني است و هر چه داراي حد و اندازه باشد زياده و نقصان در آن راه دارد، و هر چه زياده و نقصان داشته باشد مخلوق خواهد بود.» سؤال كننده گفت: پس چگونه مي توان خدا را معرفي نمود؟ [و يا تصور كرد؟].

امام عليه السلام فرمود: «خداوند داراي جسم و صورت نيست، بلكه آفريننده ي اجسام و صورت هاست. او هرگز قابل تجزيه و محدود به حدود نيست و زياده و نقصان در او راه ندارد و اگر چنين باشد فرقي بين خالق و مخلوق و ايجاد كننده و ايجاد شده نخواهد بود، لكن خداوند كه آفريننده ي عالم است مخلوقي را كه آفريده جسم و صورت او را متمايز قرار داده است. از اين رو، خداوند به چيزي [از مخلوقات خود] شباهت ندارد و مخلوق او نيز به او شباهت ندارد.» [1] .

نگارنده گويد: اين سخن بسيار لطيف و ظريف و استدلالي محكم و داراي قوت و متانت است و نياز به توضيح و بيان ندارد.

امام صادق عليه السلام در سخن ديگري فرمود: «كسي كه گمان كند خداوند داخل در چيزي است و يا بر بالاي چيزي است و يا از محلي به محل ديگري حلول مي كند و يا چيزي بدون اراده ي او استقلال در وجود دارد و يا او مشغول به چيزي است، خدا را به اوصاف



[ صفحه 193]



مخلوق خود توصيف نموده است. در حالي كه او خالق هر چيزي است و با چيزي مقايسه نمي شود و شباهت به مردم ندارد و هيچ مكاني [از قدرت او] خالي نيست و نياز به مكان ندارد. او در حالي كه از جسمانيت منزه است از آنها جدا نيست؛ گر چه از آنها جداست و شباهتي به آنها ندارد، لكن [قدرت او] از آنها دور نيست [و آنها در وجود خود نيازمند به او هستند] اين گونه است پروردگار ما و جز او خداي نيست.» [2] .

نگارنده گويد: حقا كه توصيف امام صادق عليه السلام نسبت به ذات مقدس الهي بديع و شگفت آور است و جمله ي كوتاه آن حضرت كه مي فرمايد: «قريب في بعده، بعيد في قربه» نياز به قريحه و فهم ظريف و فوق العاده اي دارد. اين گونه سخنان از آن حضرت زياد نقل شده و ما به همين اندازه اكتفا نموديم.

يكي از مسايلي كه بايد به آن توجه شود اين است كه نفي جسم و صورت از ذات مقدس الهي مقتضاي حكم عقل نيز هست و در كتب كلام به طور كامل بيان شده و رسول خدا صلي الله عليه و آله و اهل بيت عليهم السلام نيز مطابق حكم عقل خداوند را از جسمانيت و صورت منزه دانسته اند و روايات فراواني از رسول خدا صلي الله عليه و آله رسيده كه ظواهر بعضي از آيات قرآن مانند: (ان الله علي العرش استوي) و (يد الله فوق أيديهم) و (فثم وجه الله) و امثال اينها را كه ظاهردر تجسم بوده روشن نموده است و اگر نقل آنها خارج از موضوع كتاب نمي بود بخش هايي از سخنان آن حضرت را در اين كتاب نقل مي كرديم، لكن براي نمونه تنها يكي از سخنان آن حضرت را در اين مسأله نقل مي كنيم:

ابن عباس مي گويد: يكي از يهوديان به نام نعثل خدمت رسول خدا صلي الله عليه و آله آمد و گفت: اي محمد! سؤالاتي از ديرزمان در سينه من جمع شده و مي خواهم از شما بپرسم و اگر شما پاسخ آنها را بدهيد من مسلمان خواهم شد. رسول خدا صلي الله عليه و آله به او فرمود: «اي اباعماره! از هر چه مي خواهي بپرس.»

مرد يهودي گفت: اي محمد! پروردگار خود را به من معرفي كن. [و براي من توصيف نما]. رسول خدا صلي الله عليه و آله فرمود: «خداوند را نمي توان توصيف نمود جز به آنچه او خود را به



[ صفحه 194]



آن توصيف نموده است.» سپس فرمود: «چگونه مي توان آفريدگاري را كه حواس انسان از درك ذات او عاجز است و فكر انسان به او راه پيدا نمي كند و آنچه به خيال او مي رسد او را محدود نمي نمايد را توصيف نمود؟ [چرا كه هر چه را انسان فكر كند خداي او نخواهد بود بلكه ساخته ي فكر او مي باشد] خداوند منزه است از آنچه مخلوق او را به آن توصيف نمايد.»

سپس فرمود: «او گر چه بر ما احاطه دارد [و از رگ گردن به ما نزديك تر است] ذات او براي ما قابل درك نيست. آري، او با اين كه از فهم ما دور است ولي [از جهت احاطه] از هر چيزي به ما نزديك تر است. او چون خالق كيفيت است نمي توان براي او كيفيتي معين نمود و چون خالق مكان است نمي توان مكاني براي او تعيين كرد. آري، او همان گونه كه خود فرموده است خداي احد و صمد است. و توصيف كنندگان نمي توانند او را توصيف نمايند. همان گونه كه فرموده است: (لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد). [يعني: «او زاييده ي كسي نيست و كسي از او زاييده نشده و مثل و مانندي ندارد.]».

مرد يهودي گفت: راست گفتي، اي محمد! لكن اين كه مي گوييد: او واحدي است كه شبيه ندارد به چه معناست؟ مگر ما نمي گوييم خدا يكي است و فلان انسان يكي است؟ بنابراين يگانگي او به انسان شباهت دارد.

رسول خدا صلي الله عليه و آله فرمود: «خداوند يگانه ي مطلق است و يكي است كه دو ندارد، در حالي كه انسان قابل تعدد است و جسمي است كه داراي بدن و روح و عرض [و طول و....] مي باشد و آنچه تو گفتي كه خدا يكي است و فلان انسان يكي است در لفظ است نه در معنا.» مرد يهودي گفت: راست گفتي، اي محمد! [3] .

نگارنده گويد: اين سخن رسول خدا صلي الله عليه و آله روشن مي نمايد كه خداوند در ذات و صفات خود منزه از شباهت به مخلوق است و قرآن نيز با بيان روشني اين معنا را اعلان نموده و مي فرمايد: (لا تدركه الابصار و هو يدرك الأبصار) [4] ؛ يعني: «چشم ها او را درك نمي كند و اوست كه چشم ها را درك مي نمايد.»



[ صفحه 195]



اكنون معناي آياتي كه ظاهر در تجسم است به وسيله ي اين آيات صريحه و سخن رسول خدا صلي الله عليه و آله كه نقل شد و سخنان ديگر آن حضرت و رواياتي كه از اهل بيت او عليهم السلام در اين موضوع نقل شده روشن مي شود و عقل نيز حكم مي كند كه خداوند منزه از شباهت به ممكنات و مخلوقات است.

بسيار شگفت آور است كه عده اي از مسلمانان به واسطه ي شبهه ي [تجسم يعني] جسم بودن خداوند، منحرف گشته و كوركورانه آن را پذيرفته و در مسايل توحيد و خداشناسي گمراه شده اند.


پاورقي

[1] كافي، باب النهي عن الجسم و الصورة، و توحيد صدوق، باب أنه ليس بجسم و لا صورة، ص 97.

[2] بحارالانوار ج 3 / 287.

[3] بحارالانوار ج 3 / 303.

[4] انعام / 103.


اسحاق بن جعفر


اسحاق مردي مؤمن و اهل فضل و صلاح و تقوا و كوشش در عبادت بود افراد زيادي از او نقل حديث و آثار نموده اند و يكي از راويان او به نام «ابن كاسب» هنگامي كه مي خواهد چيزي از او نقل كند مي گويد: «آن شخصيت مورد اعتماد و پسنديده، اسحاق بن جعفر عليه السلام چنين گفت.»

اسحاق از كساني بود كه بعد از رحلت امام صادق عليه السلام امامت برادر خود، موسي بن جعفر عليه السلام را پذيرفت و از جانب پدر خود امام صادق عليه السلام، امامت موسي بن جعفر را نقل نمود. همان گونه كه برادرش، علي بن جعفر، نيز امامت موسي بن جعفر عليه السلام را از پدر خود نقل نموده است. آري اين دو برادر بين مردم داراي فضل و تقوايي بودند كه احدي درباره ي آنان شبهه و اختلافي نداشت. [1] .

اسحاق بن جعفر از جمله شاهدان وصيت نامه امام كاظم درباره ي امامت حضرت رضا عليه السلام نيز مي باشد و از نشانه هاي فضيلت و تقواي او اين است كه از امامت حضرت رضا عليه السلام دفاع نموده؛ زيرا پس از رحلت حضرت كاظم عليه السلام، فرزندان آن حضرت وصيت نامه ي پدر خود، موسي بن جعفر، را همراه برادر خود، امام رضا عليه السلام، نزد قاضي بردند و بر ولايت او نسبت به خودشان اعتراف نمودند و عباس بن موسي به قاضي گفت:

در پايان اين وصيت نامه گنجي از طلا نهفته است و پدر ما مي خواسته كه آن محفوظ بماند و تنها به برادر ما علي بن موسي عليه السلام منتقل شود و پدر ما همه ي امور ما را در اختيار او قرار داده و ما را عيال او محسوب نموده است و اگر من قصد خودداري و حفظ اسرار را نداشتم، مقابل همه ي اينها خبر مهمي را به تو مي دادم. پس ابراهيم بن محمد بن اسماعيل بن جعفر برخاست و به عباس بن جعفر گفت: اگر چنين خبري را بدهي [يعني تصريح به امامت علي بن موسي الرضا عليه السلام كني] به خدا سوگند! ما آن را از تو نخواهيم پذيرفت و تصديق نخواهيم نمود و تو نزد ما سرافكنده و مورد سرزنش قرار خواهي گرفت. ما تو را به



[ صفحه 430]



كذب و دروغگويي در خردسالي و بزرگسالي معرفي خواهيم نمود و اگر در وجود تو خيري مي بود؛ پدر تو كه به ظاهر و باطن تو آگاه بود، تو را معرفي مي نمود در حالي كه او تو را نسبت به دو دانه ي خرما نيز امين نمي دانست. پس [با شنيدن اين سخنان] عموي او اسحاق بن جعفر [خشمناك گرديد] و گريبان او را گرفت و گفت: تو مرد سفيه و ضعيف و احمقي هستي كه ديروز آن گونه [با امام صادق عليه السلام] عمل نمودي و امروز نيز چنين مي گويي. پس همه ي مردم سخنان اسحاق را تأييد نمودند [و ابراهيم محكوم گرديد] [2] .

كساني كه از اسحاق روايت نموده اند - غير از ابن كاسب و ابن عيينه - بكر بن محمد ازدي و يعقوب بن جعفر جعفري و عبدالله بن ابراهيم جعفري و وشا [3] مي باشند كه همگي از راستگويان و افراد مورد اعتماد بوده اند.


پاورقي

[1] ارشاد مفيد، ص 289.

[2] كافي ج 1 / 318، باب النص علي الرضا عليه السلام.

[3] وشا، حسين بن علي بن زياد از اصحاب حضرت رضا عليه السلام است و روايت هاي او موثق مي باشند.